-

كتابنا

تاريخ النشر - 18-12-2023 10:03 AM     عدد المشاهدات 130    | عدد التعليقات 0

أفران الحارة ذاكرة الطعم والرائحة

الهاشمية نيوز - نبيل عماري *

بالرجوع إلى أربعين سنة إلى الوراء وأكثر، لم يكن يتصور أحد وجود حارة أو تجمع بشري إلا بوجود فرن يعمل على السولار « الديزل « ، فُرن شعبي يوجد بالجوار، سواء بالنسبة للحارات التي كانت تتواجد داخل المدينة وهنا أتحدث عن مدينة الزرقاء مدينة الفلاحين والعسكر وشولات القمح القادمة من سهول حوران ومادبا والكرك والعديد من القرى الأردنية حيث يتم غربلة حبات القمح وإزالة الشوائب من شيلم وزوان ومن ثم أرسال تلك الشولات إلى مطاحن كانت معروفة بالزرقاء مثل مطحنة زعيتر بالغويرية والمطحنة الوطنية وهنالك العديد منها بمدينة الزرقاء مثل مطحنة التلهوني ليتم طحن تلك الحبوب لتصبح طحينا بلديا من القمح الأردني الصلب وتوريده للبيوت لغايات العجن وإرسال تلك العجنات صباحاً بعد أن تخمرت طول الليل بخميرة طبيعية من الحول إلى الحول وتعجن في لقن كبير نحاسي ويقرص وترسل للأفران الموجودة بكل حارة ومن أشهر الأفران بحارتنا بالزرقاء « حارة العمامرة « فرن ابو شحادة الهشلمون وفرن أبو حامد فيخرج خبز المشروح المنقش يداعب أنفاس الصباح برائحتة العابقة وسخونة الرغيف وكثير من الناس كانت تجلب معها صحون زيت الزيتون البكر ليتم التغميس برغيف ساخن خارج من بيت النار وكانت الناس ترسل كل يوم العجين المقرص والذي تم عجنه بكل حنان بأيدي الأمهات بمحبة وفرح إلى الفرن، محمولا على لوح خشبي إو سدر نحاس تم تبيضه عند المبيض إو سدر مستطيل مطلي باللون الأسود، وكانت رائحة الخبز ونكهته في الزمن الجميل، يتم شمها على بعد عشرات الأمتار لأن الدقيق كان جيدا ورائحة نافذة فالقمح من تعب فلاح ومن قمح صلب والذي كان يخبز على نار هادئة، تزيد طعم ذلك الخبز الساخن مذاقا لا يضاهى. لم يقتصر دور أفران الحارات على عجين الخبز بل يتعدى لصواني الكفتة والدجاج بالبطاطا وحتى السمك المشوي والقدرة الخليلية وقلاية البندورة بلحمة راس عصفور وصواني المعكرونة نمرة 2 أو 3 مزدانة بلحمة الخرفان المفرومة أو بقطع صغيرة وكذلك شي كعك ومعمول العيد والغريبة والنواعم وبعض تلك الأفران يقوم بصناعة القرشلة وكعك حرف السي وكعك الشاي وكذلك يقوم الباعة المتجولون بإرسال جرزات الحمص والهريسة والفول النابت المشوي وغيرها لشيها بتلك الأفران حيث تخرج رائحة الفانيلا والمحلب واليانسون والشومر والسمن البلدي وهنا أذكر قراص العيد والذي كان يرسل لتلك الأفران لتخرج رائحة عبقة تغمر المكان وفي الختام نترحم على رغيف خبز نقي من قمح وطاة « أرض « وتعب فلاح وغربلة وعجين أم وفرن حارة كل ذلك ذهب ولكنه بقي بذاكرة كل من عايش طعم رغيف خبز مشروح بلدي أو خبز شراك قمح بلدي على الصاج .

كاتب وباحث






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :