-

مقالات مختارة

تاريخ النشر - 30-01-2018 09:40 AM     عدد المشاهدات 1562    | عدد التعليقات 0

من يحرق أطفاله؟!

الهاشمية نيوز - فهد الخيطان



هذا سلوك شاذ لاينتمي لثقافة الاحتجاج، ولا لقيم الإنسانية عموما. أن يهدد شخص بحرق أطفاله أو أخواته اعتراضا على رفع الأسعار وصعوبات الحياة المعيشية.
يملك المواطن أي مواطن الحق في الاحتجاج السلمي والاعتراض على سياسات الحكومات، والتعبير عن ذلك بكل الوسائل المشروعة والمتعارف عليها عالميا. وفي حالات استثنائية يقدم أشخاص لأسباب كثيرة على الانتحار او التهديد بالانتحار يأسا من الحياة، لكن تعريض حياة أطفال أبرياء لا ذنب لهم للموت حرقا باسطوانة الغاز، فتلك جريمة مكتملة الأركان، لابل أبشع أشكال الجريمة على الإطلاق.
في ثقافة كل الأمم وأمتنا تحديدا، يمكن للمرء مهما ساءت ظروفه أن يضحي بحياته من أجل إنقاذ حياة أطفاله، بدل أن يحمّلهم مسؤولية فشله في الحياة أو فشل السلطات في توفير حياة كريمة لهم.
في الغالب تكون مثل هذه التهديدات جوفاء ولايجرؤ مطلقها على تنفيذها، بيد أن مجرد اختبارها كوسيلة ابتزاز أو احتجاج ينطوي على جريمة بالغة السوء بحق أطفال أبرياء، لاينبغي أن تمر بدون عقاب رادع.
نمر في ظروف اقتصادية صعبة، وكلف الحياة تثقل كاهل آلاف الأسر، لكن مهما بلغ حالنا، فلا مجال لمقارنته أبدا بدول المجاعات، أو المجتمعات التي عصفت بها الحروب من حولنا، وقضى وسط نيرانها الآلاف من الأطفال جوعا وبردا وقتلا. وشهدنا في تلك المأسي مواقف إنسانية مؤثرة كان فيها رب الأسرة، يحمي بجسده صغاره من قصف الطائرات أو الموت غرقا في البحار.
لم يدفعهم سوء الحال للتفكير بالتخلص من أطفالهم وقتلهم كما هدد صاحبنا بالفيديو الذي انتشر قبل أيام، على العكس من ذلك فقد سقط المئات دفاعا عن حق عائلاتهم بالحياة.
في الأردن ومهما بدت أوضاعنا صعبة فإن أبواب الرزق لم تنعدم أبدا في مجتمع مايزال يحوز على قدر كبير من ثقافة التكافل الاجتماعي.
أول من أمس قرأت في"الغد" قصة ينفطر لها القلب عن سيدة تعيل اطفالها الثلاثة، يسكنون في خرابة تسميها مجازا بالمنزل، يعتاشون على تجارة الخبز الناشف، ويعتمدون عليه في تأمين وجباتهم الغذائية. غير أنه وفي ظل هذا الوضع المزري، نال الأطفال الثلاثة حقهم في التعليم بمدرسة مميزة على حد وصف الأم وعلى حساب محسن مقتدر.
لقد بررت ثقافتنا تاريخيا للشخص الإقدام على السرقة إذا ما كان مضطرا لإطعام أطفاله، لكنها لم تتسامح يوما مع من يفكر بإلحاق أي سوء بهم مهما كانت الظروف.
أجيال من الأردنيين ونحن منهم اختبروا في زمانهم الفقر والعوز بأعلى درجاته،لكن لا أذكر يوما أننا نمنا جياعا.كان لنا آباء رجال يعرفون كيف يحصلون رزق أبنائهم بشقاء وتعب لكن بكرامة عاشوا في ظلها مرفوعي الرأس.لم يهددوا يوما بحرقنا لكنهم كانوا على استعداد لشق الأرض كي نعيش بسلام.




وسوم: #من#يحرق


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

عـاجـل :