-

كتابنا

تاريخ النشر - 02-07-2019 10:57 AM     عدد المشاهدات 323    | عدد التعليقات 0

دولة الرفاه .. الصحة أولا

الهاشمية نيوز - د. محمد عبدالحميد القضاة
كلية الطب - جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية.
يُقاس الرفاه المجتمعي للشعوب والدول بحجم إنفاقها على خدمات الصحة والتربية والتعليم والأمن الغذائي والمائي والنقل, والأهم من الإنفاق هو جودة المنتج المُقدم للشعب بهذا الإنفاق.

كنت اقترحت على احد المسؤولين استحداث وزارة تسمى وزارة الرفاه المجتمعي. ورغم انه كان مقتنعا تماما بالفكرة إلا انه شكك بالقدرة على تنفيذها لسبب واحد, وهو ان الناس ستتهم الوزير بأنه بلا وزارة و أنه جاء بالبراشوت دون مبرر.

لا أملك القدرة الفنية للتحدث عن كل الملفات أعلاه, لكن ربما استطيع طرق بعض النقاط المتعلقة بالملف الصحي.

أول ما نحتاجه في الملف الصحي هو وزير انتحاري, غير مهتم أبدا بما بعد الوزارة, وغير مهتم إلا بنتيجة نهائية واحدة: جودة الخدمة الصحية المقدمة للمواطن في كل التجمعات السكنية. تأمين صحي شامل بجودة عالية وبتكاليف مناسبة.

كثيرة هي الاخطاء التي وقع بها بعض وزراء الصحة السابقين, آخرها على الأقل هو مشكلة العقود للأطباء المقيمين وإلغاء دوام يوم السبت في المستشفيات الحكومية. ولكن المعيق الأكبر لكل خطوات الاصلاح الصحي هو رفض المستفيدين من الوضع الحالي لأي تغيير, وهم كثر للأسف.

من أهم خطوات الحل هو إعادة احياء المؤسسة الطبية العلاجية و جعلها مسؤولة اداريا عن كل الكوادر البشرية والخدمات الصحية في مستشفيات الصحة والخدمات الطبية الملكية والمستشفيات الجامعية والمركز الوطني للسكري ومركز الحسين للسرطان.

هذه المؤسسة ستكون مسؤولة عن تقديم الخدمة الصحية لكل المواطنين في كل المستشفيات, وستكون الطريقة الوحيدة لسد النقص في كل التخصصات, بحيث يغطي جميع الاطباء في المستشفيات المذكورة اعلاه الخدمة الصحية في كل مناطق المملكة,و كلٌ حسب تخصصة وحسب حاجة المنطقة السكنية له.

المؤسسة التي لا تقل أهمية عن المؤسسة الطبية العلاجية هي المجلس الطبي الأردني, والذي يجب ان يتسلم أمانته شخصية طبية متميزة تضمن جودة التدريب الطبي والصحي في كل مؤسسات التدريب من مستشفيات الصحة والجيش والجامعات والمستشفيات الخاصة, وتحافظ على هيبة امتحان الاختصاص الاردني.

المجلس الطبي الأردني صمام أمان حقيقي لجودة الخريجين في القطاع الصحي, ويجب ان يتوسع عمله ليشمل تغطية التدريب في التمريض والصيدلة ود.صيدلة والعلوم الطبية المخبرية وذلك لضمان جودة الخدمة الصحية على كل المستويات.

عندنا في الأردن مجلس اعتماد المؤسسات الصحية, وهو مؤسسة معروفة على مستوى المنطقة وتملك مؤهلات وقدرات عالية على ضبط الجودة, فما الذي يمنع ان تنبثق من المجلس هيئة رقابية عليا تمتلك ضابطية وقادرة على المحاسبة او التوصية بالمحاسبة لأي مؤسسة عامة او خاصة لا تقوم بتقديم الخدمة الصحية للمواطن بشكل مناسب.

النقابات الصحية للأسف انشغلت بخدمة منتسبيها أكثر بكثير من خدمة المواطن صحياً, علماً انها اخلاقيا يجب ان تساوي بين الخدمتين. نحتاج لمجلس نقابات صحية معني بجودة الرعاية الصحية ومعني بجودة حياة مُقدمي الرعاية الصحية.

نمتلك في الأردن كل المقومات لافتتاح صيدليات حكومية لبيع الأدوية المحلية للمواطنين بأقل الأسعار, وهذا سيكون مصدر تخفيف عليهم دون الحاجة للانتظار طويلا على ابواب المستشفيات ودون المعاناة من بعض الصيدليات التي لا يتوفر فيها المنتج المحلي.

ونمتلك في الاردن القدرة على تطبيق اللامركزية في الخدمات الصحية العليا مثل معالجة مرضى السرطان. فبدل ان نجلب جميع المرضى لعمان او اربد للحصول على العلاج, نستطيع افتتاح وحدة علاج كيماوي في كل مستشفى حكومي في مدن المملكة, وانتداب مركز الحسين للسرطان والمستشفيات الجامعية لتغطية الخدمة هناك.

وزارة الصحة يجب ان تتفرغ اكثر للتحول نحو نظام الرعاية الصحية الأولية, والمؤسسة الطبية العلاجية يجب ان تتفرغ لتقديم الخدمة الصحية في كل المستشفيات في الاردن بجودة عالية وبمشاركة كل الكوادر الصحية المنتسبة لكل المؤسسات الطبية الحكومية.

كل الكوادر الصحية يجب ان تتوجه نحو تشجيع برامج الاختصاص في طب الأسرة والطب النفسي, وهذه من اهم الخطوات لدعم التوجه نحو نظام الرعاية الصحية الأولية والتأمين الصحي الشامل ذي الجودة العالية لكل المواطنين.

حتى القطاع الخاص الذي أفرطنا باتهامه بالجشع بسبب بعض الحالات الاستثنائية, ستجدونه من اكثر القطاعات تعاونا مع وزارة الصحة ولن يبخل اغلب الاخصائيين في التطوع ولو ليوم لخدمة المؤسسات الصحية الحكومية. المهم انا نجد صيغة لهذه الخدمة وستجدونهم أول المتطوعين للعمل.

نستطيع فعل كل هذا, بنفس التكاليف التي ندفعها الآن على ميزانية الصحة. المهم ان ننوي ونخطط جيدا, وان نفكر في مصلحة المواطن والوطن قبل ان نفكر في مصلحتنا الشخصية.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :