-

كتابنا

تاريخ النشر - 30-01-2024 10:29 AM     عدد المشاهدات 187    | عدد التعليقات 0

زمان قريتنا وتسالي ومشروبات شتوية

الهاشمية نيوز - نبيل عماري

في كل قرية أردنية خاصة وفي بلاد الشام عامة يعتبر شهر ايلول وكذلك شهري تشرين اول وثاني شهور المونة حيث أنتهى شهر الحصاد وتم وضع محصول القمح بالكواير وكذلك سليقة القمح وصنع البرغل الخشن والناعم والسميدة لغاية المجدرة وطبيخ الطيانات والكبة وسميدة الهريسة والغير وكذلك صناعة الزبيب والقطين والملبن بالقريش « الخبيصة « وعمل القضامة من محصول درس الحمص وكذلك شولات العدس وقلي حبات العدس حيث عبق الرائحة والفستق بقشرة وصناعة الراحة الحورانية وشراء حلوى الكعكبان ونصاص الحلاوة وملبس الحامض حلو وشللاوي العجوة والتي كانت تأتي من العراق بقفف وفي صبانا و قت المرح والفرحة التى تغمر القلوب بمجرد أول شتوة حيث كنا نغني يارب تشتي تشتي وروح عند ستي وعند أشداد البرد يتم تركيب صوبة البواري وأخراج صوبات علاء الدين والفوجيكا وكذلك صوبات الحطب ونفرح عندما تحكى لنا جدتنا قصص عن الغول وجبينة وليلى والذيب وزرقاء اليمامة والزير سالم فنبحر مع الروايات بافكارنا وخيالنا ، نذكر دائما وقت الشتاء والبرد القارص ونحن متجمعين فى حول الصوبة ونلتف حولها ونحن فى غاية السعادة بين شوي البلوط والكستناء والبطاطا المشوية وعلبة السمنة تخلي على نار الصوبة بها حمص البليلة والفول النابت وننتظر بشغف الأستواء ونشتم رائحة القرفة والسحلب والشاي بالنعناع فتكمش الجدة لنا من جيبها بطعم ولوز وقضامة بينما الهواء يزداد صفيرة ولا ننسى الراحة « الحلقوم» مع بسكوت ماري أو غندور بينما تتحضر صينية الهريسة بالفستق السوداني تفغ بالقطر وكذلك العوامة والزلابية وأصابع زينب والقراقيش والحلبة وحتى قالب الكيك بخط الكاكاو ولا نستثنى تحميص بزر البطيخ من مواسم مقاثي الصيف وتتطالي « المربيات « بجميع أنواعها وهنا يا ترى اين ذهبتاالضحكة التى تصدر من القلب الذى لا يعرف الهم ولا الغم ولا تحمل المسؤلية ، اين تلك الجلسات ولمات العيلة فهناك ذكريات عند الجميع وهى ذكريات شتاء الطفولة حين نجتمع أمام التلفاز نشاهد الافلام والمسلسلات القديمة الدرامية التى تحكى عن قصص وحكايات كأنها واقعية وكذلك افلام الكرتون والتي كانت بعدد أصابع اليد ننتظر النشرة الجوية والمنخفض القادم ونفرح بالثلج فغداً عطلة مدرسية وغداً نلعب بالثلج الأبيض ونحضر الكفوف الجلدية ونلعب بين صياح وتجمد أيدينا من البرد والثلج.
وهنا نتذكر قصيدة الشاعر السوري الراحل عمر بهاء الدين الأميري
أين الضجيج العذب والشغب
أين التدارس شابه اللعب ؟
أين الطفولة في توقدها
أين الدمى في الأرض والكتب ؟
أين التشاكس دونما غرض
أين التشاكي ماله سبب ؟
أين التباكي والتضاحك في
وقت معا والحزن والطرب ؟
أين التسابق في مجاورتي
شغفا إذا أكلوا وإن شربوا ؟
يتزاحمون على مجالستي
والقرب مني حيثما انقلبوا
يتوجهون بسوق فطرتهم
نحوي إذا رهبوا وإن رغبوا
فنشيدهم : ( بابا ) إذا فرحوا
ووعيدهم : ( بابا ) إذا غضبوا
وهتافهم : ( بابا ) إذا ابتعدوا
ونجيهم : ( بابا ) إذا اقتربوا
بالأمس كانوا ملء منزلنا
واليوم ويح اليوم قد ذهبوا
وكأنما الصمت الذي هبطت
أثقاله في الدار إذ غربوا
إغفاءة المحموم هدأتها
فيها يشيع الهم والتعب
ذهبوا أجل ذهبوا ومسكنهم
في القلب ما شطوا وما قربوا
إني أراهم أينما التفتت
نفسي وقد سكنوا وقد وثبوا
وأحس في خلدي تلاعبهم
في الدار ليس ينالهم نصب
وبريق أعينهم إذا ظفروا
ودموع حرقتهم إذا غلبوا
في كل ركن منهم أثر
وبكل زاوية لهم صخب
في النافذات زجاجها حطموا
في الحائط المدهون قد ثقبوا
في الباب قد كسروا مزالجه
وعليه قد رسموا وقد كتبوا
في الصحن فيه بعض ما أكلوا
في علبة الحلوى التي نهبوا
في الشطر من تفاحة قضموا
في فضلة الماء التي سكبوا
إني أراهم حيثما اتجهت
عيني كأسراب القطا سربوا
دمعي الذي كتمته جلدا
لما تباكوا عندما ركبوا
حتى إذا ساروا وقد نزعوا
من أضلعي قلبا بهم يجب
ألفيتني كالطفل عاطفة
فإذا به كالغيث ينسكب
قد يعجب العذال من رجل
يبكي ولو لم أبك فالعجب
هيهات ما كل البكا خور
إني وبي عزم الرجال أب
كاتب وباحث






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :