-

المجتمع والناس

تاريخ النشر - 27-03-2019 09:26 AM     عدد المشاهدات 363    | عدد التعليقات 0

في مخيم سوف .. أسرة قوامها زوجان وستة أطفال يصارعون العوز والبرد

الهاشمية نيوز - لا احد يعلم عن الحال إلا الله، حين يغلق أبو العبد الأربعيني في مخيم سوف بقايا باب بيته على أسرته التي قوامها زوجان وستة أطفال أكبرهم في التاسع الأساسي، وحكاية اليوم ليست كأي حكاية؛ لان في تفاصيلها ألف حكاية وحكاية وفي عيون ستة أطفال الهام للكلام وألوان البؤس والكثير من الحرمان.
جئنا الى أسرة أبو العبد في مخيم سوف استأذنا بالدخول إليها ومنذ أن تدخل الباب تقرأ الحكاية الأولى دون أن ينبس أي من أفرادها بأي كلمة، ففي المساحة المتاحة أمام غرفة المأوى أشياء تنبيك عن أولى حكايات هذه الأسرة، ولعل الصور الملتقطة هنا تخبر عن معجزة الحياة بمثل هذه الظروف التي يعيشون بها، فالبيت بالمناسبة ليس ملكا وإنما مستأجر بمبلغ 50 دينارا بحسب ما قاله أبو العبد، فتلحظ الكثير من بقايا وأشياء ربما تستخدمها هذه الأسرة ولكن كيف ؟ ولماذا ؟ فليس لدي إجابة، واحبال علقت عليها ملابس الأطفال وعلى ما يبدو أن هذا اليوم يوم غسيل عند أم العبد « الصور كما قلت ابلغ من أي كلام .
تدخل مباشرة إلى غرفة المأوى وهنا أم الحكايات؛ فالسقف من مادة الاسبست، ولان الجو كان ماطرا كان على من يدخل الغرفة أن يتحاشى الدلف الذي يتساقط على من فيها، وهنا لا أتحدث عن مدفأة في تلك الغرفة التي روى لي رب الأسرة أنها قليلا وربما نادرا ما تشغّل فلا غاز هنا ولا كاز، إلا من بقايا أعواد لطرد البرد من تلك الأجواء عل الأطفال ينامون ليلتهم تلك.
وننتقل من تلك الغرفة إلى بقايا غرفة هي للمؤونة، وأقول بقايا غرفة؛ لان مادة الزينكو التي سقفت بها تستطيع أن ترى السماء من خلالها، فلا حاجب للمطر من الدخول بكامل أريحيته إلى قلبها، أما موجوداتها فهناك «فتوغاز « ما أتمناه أن تركزوا على مشاهدته في الصورة الجانبية فله حكاية أخرى غير كل تلك الحكايات وقصة كاملة خاصة به، فمن يراه يرى تاريخا من التعب والمعاناة، ويرى كيف تعيش هذه الأسرة .
أبو العبد في عهدته مهنة خباز وكان ذات يوم تبارك الرحمن يعمل مع شركاء استأجروا مخبزا للعمل فيه في جرش فكان لا بد من الحصول على قرض بمبلغ ألفي دينار لإنجاح المشروع وبأقساط شهرية تبلغ 137 دينارا واستمر الحال إلى ما قبل ستة أشهر فحدث ما لم يكن بالحسبان؛ تعثر المشروع، وتعطل ولكن الأقساط مستمرة وعند استحقاقها كان مصير أبو العبد السجن وكان لا بد لتخليص أبو العبد من السجن أن تقوم زوجته بالتوقيع على شيك قدره 618 دينارا والتي أصبحت مهددة الآن هي بالسجن لقاء توقيعها على الشيك.
والقصة ما زالت مستمرة وأمام واقع الأطفال وهذه الأسرة من البحث عمن يعيلها، ففتح الله عليهم بمحسن يقدم لهم دعما قدره عشرون دينارا بين الحين والآخر.
سألت أبو العبد هل تتقاضون أية مساعدات من صناديق المعونة؟ فكانت إجابته بالنفي، وعن سبل العيش كيف تتم؟ أجابني كما ترى.
وفي جعبة أبي العبد سؤال لم أتمكن من الإجابة عنه، حين سألني عن أي عمل يمكن أن يقوم به لسد رمق أسرته، وقد أوصدت في وجهه كل الأبواب إلا باب الله .
وتستمر الحكاية وحين هممت بمغادرة منزل أبو العبد كانت هناك رقعة غرست فيها دالية وشاء الله لها أن تعيش وتتمدد، فكانت علامات الصحة بادية عليها وكأنها شاهدة على حياة هذه الأسرة وتلك إلام التي تضم أطفالها إلى صدرها لتطفئ بحنانها ظمأهم وجوعهم وحاجاتهم وتستبدل بنور عينيها ضوء سلك الكهرباء الذي فصل عنهم؛ لان الفواتير تراكمت عليهم، فكانت هذه النتيجة التي ينتطرها عداد مياه الشرب.
غادرت المنزل وفي نفسي سؤال وفيه ألف ألف سؤال استلها من عيون أطفال هذه الأسرة الذين ترى في بريق عيونهم الأمل بان الغد القادم ربما يكون أجمل، ونسوقها حكاية لعل بين مفاصلها من يتوقف عن السرد ويرد الظمأ ويشعل النور ويغطي السقف وينشر البسمة على وجوههم.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

عـاجـل :