-

اقتصاد

تاريخ النشر - 03-11-2017 10:05 AM     عدد المشاهدات 518    | عدد التعليقات 0

تأثير الثروة: الأسواق المالية ليست كل شيء في الاقتصاد

الهاشمية نيوز - يعشق دونالد ترامب الإشارة إلى أن سوق الأسهم بلغت مستويات قياسية تحت رئاسته، وهو أمر كثير التقلب ليتباهى المرء به، وأمر قد لا يعكس المخاوف التي ما تزال تسود عقول من صوتوا له والذين يأبهون أكثر لنمو الأجور الحقيقي.
ويظهر لنا النظر إلى القيمة السوقية للأسهم بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي أن المستويات القياسية جيدة، وهذا ما يجعلنا نعكس على مقالة سابقة تقول "إننا أفضل في خلق مطالبات جديدة على الثروة من خلق الثروة نفسها".
وقد كتبت هذه الجملة في سياق الارتفاع الهائل في الديون في الـ40 عاماً المنتهية بأزمة 2008 الاقتصادية، وتضاعف أعداد الأدوات المالية الغامضة التي سبقتها. وتعكس الجملة أيضاً الزيادة الكبيرة للدور الاقتصادي للقطاع المالي، وأجور هؤلاء الذين يعملون فيه. لكنها ترتبط، بالإضافة إلى ذلك، بالأسلوب الذي ساعدت فيه السلطات الاقتصادات على التعافي من الأزمة الاقتصادية؛ حيث كانت إحدى الوسائل البارزة تكمن في التيسير الكمي، أي خلق الأموال لشراء الأصول.
وكان الدافع خلف التيسير الكمي (التسهيلات الكمية بكلمات أخرى) مفهوماً تماماً. فقد كانت الضغوطات المالية على البنوك تجعلها تخفض مجبرةً ميزانياتها العمومية، وبالتالي توفير الائتمان لبقية الاقتصاد، وعندما حدث ذلك في ثلاثينيات القرن الماضي، كانت النتيجة "الكساد العظيم". ومع ذلك، أدت الدورات المتعاقبة من التتسهيلات الكمية، مصحوبةً بطرق أخرى من الحوافز النقدية، إلى ارتفاع قيمة الأصول وانخفاض معدلات الفائدة إلى حدود كبيرة، وما تم بيعه بدايةً كتدبير سريع للتعامل مع الأزمة أصبح يبدو وأنه وضع ليبقى أكثر من عقد واحد.
ولم تنخفض مستويات الدين الإجمالية بواقع الحال، إنما تم تحويل الديون من القطاع المالي إلى الحكومة (وعبر التيسير الكمي، في دفاتر البنوك المركزية). وطالما بقي الأمر في دفاتر البنوك المركزية، سيبقى النظام مستقراً أكثر، ولكن في حال كان تعرض التيسير الكمي لضرر غير مسبوق سيصبح النظام أخطر مما كان عليه من قبل.
إن خلق الأموال حل مشكل معينة؛ وهي انخفاض الطلب. ومن الصعب القيام بذلك إذا ما واصلت الاقتصادات نموها لفترة كبيرة. وعندما كانت معدلات البطالة في أميركا وبريطانيا تحت الـ4.5 % في العام 2013، حذر ميرفر كينغ، الذي كان آنذاك محافظ بنك بريطانيا، من أن هناك حدوداً لقدرة السياسة النقدية المحلية على توسيع الطلب الحقيقي في مواجهة الحاجة إلى التغييرات في التوازن الحقيقي للاقتصاد.
وأضاف: "أنا لا أعتقد أن المشاكل الحالية في المملكة المتحدة تتجذر فقط من الصدمات السلبية الضخمة التي تصيب الطلب الكلي، فمثلنا مثل العديد من الدول الأخرى، تعكس مشاكلنا أيضاً الحاجة الملحة لإعادة التوازن إلى اقتصادنا، مما يتطلب إعادة تخصيص الموارد داخل وبين الدول، وليس الأمر ببساطة مجرد مسألة تعزيز للطلب الكلي، إنما تقديم المساعدة لإحداث تحول إلى توازن جديد".
