أسراب الفراشات تعبر سمـاء الأردن

الهاشمية نيوز - للمرة الأولى منذ عقود شاهد المواطنون بمحافظة اربد وقراها والويتها ظاهرة غير مسبوقة تتمثل بانتشار الالاف من اسراب الفراش التي تملأ اربد بكل مكان وقرية وحارة، حيث يزين الفراش سماء اربد منذ ايام وينتقل من مكان إلى آخر؛ وهو الامر الذي اثار فضول المواطنين الذين بدأوا بالسؤال عن هذه الظاهرة الفريدة التي تحصل للمرة الأولى منذ عقود.
وقال رئيس جمعية التنمية للإنسان والبيئة الأردنية في لواء الكورة بمحافظة اربد والباحث والخبير البيئي الدكتور احمد جبر الشريدة «للدستور» ان الاردن شهد خلال اليومين الماضيين عبور الملايين من فراشات Vanessa cardui المعروفة بـ»السيدة الملونة» في مختلف مناطق المملكة.
واوضح ان هذه «فراشات مهاجرة، تهاجر سنويا مع بداية الربيع ضمن أسراب متجهة من شمال أفريقيا نحو أوروبا، إلا أن كثافة السرب يختلف من سنة الى اخرى وفقا للظروف المناخية خصوصا الرياح ودرجات الحرارة».
وزاد انها فراشات غير مضرة ولا تشكل خطرا على الزراعة؛ لأن اليرقات تتغذى فقط على العديد من النباتات البرية.
وتزور الفراشات البالغة، الزهور بحثا عن الرحيق وتساهم بذلك في تلقيحها. كما تشكل يرقاتها غذاء للعديد من الطيور والمفترسات والطفيليات، فيكون لها دور بارز في التوازن البيئي.
واضاف الدكتور شريدة ان هذه الفراشات البالغة تعيش بين اسبوعين و 4 أسابيع خصوصا في مناطق ذات مساحات مفتوحة وواسعة كالبراري والغابات، تتزاوج محليا وتضع البيوض كما ينفق بعضها خلال رحلتها الطويلة.

واعتبر ان هذا الحدث هو ظاهرة جميلة قد يقصدها السواح من دولة لأخرى، وهي شرف لكل شخص شهدها في حياته، وهذا الكم من الفراش غير ضارٍ أبداً، لا لمحاصيلنا ولا لبيئتنا.
ولفت الى ان « فراش الخبيزاء» والشهير بـ (painted lady) أي «السيدة الملونة» وعلمياً Vanessa cardui هو منتشر في معظم مناطق العالم، وهو من أنواع الفراش القليلة التي تقوم بالهجرة، وقد جاءنا هذه الأيام من الجزيرة العربية، في طريق هجرته إلى أوروبا، فكان يأتينا من الجنوب، ويكمل فوق الجبال الساحلية وحتى فوق ماء البحر متجهاً شمالا.
وبين ان سبب أعداده الضخمة هذه، هو ما حصل في صحاري الجزيرة العربية، إذ هطلت أمطار غزيرة غير اعتيادية، منذ أول الشتاء، فحولت كثيراً من صحاري السعودية والأردن وسورية إلى مروج خضراء ضخمة، وتفتحت أزهارها بكثرة، وفقس الفوج الأول من هذا الفراش، وعاشت أفراده بالملايين، لتتزاوج هي الأخرى وتعطي جيلاً ثانياً بأعداد بالمليارات، فكلّ فراشة من هذا النوع تضع حوالي 500 بيضة، وهذه شكلت إنفجاراً سكانياً بين نوعها، وهذا حرّض لديها غريزة هجرتها الجماعية ( قد لا تهاجر في بعض السنين، إذا ماكانت أعدادها قليلة) وهجرة هذا الفراش تختلف عن هجرة الطيور المعروفة، فهي هجرة حقيقية، أي هجرة بلا عودة، وقد يموت الفراش في المهجر، وحتى أنّه قد يكمل طريق الهجرة الجيل التالي منها، أي قد يهاجر فوج إلى تركيا، فيبيض فيها ويموت، وأولاده يكملون الهجرة إلى بلغاريا مثلاً، ويبيضون ويموتون هناك، وهذا الفراش الأرجح أنّه لا يهاجر عائداً جنوباً في الخريف اي انه عندما يهاجر يستوطن، فالباحثون والدارسون لهم، لم يشهدوا هجرة عودة لهم.
وبين الدكتور الشريدة ان هذه ليست هجرة كما عند الطيور ذهاباً وإياباً، وأصلاً طول حياة هذا الفراش لا يسمح بذلك، لها مدة معينة للعيش، ويحتاج البيض 15 يوما ليفقس، ثم يحتاج اسابيع للشرنقة، من ثم خروج الفراشة من الشرنقة، وتعيش الفراشة لحوالي 20 يوماً. فهي تتزاوج أثناء طيران هجرتها، فترى الذكر منها، وقد تتبع الإناث من واحدة لأخرى، ساعياً للتزاوج معها.
واضاف الدكتور شريدة لم نلحظ ولا أنثى واحدة حطت على الأعشاب لتضع بيوضها، وانّما يحط بعضها القليل ولثوانٍ فقط، يلقف رحيق أزهارٍ في طريقه، ويكمل هجرته، فوضع البيوض، وكما يبدو، متروك لمحطة رئيسية قادمة في الشمال، وبالحقيقة أنّ دود هذا الفراش لا يتغذى فقط على نبتة الخبيزاء البرّية كما يشيع البعض، وإنّما على نباتات «الفصيلة النجمية» (Asteraceae) وهذه فيها آلاف الأنواع،.
واشار الدكتور الشريدة ان البحوث اظهرت 300 نوع نبات حتى الآن تقتات دودة هذا الفراش عليها، ولكن نؤكد أنه لاداعي أبداً لقلق المزارعين، أو الاشخاص المهتمين بالبيئة؛ لأن هذا الفراش يأكل من رحيق الأزهار، ويساهم في تلقيحها.