-

مقالات مختارة

تاريخ النشر - 06-02-2024 10:11 AM     عدد المشاهدات 101    | عدد التعليقات 0

كنت هناك

الهاشمية نيوز -

د. ماجد الخواجا


أتيح لي أن اكون باحثاً مشاركاً في المؤتمر القانوني العلمي الدولي الأول للقضاء العسكري في طرابلس الغرب الذي عقدته وزارة الدفاع الليبية وبمشاركة واسعة وفعاليات وأنشطة متعددة حيث جرى افتتاح المؤتمر تحت رعاية رئيس الحكومة الليبية وزير الدفاع المهندس الدبيبة ورئيس هيئة الأركان الفريق الحداد، حيث جاء انعقاد هذا المؤتمر للبحث في كيفية العمل على تعديل القوانين الناظمة لعمل وتداخلات القضاء المدني والعسكري بما يختص بالقضايا ذات الصفة الإرهابية والتي يكون أطرافها من العسكريين أو المدنيين، إضافة للبحث في كيفية الحد من انتشار التطرّف والفكر الإرهابي خاصة ما يرتبط بالإرهاب السيبراني والإعلام الرقمي.
كانت البداية من مطار الملكة علياء الدولي في عمان وعبر محطة ترانزيت في أسطنبول وصولاً إلى مطار معيتيقة في طرابلس الغرب، رحلة طويلة ما كان لها أن تكون لولا الحالة العربية العامة التي قطعت أوصال البلاد العربية ولم يعد بالإمكان الوصول السهل وبأيسر الطرق ما بين العواصم العربية خاصة تلك التي عانت من الحروب الأهلية لسنين طويلة.
حين وصلت إلى الفندق كان في استقبالي صديق ليبي أمازيغي من غدامس وهي مدينة تاريخية عريقة محاذية للحدود مع تونس، قمنا بجولة في طرابلس القديمة، وكانت مشاهدات بانطباعات الدهشة الممزوجة بالوجع والحزن على مآلات الحالة العربية عموماً، في المدينة القديمة التي ما زالت محتفظة ببعض أسوارها العتيقة التاريخية محتميةً من الغزاة ولتكتسب طابعها الخاص المميز لها عن غيرها من المدن والتجمعات السكانية الأخرى. كان ثمة عناية واضحة في الترميم والصيانة للأبنية والطرقات ورصفها بشكل تراثي معتق يحافظ على طابع وهوية المدينة التاريخي.
مررنا على الساحة الخضراء أو ساحة الشهداء التي تحاذي القلعة التاريخية وقريبا منها قوس ماركوس الروماني، هناك كان فضاء واسع تهدل فيه أسراب الحمام المعتاد على التواجد البشري من أجل إطعامه والتصوير معه، وكانت لنا جولة في أزقة وأسواق المدينة القديمة، وتوقفت ملياً عند ما يدعى بسوق الصرافة أو سوق المال الذي يعتبر المتحكم في النواحي المالية وأسعار الصرف، إضافة لمشاهدة عربات تجر يدوياً محملة بأرتال من المال لتأخذ مكانها في خزائن تلك المحلات، كما شاهدت ما يدعى بالمزاودات أو الكمسيونات لشراء وبيع الأموال النقدية من العملة الصعبة، حيث يبتدئ المزاد على المبلغ المراد بيعه ويبدأ المزاودون عمليات المزاودة إلى أن تقف عند حدٍّ معين ويتم بيعها للشخص أو الطرف أو الجهة المزاودة.
لم أشعر بأي توتر أمني في مختلف المواقع التي تجولت بها، وإن كان هناك تواجد أمني واضح مع تعددية الحواجز الأمنية التي تشعرك بأن الحالة الحياتية العامة لم تستقر تماماً، لكنها تسير بشكل اعتيادي ومتطور نحو ممارسة الشؤون والتفاصيل اليومية كما هو الحال في أية مدينة أو عاصمة أخرى.
طرابلس لم تتغير كثيراً منذ انتهاء عهد معمر القذافي، فالأبنية والأبراج والفنادق هي ذاتها التي كانت في العهد السابق، لكن هناك تدهور واضح في البنية التحتية وفي عدم صيانة المباني، وهذا نتيجة الحرب التي لم تنته بعد.
ما لفت انتباهي أن الحياة تأبى الموت، هناك حركة وأنشطة وفعاليات تحتفي بالفرح والحيوية، هناك ازدحام مروري كثيف طيلة الوقت مع عدم التزام أو تقيّد بقوانين السير المعروفة، هناك مشاهد جميلة وأخاذة لبعض الأبراج التي تلألأ بالأنوار المبهجة ليلاً، لكنها الكئيبة حين تقترب منها نهاراً عندما تشاهد حجم التعب والإنهاك البادي عليها مع مرور الزمن.
سعدت بلقائي مع بحر طرابلس الذي ما زالت أمواجه تداعب خدود المدينة، ولقائي مع بيت الإسكندر التراثي، ومع تلك المكتبة العتيقة التي تحوي عناوين أمهات الكتب التاريخية، وكم أسعدتني تلك الجلسة المسائية على مقهى بحري. شكرا للدكتورة مبروكة المهاجر رئيسة المؤتمر، للدكتور عمار ميلاد ولصهيب هارون.
حين بدأت مداخلتي البحثية قلت إن ليبيا على مختلف المقاييس العالمية تحظى بمراتب متدنية، لكنها تحظى بالمرتبة الأولى على مقياس الكرم والضيافة ومساعدة الغرباء حتى أنه أطلق عليها لقب « بيت الغرباء».
في طرابلس شعرت بالزهو والكرامة والفخر الذي وجدته متمثلاً في محبة خاصة لدى الليبيين للأردن والأردنيين.




وسوم: #كنت#هناك


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :