-

المجتمع والناس

تاريخ النشر - 14-03-2024 09:13 AM     عدد المشاهدات 59    | عدد التعليقات 0

رمضان: شهر لغلق صفحات الخصام ومد جسور التواصل بالمحبة

الهاشمية نيوز - - في شهر الخير، تتجلّى مشاعر التسامح والتصالح، لتطرق باب كل متخاصم، وتمدّ يد المحبة ببركة رمضانية، لتعيد توطيد العلاقات وتفتح صفحة جديدة للود والقرب، وتغلق باب الخصام وتُطوى صفحة الخلاف.

ما يمثله شهر رمضان للكثيرين، فرصة لفتح صفحات جديدة في الحياة، مليئة بالخير والمحبة والتسامح في إطار العلاقات الاجتماعية ووبما يوثق من صلة الرحم وصفاء النفوس.

بعد أشهر من الخلاف العائلي، اختارت تهاني أن تُنهي الخلاف وتصفي النفوس مع أخيها. فمع حلول رمضان المبارك، لم تستطع تهاني أن يُمرّ هذا الشهر الكريم من دون أن يكون أخيها جزءًا منه.
تذكر تهاني أنها في أول يوم من شهر رمضان اتجهت إلى منزل أخيها وطرقته بقلب صاف محبّ. لقد جاء قلبها طالبًا التسامح والود، ولم تجد من أخيها إلا كل الحب.
تقول تهاني: "مع اقتراب شهر رمضان، كنت أنام وأصحى وأنا أفكر بأخي. أتساءل: هل سيمر هذا الشهر من دون أن نجتمع سويا؟" لقد أخافتها هذه الفكرة وجعلتها تغير من تفكيرها.
تعترف تهاني بأنّها في اليوم الذي تصالحت فيه مع أخيها شعرت بالطمأنينة التي تُرافق شهر الخير، وقالت: "قلوبنا في هذا الشهر تتصافى وتلين وتقرب كل بعيد.. الحمد لله على نعمة رمضان."
من جهة أخرى، برز الشعور بالآخر كسمة تميّز العالم العربي في الفترة الأخيرة، خاصةً مع الأحداث التي يمرّ بها الأهل في غزة. لقد غيّرت هذه الأحداث من التفكير والنظرة للأمور، لإدراك أهمية التسامح والتصالح وتلاشي الأحقاد في شهر البركة.
ما مر به خالد (34 عاما) ومتابعته الدائمة لما يحدث مع الإخوة في غزة، وإحساسه بأنه لا يعلم ما الذي يخفيه الغد، غير من تفكيره و ترتيبه لحساباته بحسب قوله.
ويشير خالد إلى أنه أفكار كثيرة تصارعت داخل عقله أدخلته في دوامة من الحيرة بشأن علاقاته مع الآخرين وخلافاته معهم ليقرر أن يصحح مسارعلاقته معهم وأن يصفح ويتسامح مع كل من أساء له، واختار شهر رمضان ليبدأ بنية خير، وفق قوله.
ويعترف خالد أنها كانت خلافات بسيطة ولكن الإنسان بطبعه يكابر ويظن أنه يرتكب الصواب، مبينا أن الإنسان إذا نظر لنفسه بعمق سيجد أن هذه الحياة لا تستحق التخاصم والشرخ في العلاقات.
ويقول أستاذ الفقه والدراسات الإسلامية الدكتور منذر زيتون أن رمضان يذكر الناس بالمعاني المهمة في حياة المؤمن وعلى رأسها الوحدة في المشاعر والشعائر، فالناس في رمضان يجوعون ويعطشون معا، ويصلون ويقومون الليل معا، وفي هذا دعوة واضحة لنبذ التفرق وإعادة اللحمة بين الأخوة في الدين من غير اعتبار لما يمكن أن يبعدهم عن بعض، فالمؤمن أخو المؤمن، وحقوق الإخوة تقضي بألا يكون بينهم أي عداء أو إيذاء أو خذلان، مستذكرا قوله تعالى (إنما المؤمنون إخوة).
ويضيف، كما يقول نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم "إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يجهل ولا يرفث يومئذ ولا يصخب، فإن شاتمه أحد أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم"، مبينا أنه لا ينبغي لمن يعيش ساعات الطاعة والاستسلام لله تعالى في أمره ونهيه أن تخرج منه كلمة نابية أو فعل مشين، حتى إن تعرض لغضب أحدهم أو تطاول منه فلا ينبغي له أن يرد بشيء، بل يصمت ويقول في نفسه "إني صائم".
ويشير زيتون إلى أن الصوم هنا ليس عن الطعام والشراب فقط، بل إن الصوم الأكبر هو عن سوء الخلق وعن فحش السلوك لقول النبي صلى الله عليه وسلم "رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش"، مبينا أن مقابلة السيئة بالحسنة لا تكون عن ضعف أو قلة حيلة وإنما عن قوة واستعصام بالله تعالى، وفي هذا تمثل للتقوى التي يرديها الله (وأن تعفوا أقرب للتقوى).
ويشير زيتون إلى أن التسامح في الإسلام سمة يجب أن تظهر على كل جوارحنا، فلا سبيل إلى الضرر ولا الإضرار، ولا مبرر إلى رد التعدي بالتعدي، بل إن المطلوب أن يتعامل المسلم مع غيره بما يحب أن يتعامل غيره معه، ففي الحديث "صل من قطعك، وأعط من حرمك، واعف عمن ظلمك".
ويضيف زيتون أن قيمة عظيمة تظهر في رمضان من خلال إعلاء شأن الروح على شأن الجسد الذي نال ما نال من الاهتمام والأولوية في الحاجات خلال العام كله، فالناس يلبون حاجاتهم المادية من طعام وشراب ولباس وراحة ويهملون في الأغلب الروح التي تحتاج هي الأخرى إلى غذاء واهتمام.
ووفق زيتون، في رمضان يتوقف قسرا الاهتمام في شؤون الجسد خلال النهار على الأقل ويعلو شأن الروح فيعكف الناس على الصيام والصدقات والصلاة وقيام الليل وقراءة القرآن وفي هذا غذاء روحي عظيم من شأنهم أن يوازن بين مكونات البشرية في الجسد والروح فيمنحهم السكينة والسلام والتوازن.
ويؤكد زيتون أن الالتزام بأداب رمضان وأخلاقه يضفي إلى الإنسان منزلة عليا عند الله تعالى وكذلك عند الناس، فيرتفع مقامه بأخلاقه وتسامحه وكرمه ويشعر حينما يلتزم بتلك الأخلاق والأداب بالرضا عن الذات وكذلك برضا الله تعالى.
ومن الجانب الاجتماعي يبين الدكتور محمد جريبيع أن شهر رمضان له خصوصيته ووقعه الكبير على الناس بتأثيراته الدينية على الإنسان وعلى نفسيته وروحه ومعنوياته وحتى على معتقداته، ولذلك رمضان يأخذ منحنى آخر وهو منحنى التواصل وليس فقط على مستوى الأرحام والأقارب بل أيضا يمتد ذلك للتواصل على مستوى الأصدقاء.
ويؤكد جريبيع أن هذا الشهر فرصة للناس لتعيد حسابتها وفرصة للتواصل والتسامح ونبذ الخلافات. ويقول "رمضان هو شهر الخير وأن يكبر الإنسان عن جميع الخلافات والخصومات ويكون فرصة لإعادة بناء العلاقات من جديد".
ومن جهة أخرى يذكر جريبيع أنه في الفترات الأخيرة نتيجة للتحولات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي يمر بها المجتمع، أصبح الإنسان أكثر فردية ومنغلق على نفسه لتلبية احتياجاته ليعيش في عالم منعزل تماما عن الآخرين تحت وطأة هذه الظروف.
ويضيف أن الخلافات بين الناس هي جزء من هذه الحياة وبالتالي عندما يأتي رمضان يقدم للإنسان فرصة ليفكر من جديد بخلافاته ونفسه وعلاقاته ويصبح أكثر تقربا لله عز وجل ولمعاني الشهر الفضيل ومفهوم الحياة البسيط.
وبحسب جريبيع فإن رمضان في مفهومنا الشعبي يعني اللمة والتواصل مع الناس وهذا يرتبط بالمفهوم الاجتماعي، مؤكدا أنه عندما يتوافق المفهوم الاجتماعي بالمفهوم الديني لشهر رمضان فإنه فرصة لبناء علاقات جديدة و لمراجعة الذات وللتفكير بما يدور حولنا.
ويختم حديثه، أن ما يجري الآن مع أهلنا في غزة أحد العوامل المهمة لنعود ونفكر بعلاقاتنا وبالأشخاص التي بينا وبينهم خصومات وبكيفية بناء علاقات بصفحات جديدة.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

عـاجـل :