-

مقالات مختارة

تاريخ النشر - 20-03-2018 09:57 AM     عدد المشاهدات 634    | عدد التعليقات 0

السعادة والتعاسة

الهاشمية نيوز - جميل النمري


احتلت فنلندا المركز الأول في التقرير عن مؤشر السعادة الذي نشر الأسبوع الفائت، فبادرت لسؤال ابنتي التي تدرس الماجستير هناك عن رأيها، فقالت هم لطفاء لكن لا أرى الناس يطيرون بهجة في الشوارع.
المؤشر لا يقوم على استطلاع رأي يطلب من الناس أن يقولوا كم هم سعداء، بل يشبه تقارير التنمية البشرية؛ حيث يتم أخذ مجموعة مؤشرات ذات صلة مثل حصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، ومتوسط العمر، ونسبة إنفاق الدولة على الخدمات والرعاية الاجتماعية ومستوى الحريات وغياب الفساد في القطاعين العام والخاص...الخ. واعتمد تصنيف هذا العام معايير إضافية مثل ظروف العمل وخدمات الرفاهية وتوزيع الثروة، ويأخذ أيضا المسح العالمي لأحوال السعادة الذي يجريه معهد جالوب الأميركي.
بهذه المعايير تظهر دول شمال أوروبا غالبا بوصفها الدول الأكثر سعادة مع أن الشتاء الطويل وليل يمتد لعشرين ساعة خلال نصف عام يفترض أن يقود الى الكآبة، ولعل هذا لا يظهر في المؤشرات. وعلى جبهة أخرى، تظهر دول الخليج الغنية في مقدمة الدول العربية في مؤشر السعادة؛ الإمارات أولا وهي بالمناسبة وصلت قبل عامين لدرجة تعيين وزير لـ"السعادة"، تليها قطر ثم السعودية والبحرين والكويت. واعتمادا على المؤشر نفسه، تظهر مصر في الموقع المتأخر رقم 14 عربيا، بينما الأردن رقم 8، مع أن المصريين يتسمون بالرضا والمرح ونحن الأكثر تجهما وشكوى.
هناك اعتراض على المعايير، وثمة دولة صغيرة هي مملكة بوتان على جبال الهمالايا أنشأت مؤشرا خاصا بها، وهي تعتمد مؤشر ناتج السعادة القومي بدلا من الناتج القومي الإجمالي الاقتصادي، وحسب السؤال الأبدي المطروح: أيهما أهم السعادة أم المال؟ يجيب ملك بوتان أن السعادة في الحياة لا ينتجها الثراء فقط.
لقد انتقلت فنلندا من المركز الخامس العام الماضي الى المركز الأول هذا العام مكان النرويج، ولا نعتقد أن حال الناس انقلب من عام لآخر بين البلدين، لكن المؤشرات الرقمية في مجالات مختلفة قد تكون تغيرت بصورة طفيفة، فقلبت الترتيب من دون أن يكون قد تغير شيء على المزاج العام. وبالتأكيد فإن دول شمال أوروبا وبضعة بلدان أخرى تتشارك في الحالة المتقدمة للاقتصاد والخدمات والرفاه الذي يعطيها باستمرار المركز المتقدم منذ بدأ اعتماد هذا المؤشر. وكذلك الحال للدول متوسطة النمو والدخل مثل الأردن الذي يحتل الموقع 88 من بين 150 دولة يشملها التقرير لكن هل هذه العوامل وحدها هي التي تقرر سعادة الناس؟
كان أول تقرير حول السعادة صدر العام 2012، ثم تم اعتمادة سنويا منذ العام 2013، وتقرير هذا العام هو الخامس الذي تنشره شبكة الحلول المستدامة التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، ويتم الاحتفال بيوم السعادة عالميا بتاريخ 21 آذار (مارس)، لكنه ليس معتمدا بصورة رسمية في الدول ولا يتم النظر اليه بالجدية نفسها مثل أعياد عالمية أخرى راسخة، وقد يتطلب الأمر مزيدا من الوقت حتى يأخذ مكانته المعنوية والثقافية، وقد تطرأ تطورات على المفهوم والمعايير المعتمدة له. ويبقى السؤال حول اذا ما كان ممكنا بكل حال أن يكون هناك مقياس إجمالي حقيقي لسعادة الأفراد، ناهيك عن قياس السعادة لشعب بأسره، والأسهل حقا هو قياس التعاسة التي يمكن إحصاء رؤيتها حرفيا في سورية واليمن.




وسوم: #السعادة


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

عـاجـل :