تاريخ النشر - 03-01-2024 10:32 AM عدد المشاهدات 143 | عدد التعليقات 0
فطوبى للناجين
الهاشمية نيوز - د. مي خالد بكليزي
الطوفان الهدار يستطيع جرف الغث والسمين في طريقه، ويبقى هادرا تاركا خلفه أرضا نظيفة ملساء خالية من النتوءات، التي اعتيدت رؤيتها ذات زمن، ويبقى هذا السيل الهادر الجارف يزداد قوة وشدة كلما أمعن في الاجتياح والعبور على كل أرض ليسويَّها، ويحيلها إلى استقامة واحدة، تختفي معالمها التي كانت عليها سابقا -أقصد قبل الاجتياح الكبير- والنظر إلى مثل هذه القوة المفاجئة يوقد دهشة لا يختفي أوارها إلا بعد أمد بعيد من تحقق السحق والمحق، والعُجالة الساذجة التي انتابت الجاثمين على الأرض، تتركهم فاغري الأفواه علهم يحاولون استجماع قوتهم وتداركها؛ لإيقاف هذا السيل الجارف، فهو لا بُبقي ولا يذر، وتستمر تلك المحاولات لإيقافه، لكن دون جدوى دون فائدة، دون أمل حتى دون ضوء ما في نهاية النفق.
الطوفان يذكرنا بطوفان سيدنا نوح، الذي جاء مجدِدا للبشرية كلها، تنهال المياه من فوقهم ومن أسفل منهم، وتذوي زهرة الحياة وتذبلُ أمام الناجين على ظهر السفينة، التي امتنع أقرب الناس من الركوب فيها وركن إلى جبل منيع ظنه عاصما له من الغرق.
وقت قصير عصيب، لا يفتأ كل شيء بعدها إلا أن يهدأ، ويطمئن إلى مصيره المُختار له، بنجاة غير متوقعة وقلنا يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء اقلعي.
هو أمر الله المنتظر إذا لتستوِي بعدها على الجودي، المكان المصطفى من بين كل بقاع الأرض ليكون عنوان النجاة الوحيد، ألا فلتستو سفينة المجاهدين على الـ(غزة) بانتظار أمر من الله لا يقف في وجهه قريب ولا بعيد، فطوبى للناجين.