-

كتابنا

تاريخ النشر - 16-01-2024 10:22 AM     عدد المشاهدات 93    | عدد التعليقات 0

الإبداع تجربة جماليَّة مقرونة بالتفاعل مع الناس والبيئة

الهاشمية نيوز - نضال برقان
رغم أهمية دور المثقف الحقيقي، في مختلف الظروف التي تواجه مجتمعه، فإن ذلك الدور يتعاظم في اللحظات الحرجة والفارقة من التاريخ، حيث يتجلى اشتباكه الفاعل مع قضايا الأمة المصيرية.
وبينما تواجه الأمة العربية تحديا مصيريا متمثلا بالعدوان الصهيوني الغاشم على الأهل في فلسطين عموما، وفي غزة على وجه التحديد، من قتل وتدمير ممنهج للبنية التحتية والصحية، ومحاولات التهجير القسرية للشعب الفلسطيني، فإننا نتوجه بمجموعة من الأسئلة التي تتمحور حول دور المثقف الحقيقي وما يُنتظر منه في اللحظات الحرجة والفارقة من التاريخ، إلى مجموعة من المثقفين، ومحطتنا اليوم مع الأديبة والباحثة هنادي أبوقطام...

برأيك، ما الدور الذي يمكن أن يقوم به المثقف العربي في ظل العدوان الغاشم الذي يقوم به الاحتلال في غزة؟
- يتجلى دور المثقف العربي في تمثيل وتجسيد حق الشعب الفلسطيني والدفاع عنه، من خلال فحص سرديَّات الاحتلال وازدواجيتها القائمة على رسم صورة مشوهة عن الفلسطينيين، بهدف الحفاظ على هيمنته وفوقيَّته مقابل دونيَّة صاحب الأرض. إنَّ إعادة النظر في السرديات السابقة وتفنيدها تفنيدًا نقديًّا عن طريق الردّ سواء بالتحدث، أو الكتابة، أو التدريس، أو الظهور على مواقع التواصل الاجتماعي وشاشات التلفاز، كلها تعدُّ جزءًا من معركة الوعي الساعية إلى تعزيز الحرية والعدالة للمجتمع الفلسطيني.
يعيدني الراهن العربي إلى طبيعة العلاقة بين المثقف والحدث الراهن والمعيش، ترى لماذا لا نسمع صوتا (قويا) للمثقف العربي في اللحظات الحرجة والمفصلية من تاريخ الأمة، مثل اللحظة الراهنة التي نعيش الآن؟
- يكمن السبب في دور المؤسسات الأكاديمية -الجامعات- بوصفها نصًا ثقافيًا كليًا تجسد قانون التبعيَّة، هذه المؤسسات كما وصفها عبد الله الغذامي ذات طابع رُسوخي، بالتالي فإن ثقافة البوح والتغيير لا تحدث في ظل المؤسسة الأكاديميَّة؛ لأنها ترفض ذلك ولا تؤهل المثقفين إليها، بل وتعارضهم، مما يتطلب خروجًا عن نسق الأكاديميا. وبالعودة للوراء قليلًا نلحظ أنَّ المثقفين الذين استطاعوا الكتابة وترك بصمة واضحة في هذا الحقل تحديدًا -حقل دراسات الاستعمار- تناءوا بجانبهم عن المؤسسة الأكاديمية وتحدُّوا هياكل السلطة؛ بحثًا عن حرية التعبير وما تتعرض له من مضايقات وهجمات متطرفة من اللوبيَّات المسيطرة تصل أحيانًا إلى حدِّ التهديد بالطرد والفصل كما حدث مع مجموعة من المثقفين العرب ممن صرَّحوا بمواقفهم وآرائهم في جامعات الغرب، ومن جانب آخر قد تصل إلى حدِّ التهديد بالاغتيال كما أخبرنا عن ذلك إدوارد سعيد في إحدى مقابلاته المسجلة!
هل تناول المثقفين للأحداث الكبرى واللحظات المصيرية في تاريخ الأمة من شأنه أن ينعكس بشكل إيجابي أم سلبي على المنتج الإبداعي، ولماذا؟
- قبل الإجابة على سؤالك، لا بدَّ من الإشارة إلى الإشكاليَّة حول مفهوم المثقف عند المفكرين العرب وأذكر منهم: إدوارد سعيد، ومحمد عابد الجابري، وعبد الله العروي، ومحمد أركون، وعلى حرب، وزكي نجيب محمود، والطاهر لبيب، وعزمي بشارة وغيرهم، وأن هذا التباين الذي تركه هؤلاء خلَّف إرباكًا عند المفكرين المعاصرين حول المفهوم. لكن الأسئلة التي طرحتها تقصد المثقف الناقد الذي يطالب بالتغيير دومًا ويتفاعل مع الظروف الآنيَّة، وليست الإنتلجنسيا Intelligentsia المهنيَّة المحايدة أو التقليديَّة التي تختارها المؤسسات أو الحكومات!
إنَّ الإبداع لا يأتي من الركود والصمت، هو صنيع الجرأة في التفكير والإنتاج، وهو تجربة جماليَّة مقرونة بالتفاعل مع الغير والبيئة المحيطة، وليست تجربة فرديَّة قوامها العزلة كما نظن، وبما أنَّ المثقف الناقد أو المُعَارِض هو قدوة مجتمعه، فإنَّه يؤثِّر على النخب الثقافيَّة الأخرى وهذا مدعاة للتأثير في سير الإنتاج الإبداعي تأثيرًا إيجابيًا.
هل تؤمنين بجدوى أدب المقاومة؟ وهل الكتابة الآن لصالح النّضال الفلسطيني في غزة هي أدب مقاومة؟
- أجل، أؤمن به لأنني أراه وسيلة تكريس للذاكرة وأداة حفظ للثقافة؛ حتى لا تنسى الشعوب المستعمَرة قضاياها وماضيها وهمومها وما تعرضت له من ظلم واضطهاد من قبل الجهات المستعمِرة التي تعمل دائمًا على طمس ثقافة أصحاب الأرض. وأدب المقاومة الفلسطينية هو طاقة تثقيفيَّة تُشكِّل وعينا لفهم القضية أكثر ولتربية الأجيال القادمة في داخل فلسطين وفي الشتات على رفض الظلم والقمع الواقع من جانب الاحتلال الإسرائيلي وعن الحق في استرداد الأرض.
برأيك، هل تعتقدين أن العدوان الغاشم الذي يقوم به الاحتلال الصّهيوني في غزة قد شكَّل نقطة تحول في مشهديَّة الثقافة والإبداع العربي؟
- من وجهة نظري لا نستطيع الآن الحكم على واقع الكتابة الإبداعيَّة في ظل معاناة الشعب الفلسطيني وجراحه، والتوتر النفسي الذي يرافق النخب المثقفة والمجتمعات العربية عامة، وهذه الحالة يطلق عليها (حاجز الكتابة)، وعليه أرى أنَّ المشهديَّة الثقافيَّة العربية تسير إلى حالة فتور مؤقت، لكنها بعد ذلك تصل إلى أوج نشاطها، فالتاريخ أكَّد لنا من قبل أنَّ معظم ما أنجز من أدب عن الحروب كان بعد توقفها بفترة وليس خلالها أو بعدها مباشرة.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :