-

مقالات مختارة

تاريخ النشر - 10-03-2020 10:40 AM     عدد المشاهدات 548    | عدد التعليقات 0

الهوليوود في خدمة (إسرائيل)

الهاشمية نيوز -
فادي ابو بكر

منذ سقوط النازية قبل نحو 75 عاماً، ما زالت هوليوود (مصنع السينما العالمية) تنتج أفلاماً بغزارة حولها حتى اليوم الحاضر، علماً بأن فكرة معاداة السامية، التي اخترعتها الصهيونية آتت أُكلها، وبات المجتمع الدولي بكافة أطيافه وألوانه بمن فيهم العرب والمسلمين يتوخون الحذر من الوقوع في شركها على الرغم من الفرق الشاسع ما بين معادة السامية ومعاداة الصهيونية. وفي المقابل فإن الهوليوود تغاضى خلال كل هذه الأعوام الطوال عن الجريمة الصهيونية بحق الإنسانية التي تمثلت بميلاد احتلال على أرض فلسطين يُعتبر الأطول في العالم.
تؤكد إحدى الإحصائيات أن الأفلام الهوليوودية حول النازية وصلت إلى ما يقارب الـ 200 فيلم روائي طويل تقريباً، أي بمعدل ثلاثة أفلام سنوياً، ما يؤكد أن هناك برنامج وخطة معمول بها في هذا المجال، وإلا فما الفائدة من تبذير كل هذه الأموال الطائلة على ظاهرة لفظها التاريخ منذ أكثر من سبع عقود؟.
لطالما شكلت الهوليوود أداة فاعلة من أدوات قوة الولايات المتحدة الأميركية الناعمة، وأدّت دوراً مميزاً في إظهار وجه الولايات المتحدة الحضاري وفي تقديم صورة إيجابية لها، كما في التأثير بوعي الآخرين من الخصوم والحلفاء على حدٍ سواء. وفي هذا السياق يقول المفكر الأميركي جوزيف ناي في كتابه ( القوة الناعمة: وسيلة النجاح في السياسة الدولية): «لا يمكننا أبداً التقليل من أثر الهوليوود فالصور كثيراً ما تنقل القيم بصورة أقوى مما تفعل الكلمات وهوليوود هي أكبر مروج ومصدّر للرموز البصرية».
لم تكتفِ المنظومة السياسية الأميركية باتخاذ مواقف سياسية مؤيدة لإسرائيل ومعادية للشعب الفلسطيني، أو باعتماد تشريعات شكلت جزءً هاماً من القانون الأمريكي وشبكة قانونية معادية للحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني ولخدمة «إسرائيل» ومصالحها بكافة المعاني الاستراتيجية والتكتيكية، حيث إنها قامت بتطويع السينما الهوليوودية من أجل تمكين السلطة الصهيونية؛ التي ركبت موجة الهولوكوست والإنسانية لتبيع الإنسانية!.
وعليه يمكن القول بأن الإنتاج الهوليوودي هو استعمار سينمائي في خدمة المشروع الصهيوني، يشكل حاضنة أو عجينة أساسية لفرض الهوية الخاصة التي يريد الصهيوني أن يُصبغ بها، وفي نفس الوقت لفرض حالة الاستثناء التي تود الحركة الصهيونية خصخصتها على أصحاب البلاد الأصليين من الفلسطينيين.
آن الأوان لاستنهاض الفعاليات ذات العلاقة على مستوى إقليمي لمواجهة هذه البروباغندا السينمائية الموجهة، وتوجيه كل الجهود نحو الاستثمار في الشباب المبدع وإنتاجاته السينمائية ليواكب هذا العالم الذي يتسم بالتقدم التكنولوجي متزايد الكثافة والعولمة الآخذة بالاتساع. ولا بد من الإشارة هنا إلى أنه بالرغم من الإمكانات والقدرات الهائلة التي تُسخّر لخدمة المشروع الصهيوني، مقارنة بتلك الفلسطينية والعربية عموماً، إلا أن هناك عنصراً غاية في الأهمية لا يمتلكه الصهيوني، يتمثل في الشغف النابع من اليقين. حيث أن كل هذه الإمكانات والموارد والمليارات التي يدفع بها الصهيوني هي من أجل تغطية النقص المرتبط بمتلازمة «اللاأحقية» التي ستبقى مرضاً مزمناً يلازمه حتى زوال الاحتلال بكافة تمثلاته وتجلياته على الأرض.
* كاتب وباحث فلسطيني






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :