-

اخبار محلية

تاريخ النشر - 24-01-2024 09:10 AM     عدد المشاهدات 85    | عدد التعليقات 0

الحسنات ملهمة ريادية بوادي موسى تعبر طريقها بشغف لتمكين السيدات

الهاشمية نيوز - بحسٍّ شغوف بالجمال وصنع قطع مميزة فيها مهارة وحرفية عالية؛ تروي فوزية الحسنات حكاية ملهمة في تطويع الفضة الخام، لتزدهر في وادي موسى وتصنع لنفسها ولسيدات منطقة البترا مستقبل مشرق بحضارة نبطية أردنية تنبض بأصالة المكان.

ولم تكن الحسنات كمثيلاتها من السيدات في منطقتها، إذ كان لديها طموح وإيمان كبير بالوصول والنجاح وسيطرت الرغبة في كسر النمط الموجود والخروج عن المألوف وتطوير نفسها وصولا للإنجاز.

الحسنات التي بدأت كمتدربة في جمعية سيدات الأنباط التعاونية، هي اليوم رئيسة لها ومن مؤسسيها، حيث تهدف لإبراز هوية الثقافة الأردنية وتوفر فرص عمل للسيدات في مجتمعهن، إلى جانب إحياء حرفة صناعة الفضة النبطية بشكل وقالب جديد والتركيز على صنع شيء مميز ومختلف لتكون الجمعية رابطا اقتصاديا وثقافيا لإحياء الثقافة النبطية.
كان حلم الحسنات وسيدات الجمعية أن يتشرفن بزيارة الملكة رانيا العبدالله لتشاهد جلالتها إبداع سيدات المجتمع الأردني، حيث تفاجأت الأسبوع الماضي بإخبارها أن هنالك زيارة من جلالتها للجمعية، وكان الشعور لا يوصف لدى جميع النساء.
وتؤكد الحسنات أن زيارة الملكة رانيا العبدالله منحت جميع النساء هناك دعما معنويا كبيرا وشعورا لا تصفه الكلمات، لتكون تلك الزيارة تتويجا للحلم والإنجاز، ومن أجمل الأيام، حيث شجعت الملكة إنجازات السيدات هناك وقدمت لهن الدعم للاستمرار بالنجاح وتمكين سيدات البترا.
وتبادلت جلالتها الحديث مع أعضاء مجلس إدارة الجمعية، والتقت الموظفين في مشغل الحلي الفضية التقليدية، واستمعت لشرح عن التجربة التي يعيشها السياح خلال الزيارة.
وفي حديث خاص لـ "الغد"، بينت الحسنات أن جمعية سيدات الأنباط التعاونية هي أحد مشاريع مؤسسة الحسين سابقا، واستقلت في العام 1999 ومن بعدها بدأت رحلة البحث عن مشروع يساعد السيدات في منطقة وادي موسى والتي تعد منطقة سياحية إلا أن تدني فرص العمل للفتيات، دفعهن لصنع فرصتهن ومن هذا المنطلق انطلقت الجمعية.
وبدأت الحسنات وزميلاتها التفكير بمشروع له علاقة بالسياحة، وجاء المشروع بصياغة الفضة، والفكرة جاءت للحسنات عندما كانت في زيارة لمتحف البترا وفي اللحظة التي رأت فيها إسوارة فضة معروضة ألهمتها أن تبدأ مشروعا حرفيا لإنتاج إكسسوارات "الفضة".
والحسنات كان لديها عشق للإكسسوارات والمجوهرات وحب كبير للفضة، وفي ذات الوقت كانت تبحث عن شيء مختلف ومميز لتبدع به، وفكرت كسائح للبترا الّذي يبحث عن الشيء المميز ويسهل حمله بعيدا عن تكلفة الوزن والشحن، فلهذا اخترت شيئا مميزا ويسهل حمله بالسفر، وفي ذات الوقت مشهور في وادي موسى ويحقق هدف الجمعية في إحياء الحضارة النبطية.
وقالت "السياح يحبون أخذ قطع تذكارية من الأماكن التي يزورونها ولكن أغلب الموجود لم يكن محليا ولا يرمز لتراثنا فالحل كان بتصاميم مستوحاة من روح البترا والتراث الأردني".
وتشير الحسنات إلى أن عملية البحث عن مشروع استغرق سنة كاملة، ففي البداية نظروا حولهم ليعلموا ما الفرص المتاحة في منطقة البترا؟ وقد قاموا بزيارة مختلف الأماكن وخلال هذه الزيارات كانت تتواجد تحف ورموز هندية وصينية وتركية وأمور لا تمثلهم ولا تمثل حضارتهم، هذا الأمر حرك لديهن مشاعر وطنية كون البترا منطقة سياحية ووجهة أولى للكثير من الزوار حول العالم ، ومن غير اللائق بها أن يأتي لها السائح ولا يرى ما يمثلها من حرف وتذكارات.
وقد لمع في عقل الحسنات عمل صياغة الفضة، وتناقشت بالأمر مع باقي السيدات ، ومؤسسة الحسين دعمتهم بالآلات والأجهزة لبدء العمل ومن هنا بدأت التحدي لإثبات قدراتهم.
وتشير الحسنات إلى أن السيدات سلمنها رئاسة المشروع بالرغم من أنها كانت الأصغر بينهن، ولكنهن رأين لديها القدرة على إيصال فكرة المشروع، وفي وقتها شعرت الحسنات بضرورة أن تؤدي هذه المهمة بأمانه، وكانت المرة الأولى لها التي تذهب للعاصمة عمان وقد تحدت نفسها وخوفها.
وتابعت "بالبداية تم شراء مواد خام ومن بعدها بدأ التدريب على صياغة الفضة وقد استعانت بشخص عراقي بالتدريب ولكن بالرغم من ذلك لم يكن هنالك عمليات بيع، ولهذا تم النشر عن الجمعية والتوجه للكثير من المؤسسات والمنظمات. ولكن بالرغم من ذلك كانت الحسنات كلما تواجه عقبة يزداد لديها التحدي.
وتذكر الحسنات أنها شاركت في برنامج قدارات مع مؤسسة نهر الأردن، وكانت تفتقر للقدرات كونها تعيش في منطقة بعيدة عن العاصمة، ولم يكن لديها معرفة جيدة وللمرة الأولى قدمت عرضا تقديميا عن مشروع صياغة الفضة والعمل والخطط التي تسعى لها، واستطاعت بمهارتها أن تحصل على منحة بـ 48 الف وقد كانت المنحة الأولى للجمعية في سنة 2007 ومن خلالها تم تحديث الأجهزة والمبنى وتنظيم دورة تدريبية وكانت هذه الانطلاقة الحقيقية للجمعية.
وتشير الحسنات إلى أن مؤسسة نهر الأردن دعمت الفكرة بتدريب 26 سيدة على صياغة الفضة وساعدت في تأمين ماكينات ومواد خام وتوظف 32 سيدة في مشروعها.
وتذكر الحسنات أنه في سنة 2009 تم إطلاق أول بازار، وكانت المرة الأولى التي تلتقي فيها بجلالة الملكة رانيا العبد الله.
وتوضح الحسنات أن مشروع الصياغة قائم على شراء الفضة المادة الخام بالكيلو وفي مبنى الجمعية هنالك مشغل تتم فيه العملية، حيث يتم تذويب الفضة في الأفران من بعدها تأتي مرحلة التكوين والنحت والتشكيل والتصويب للحصول على القطعة المطلوبة.
وتؤكد الحسنات أن جميع القطع هي صناعة يدوية وهذا الذي يميزها عن غيرها، منوهة أنه تم التركيز على أن لا تكون التصاميم متشابهة، فلكل تصميم قصة مستوحاة من مشهد في زوايا البترا ووادي موسى.
وتلفت الحسنات إلى أن السيدات اللاتي يصممن، معظمهن لم ينهين الدراسة ولكن وصلوا لمرحلة متفوقة بالتصميم وهذا بتقدير العديد من الزوار الذين يرون في القطعة جمالية مميزة وسحرا لا يوصف.
لم يكن الطريق سهلا، ومع الوقت أصبحت الجمعية معروفة للجميع، وانخرطت في المجتمع ومن خلال مركز تدريب وتأهيل وتمكين. وكمدربة سعت الحسنات إلى إحداث فرق وتغيير للفتيات اللواتي يعملن برفقتها وغرس فكرة الاعتماد على الذات.
ومن جهة أخرى حاولت الحسنات أن تساعد السيدات في محيط منطقتها فكل سيدة كانت تأتي للجمعية تسعى للتأثير فيها بطرق إيجابية، فبعضهن لم يكن بمقدورهن إكمال دراستهن، وكانت تحفزهن لإنهاء المرحلة الثانوية ومِن هن مَن أكملن الدراسة بالجامعات والدراسات العليا، وتحفيز أخريات للحصول على وظيفة، وكذلك بعض السيدات لم يكن يستطعن المجيء للجمعية ، وساعدتهن على عمل مشاريع خاصة من داخل بيوتهن، حتى أن الحسنات تؤكدعلى أن الجمعية مفتوحة لهن بأي وقت لاستعمال الماكينات إذ شعرت أنها تجربة وفرصة لتفيد غيرها، مؤكدة بذلك أنها دائما تشجع السيدات لأداء دورهن في مجتمعاتهن.
وتلقت الحسنات دعما كبيرا من عائلتها وزوجها الذي ساندها؛ لتحقق ما تسعى له، لذلك سعت الحسنات للموازنة بين دورها كأم وزوجة، وحرصت على أن تغير تفكير أولادها لكي يتميزوا في المجتمع.
استطاعت أن تسوق منتجاتها داخل البترا وخارجها، والسياح كانوا يسوقون لهم بعرض القطع التي يشترونها على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي.
وتشير الحسنات أن الجمعية تضم 12 سيدة من المؤسسين من 1999 ولهذه اللحظة أكثر من 500 سيدة استفادت من هذا المشروع، فعلى مستوى الجمعية 200 سيدة وعلى مستوى المجتمع من دورات ولقاءات تم تمكين 500 سيدة وإعطاء دورات تدريبية تمكن السيدات من عمل مشاريع خاصة بهن، منها تحضير الجبن والمربيات والصابون والشوكلاته.
وتشير الحسنات إلى أن مشروع صياغة الفضة مصنف كمهن خطرة لصعوبته، إذ تستخدم مواد كيميائية ولكنهم استحدثوا جميع هذه المواد واستبدلوها بمواد آمنة فالسلامة العامة تأتي أولوية، مشيرة إلى أن تلقي دورة المتمكن في صياغة الفضة تحتاج من 6 أشهر لسنة ليخرج المنتج بجودة عالية.
وتشير الحسنات إلى أن مبنى الجمعية يتكون من طابقين، الأرضي والذي يضم مركز العرض والثاني يضم المشغل، فالزائر يأتي للمشغل ويرى مراحل العمل ومن بعدها يختار ما يريد ويرى كيف تخرج هذه الجمالية من القطع الخام.
وتذكر الحسنات أنه في العام الماضي تم توفير "التجربة السياحية" في مشغل الجمعية والتي تمكن السائح من العمل على القطعة التي يريدها بيديه ويعيش التجربة بصياغة شيء مميز وبهذا يحصل على التصميم الذي يريده وقد لاقت التجربة رواجا كبيرا.
وتوضح الحسنات أن المشروع مبني على احتياجات المنطقة وأساسه الاستدامة، وهذا الذي أوجد الثقة ما بينها وبين المجتمع فأي دورة تعقد لصياغة الفضة هنالك أعداد كبيرة تسجل بها.
من أبرز التحديات التي واجهت الحسنات والجمعية هو الدعم وكذلك التسويق مع وجود منافسين في السوق ممن يبيعون الفضة الهندية، فبعض التصاميم كانت مبيعاتها عالية، ولكنهم قاموا بتقليد التصميم، وبالتالي ضاعت قيمة القطعة الأصلية، منوهة أنه في الشهر يتم تصنيع 2 كيلو فقط بسبب صعوبة العمل ولأنها صناعة يدوية فبعض القطع قد تأخذ أسبوع عملٍ لتخرج بدقة وإتقان والبعض لا يصدق أنها صنع يدوي لأن الحرفية عالية.
وتذكر الحسنات أنه في العام 2019 استطاعت الجمعية الحصول على زاوية داخل مركز الزوار مع مجموعة جمعيات وفي هذه الزاوية تعرض أعمالها بالرغم من صغرها إلا أن المبيعات جيدة جدا.
وتؤكد الحسنات أن ما يهم الآن هو التركيز على أفكار تدعم حضارتنا وتدعم الإرث الأردني وكذلك التركيز على إظهار المعالم الأردنية وجماليتها والتراث والحضارات العربية التي سكنت الأردن ونوصل هذه الرسالة للعالم ليأتي لزيارة الأردن.
الحسنات وفريقها قدمن قصتهن بشغف وعزيمة وإصرار، وسيستمررن في صياغة الفضة لإحياء الحضارة النبطية ولدى الحسنات أفكار مستقبلية فريدة من نوعها في البترا لجذب السياح وستستمر في عملها وتتطور وتجتهد من أجل نساء مجتمعها.
وختمت الحسنات حديثها بقولها "لولا السيدات بالجمعية لم نكن لنصل لهن، فنحن فريق يكمل بعضه البعض وجميع السيدات بذلن جهودا كبيرة للوصول إلى هنا" مؤكدة بذلك أنها تسعى للمساهمة في مساعدة السيدات في مجتمعها وتمكينهن.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :