-

المجتمع والناس

تاريخ النشر - 02-08-2018 09:21 AM     عدد المشاهدات 342    | عدد التعليقات 0

المقاهي (متنفس) الشباب للترفيه وسرد الهموم

الهاشمية نيوز - أصوات كثيرة مختلطة، كالضحكات العالية، وبعض المشاجرات الخفيفة بين الأصدقاء، وصوت حجر النرد والحجارة تطرق طاولتها، ونزول عدد من أوراق اللعب "الشدة" باستمرار لتكوين "الهند أو الطرنيب أو التريكس"، وفرقعات النرجيلة ودخانها الكثيف الذي يغطي المكان، كل هذه الصور توجد في مقاهي الشباب.
أما أكثر ما هو مطلوب في ذلك المكان المكتظ هو صبي الفحم، فينادي الجميع عليه لطلب "النارة"، ولا تتوقف الزيارات الشبابية لهذا المكان الخاص بهم، والذي يتميز على حد تعبير الكثير من الشباب بأنه مكان خاص بهم، وله طابع معين ومحمس بأسعار زهيدة نوعا ما.
يبين زهير خالد بأنه لا يمر يومه من دون زيارة القهوة القريبة في مكان سكنه، فبعد انتهاء دوام عمله يعود للمنزل، لرؤية عائلته والجلوس قليلا معهم، ومن ثم تبدأ رسائل "الواتس آب" على جروب خاص أطلق عليه "شباب الليل"، يتم من خلاله تحديد من يتواجد في القهوة بتلك الساعة، ومن ينوي الذهاب.. وهكذا.
ويؤكد زهير أن الساعات التي يقضيها مع أصدقائه في القهوة هي أوقات خاصة به، يرفه عن نفسه ويتحدث مع أصدقائه ويستعيد نشاطه بعيدا عن ضغط العمل وأزمة السير اليومية وطلبات العائلة.
ويضيف أنه يعود إلى المنزل بمزاج جيد، مما يجعله يستقبل ما يتلقاه من يومه بسعة صدر، كما يهيء نفسه لنهار عمل مزدحم في اليوم التالي.
الكثير من الأحاديث والنقاشات تدور في تلك المقاهي بمتعة كبيرة، حتى أثناء تبادل المواضيع الخاصة بضغوطات الحياة والأزمات والمهموم.
ومن رواد المقاهي أيضا، تيسير عواد الذي يؤكد أن الجلوس في المقاهي برفقة الأصدقاء لا يمل منه، حتى وإن كان الشخص مهموما، فسماع الضحكات ورؤية الأصدقاء واللعب يرفه ويحسن المزاج.
وعن الأحاديث التي ترافق الشباب أثناء جلوسهم في المقاهي، يفصح تيسير أنها متنوعة، لكن الرياضة وموضوعاتها تتصدر هذه الجلسات، حتى متابعة المباريات وتحديدا إن كانت بين الفرق المهمة، فتبدأ التحليلات الرياضية والتوقعات، والتعليقات على الأداء وأمنيات الفوز لأحد الفرق.
ويضيف، ومن الممكن أن يتحول ذلك النقاش والتشجيع لمشاجرة عابرة بين الأصدقاء في حال انقسامهم في التشجيع ضد بعضهم، لكنها سرعان ما تتلاشى.
ومن المواضيع التي تحتل حيزا مهما في تلك الأحاديث، "حال البلد" حسب وصف غالب محمود، فالجلوس بالمقهى يتيح مجالا للتحدث بأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
ويذكر في ذلك أمثلة، ما يتم تداوله عن النقاشات في دورات مجلس النواب، وموضوع منح "الثقة"، إلى جانب ما يدور في الشارع من حديث سياسي.
أما المواضيع الاقتصادية والظروف المعيشية التي يعيشها الشباب، فتطرح واقع حال الشباب الباحث عن عمل مناسب، ومواعيد استلام الراتب، وما يترتب عليهم من إلتزامات، وغلاء المعيشة، والظروف الطارئة التي تواجه كل منهم، مثل عطل السيارة في منتصف الشهر.. وأحيانا يصل الحديث بينهم لعمل "جمعية" لحل بعض مشكلاتهم.
ويرى غالب أن التفكير والإحساس بالآخرين يمكن أن يطرح في تلك المقاهي، مؤكدا أن ذهاب الشباب يوميا يعد "حلا" مناسبا لترفيه الشباب بأسعار جيدة.
ويذكر غالب المواضيع الاجتماعية التي يتم تداولها بشكل يومي من قبل الشباب الذين يرتادون المقاهي، الظواهر الاجتماعية الغريبة عن العادات والتقاليد وتؤثر سلبا على عقول الكثيرين.
في حين يذكر طارق سعيد أن "الدين" أو المسائل الدينية يمكن أن تكون حوارا طويلا بين الشباب، كل منهم يفتي من جهة، ويطرح اعتقاده، وفي كثير من الأحيان ينتهي النقاش باختلاف الآراء ومغادرة المكان، ولكن في اليوم التالي نجد "المغادر" متواجدا، وكأن شيئا لم يكن.
أما عدي فله وجهة نظر أخرى، يؤكد بها أن عدم توافد الفتيات في المكان، يعني الراحة والحديث بعفوية، حتى خصوصيات الشباب تطرح بصوت عال ومن دون تكلف.
ويضيف، وأحيانا يطرح الشباب بأمور خاصة، مثل شاب مقبل على الزواج، ولديه مشكلة في اقناع خطيبته بفكرة معينة، وتبدأ الأراء والحلول من أصحاب الخبرة المتزوجين.
إضافة إلى الحديث بشكل مطول عن المهر والعادات والتقاليد المختلفة بين المحافظات في تحضيرات الأعراس ومتطلباتها، وكيف يمكن للشباب تحقيقها في ظل الظروف الإقتصادية الصعبة!، وفق الشاب عدي.
مدير أحد المقاهي الشبابية سيد حماد يؤكد أن تجمع الشباب يوميا في المقهى، يعني وجود مساحة خاصة بعيدا عن الجنس الآخر، فيتحدثون بأصوات واضحة وعفوية، دون رقيب.
ويضيف، ينفثون الدخان ويحتسون القهوة.. دون الخوف من وجود معترض على رائحة السجائر أو على سلوكياتهم، كما يأتي البعض خصيصا لإحتساء المشروبات الساخنة، كالأعشاب المشكلة أو الكركديه أو الحليب باليانسون، وهذه المشروبات لا تتوفر في الكافيهات أو المطاعم.
يشير حماد إلى أن هناك روادا للمقهى دائمين، اعتاد كل منهم على "أرجيلته" الخاصة، ومشروبه الخاص، حتى الطاولة التي يجتمع عليها مع أصدقائه، فيشعر وكأنه في بيته.
اختصاصي علم الاجتماع د. حسين خزاعي يؤكد أن المقاهي "متنفس" للهروب من الضغط الأسري، وإعطاء مساحة للذات، من خلال تبادل الأحاديث بين الاصدقاء في أجواء يسودها الضحك والمزاج بعيدا عن الضغط والرقابة، مما يجعل لهذه الجلسات نكهة مختلفة عن أي تجمع في مكان آخر، خصوصا عدم وجود العنصر الأنثوي.
ويوضح، الاختلاط في المقاهي الشعبية الشبابية يشعر الفرد بالخصوصية، فيها يجتمع أبناء جنسه بهمومهم المشتركة، وأمنياتهم المتشابهة.. أحاديثهم وعباراتهم "الخاصة"، وسط أجواء الضحك والمرح.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

عـاجـل :