وكانت أحد ألغاز الاقتصاد العظيمة هي تباطؤ نمو الإنتاجية عبر الدول الغربية. وهناك العديد من التفسيرات المحتملة لهذا الأمر: استمرارية بقاء الشركات "الزومبي" (التي تحتاج الإنقاذ في كل وقت) في حقبة معدلات الفائدة المنخفضة، وسوء قياس المكاسب التي تجنى من التكنولوجيا، وحقيقة أن الشركات التقنية العملاقة أصبحت أقل ابتكاراً مما قبل (نظرية روبرت جوردون)؛ والتفضيل الساري بين الشركات لاستخدام أعداد إضافية من العمال عندما تكون الأجور منخفضة، وهلم جرا، وبدون نمو الإنتاجية، سيكون النمو طويل الأجل بطيئاً، لاسيما بالنظر إلى الشيخوخة الطبيعية لدى سكان الغرب. وليس من الواضح بعد كيف يمكن للسياسة النقدية أن تساعد كثيراً هنا.
وينطبق الأمر نفسه على النشاط المحموم للقطاع المالي. وللتمويل أربع وظائف مهمة بواقع الحال: تشغيل نظام المدفوعات، توجيه الأموال من المدخرين إلى قطاع الشركات، توفير السيولة للسوق من أجل شراء وبيع الأصول، ومساعدة بقية المجتمع على إدارة المخاطر، سواء المالية أو غير المالية.
ولذلك يستطيع المرء أن يبرر كل نشاط -المضاعفة اللانهائية للأموال والأدوات أو النشاط التجاري المحموم- بناء على هذه الأسس. والأسواق التي تتمتع بمزيد من الأصول المسالة أقرب إلى تخفيض تكاليف رأس المال بطبيعتها، ويتيح خلق أدوات مثل المشتقات التعامل مع المخاطر بشكل أكثر كفاءةً، وذلك بالنسبة إلى هؤلاء الذي يملكون الشهية للتعامل معها.
لكن هذه الحجة أصبحت أصعب بكثير في أعقاب أزمة العام 2008 الاقتصادية، فقد تبين أن البنوك لم تبق المخاطر بعيداً عن ميزانياتها، في حين لم تتعدّ السيولة الواضحة للعديد من الأصول كونها وهماً. وفي أعقاب الأزمة، عززت البنوك ميزانياتها العمومية، وذلك جزئياً عبر تخفيض رؤوس الأموال التي كرستها للأنشطة التجارية، وذلك تحسباً إلى أنه في أوقات الأزمات تكون الأسواق حتى أقل تمتعاً بالسيولة مما تكون عليه قبلها.
ونحن نعلم أنه في كل مرة يتم فيها الإتجار بأصل مالي، يأخذ شخص ما في الصناعة حصة له منه –عمولة أو رسماً عرضاً من العروض. ومن الصعب احتساب إذا ما كانت مكاسب المجتمع توازي أو تتفوق على مكاسب القطاع المالي. وسوف يشير العديد في الصناعة إلى انخفاض تكاليف التجارة. ولكن هذا ما يعوضه عدد المرات التي يتم فيها تداول الأصول، وقد وجدت دراسة ثوماس فيليبون، أن الحصة المتناسبة التي يأخذها الوسطاء الماليون ما تزال كبيرة بكبر ما كانت عليه في القرن التاسع عشر.
وقد اشتهر عن وينستون تشرتشيل قوله: "أفضل أن أشاهد التمويل أقل فخراً والصناعة أكثر محتوى". وقد يكون الكثير من الناس أسعد إذا ما كانت سوق الأسهم أقل ازدهاراً ومتوسط مستوى المعيشة أفضل حالاً بكثير.

"الإيكونوميست"






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :