-

مقالات مختارة

تاريخ النشر - 15-01-2019 10:52 AM     عدد المشاهدات 434    | عدد التعليقات 0

أطفال غزة لا يعرفون اللحمة!

الهاشمية نيوز -
رشاد ابو داود



اللحوم انواع، لحم الخروف ،الماعز، البقر، اضافة للحم الجمل الذي يُؤكل في البوادي و الصحارى، ولحم الغزال الذي يُؤكل في القصور والفلل والنوادي الفخمة ولا يعرفه الناس الا انه ذاك الحيوان الرشيق الانيق السريع قليل الشحم. أما الاغلبية الفقيرة فأطفالها يعرفونه في صغرهم وهم يتعلمون الحروف الهجائية ويرددون وراء المدرس : ب..باب، خ...خباز، غ...غزال. وهنا تنتهي علاقتهم بالغزال حتى يهرمون ثم يموتون.
عادي أن لا تكون تذوقت طعم لحم الغزال في حياتك. وعادي جداً أن لا يكون ابنك، الذي بلغ من عمره خمس سنوات، لم يذق طعمه بعد، وربما لن يتذوقه في حياته ان استمر الحال على هذا الحال. لكن ليس عاديا أن يبلغ طفل الخامسة دون أن يعرف ما هي اللحمة، لا لحم الخروف ولا البقر ولا الماعز فما بالك بالغزال ؟!
لا، لا تتسرع. الطفل الذي نتحدث عنه ليس نباتياً ولا مصاباً بفقر الدم بل «غزاوياً « يعيش حيث يعيش مليونا فلسطيني تحت الحصار الاسرائيلي العربي «الأخوي « في زمن فقر النخوة والشهامة والانسانية.وهذه ليست قصة من نسج الخيال بل واقعاً مصوراً لم تزل تتداوله وسائل التواصل الاجتماعي ليصور الواقع المأساوي الذي يعيشه اهل غزة منذ اكثر من عشر سنوات.
في احدى مناطق غزة يسأل الصحفي طفلا يبدو انه في الخامسة : متى آخر مرة اكلتوا لحمة ؟ يصفن الطفل ثم يجيب : شو يعني لحمة ؟ يصاب الصحفي بصدمة. يتكىء على الحائط، تحمر عيناه، ينكسر صوته كابريق فخار يسقط على الارض، يلملم مشاعره ويكمل : ايش في ؟ لوين رايحين ؟ هذا الرجل شو يعمل، يشحد ؟ يمشي في الشوارع ؟ يموتوا اولاده من الجوع ؟ مشيراً الى والد الطفل الذي كان يمسح دموعه كطفل يتيم. أليس من تتركه امته بين انياب الذئب ايضا يتيم ؟!
غزة نفسها يتيمة منذ 2007 حين فرضت اسرائيل الحصار على القطاع الذي يضم حوالي مليوني انسان، ولاسباب سياسية انضم الى الحصار اخوة و اشقاء.
اللجنة الشعبية لرفع الحصار عن غزة قالت في تقريها الاخير إن نصف سكان القطاع يعيشون على المساعدات الإنسانية، بعد أن وصلت نسبة الفقر إلى 80 ٪.فيما تجاوزت نسبة البطالة 50 ٪.
و تظهر المعطيات أن ما نسبته 72 ٪ من سكان غزة يعانون من نقص حاد في مستوى الأمن الغذائي، فيما تصل نسبة الاستهلاك إلى 137 ٪ من قيمة الدخل.
أما على صعيد التعليم، فإن 426 مدرسة في قطاع غزة تعمل بنظام الفترتين وبسعة 37 طالبا للشعبة الدراسية الواحدة، نظرا لشح عدد المدارس.
وفي غزة الآن 4950 منزلا ما زال مهدوما أغلبها تم تدميره في الحروب الإسرائيلية الثلاث، دون احتساب المنازل التي دمرت وأعيد إعمارها.وهناك 5100 بيت غير لائق للسكن، ويعجز أصحابها عن ترميمها بسبب الفقر.
وورد في التقرير أن ما نسبته 95 ٪ من المياه في غزة ملوثة ولا تصلح للاستخدام الآدمي، فيما تنقطع خدمة الكهرباء عن بمعدل 18 ساعة إلى 22 ساعة يوميا.
وقد تفاقم سوء الأوضاع الاقتصادية والمعيشية لأهل القطاع، مؤخراً، بعد تعثر جهود المصالحة الفلسطينية وسحب السلطة موظفيها من معبر رفح مع مصر.
غزة لا تريد ان تأكل اللحم يومياً ولا حتى اسبوعياً، تريد فقط أن يعرف جيل الحصار..ما هي اللحمة!






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :