لوحات يرسمها الرعاة مع شياههم وخرافهم في بساتين جرش

الهاشمية نيوز - خرج الرعاة اليوم مبكرا مع شياههم يغنون للحياة، والاجراس المعلقة باعناق الخراف تحكي قصة الحركة والمكان والدفء وحنان الرعاة عليها وسط الربيع الذي راح يتفتح بعد ايام دفء حلقت فيها الشمس في كبد السماء؛ فانطلقت معها الطيور مغادرة اعشاشها وسط هذا البهاء الالهي.
في جرش اليوم حكاية طريفة ولطيفة بين البساتين والارض البكر التي لم يشقها الفلاح بمحراثة بعد؛ لانها كما يقولون « غرق « ولم توفر ارضها، فكان ربيعها وجبة طرية شهية للشياة والخراف التي حبستها الامطار طيلة الفترة الماضية.
وانا اقطع المسافة بين البوابة الشمالية من مدينة الاثار الى موقع البركتين الجميل والذي زاده جمالا انفجار نبعة من وسطهما ففاض بالمياه العذبة، وعلى جانب الشارع الممتد هناك كانت الارض تغص بالربيع، وعلى امتدادها رسمت شياه الرعاة لوحة جميلة، لوحة تغني فيها للحياة، لتعود مساء وقد امتلأ الضرع حليبا ربيعيا شهيا للآكلين.
وبين طيات الكتب والشعر يستوقفني الشاعر ابو القاسم الشابي الذي رسم اللوحة الأعظم بهاء وجمالا لهذا المشهد ومنها تلك القصيدة الرائعة يقول :
أقبل الصبح جميلا يملأ الأفق بهاه
فتمطى الزهر والطير، وامواج المياه
قد أفاق العالم الحي، وغنى للحياه
فأفيقي ياخرافي، وهلمي يا شياه
واتبعيني يا شياهي، بين أسراب الطيور
املاي الوادي ثغاء، ومراحا وحبورا
واسمعي همس السواقي، وانشقي عطر الزهور
وانظري الوادي، يغشيه الضباب المستنير
واقطفي من كلإ الارض ومرعاها الجديد
واسمعي شّبابتي تشدو، بمعسول النشيد
نغم يصعد من قلبي، كأنفاس الورود
ثم يسمو طائرا، كالبلبل الشادي السعيد
لن تملي ياخرافي، في حمى الغاب الظليل
فزمان الغاب طفلٌ لاعب عذب جميل
وزمان الناس شيخ عابسُ الوجه ثقيل
يتمشى في ملال فوق هاتيك السهول
تلك هي جرش اليوم في هذا الموسم المبشر بالخير لوحات تتداخل الوانها بكل دقة واتقان ابدعها خالقنا العظيم لتشكل موسما بهيا للزائرين لقضاء سحابة يوم استراحتهم بين مشاهد الطبيعة ولوحات جداول المياه والرعاة وهم ينشدون لشياههم وخرافهم.