-

مقالات مختارة

تاريخ النشر - 13-12-2023 11:23 AM     عدد المشاهدات 183    | عدد التعليقات 0

العين على الهاتف .. بانتظار رسالة من غزة

الهاشمية نيوز -
نيفين عبدالهادي

لست ممن يحبذون كتابة الرسائل القصيرة على الهاتف، ولا قراءة الرسائل بشكل مستمر، على الرغم من أن هذا الواقع بات يفرض نفسه على تفاصيل حياتنا حتى في المناسبات السعيدة أو غير السعيدة، وفي عملنا الذي بتنا نقضي غالبية خطواته من خلال الهواتف والرسائل، ومع هذا تبقى أمرا غير محبب عندي، ليختلف الوضع بشكل كامل وجذري خلال فترة الحرب على أهلنا في غزة، وباتت الرسائل التي استقبلها من أشخاص عرفتهم خلال الأيام الستين الماضية، فسحة نور في نفق مظلم تبعث في نفسي فرحا بأن من عرفتهم على قيد الأمل، وما زالوا صامدين مقاومين، والأهم مصرين على نيل حريتهم.
باتت عيناي ترقبان الهاتف تحديدا في ساعات الصباح الباكر أو ساعات المساء، لأقرأ رسالة بعثها أحد الغزيين، وغالبية هذه الرسائل تبدأ بجملة «ما زلنا على قيد الحياة، دعواتكم» ليكمل بعدها بشيء من تفاصيل حياتهم، وأيامهم، التي بات صوت القصف والصواريخ والقذائف حاضرا بها أكثر من أي تفاصيل حياتية أخرى، لتكون هذه الرسائل جسرا للتواصل معهم ومعرفة أخبارهم ولو بكلمات بسيطة، ولنعرف أيضا مكانة الأردن عند الأهل في غزة، فلم تخل رسالة من تلك التي تصلني وتصل كثيرين من الشكر والامتنان للأردن ومواقفه بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني ومتابعة سمو الأمير الحسين بن عبد الله الثاني ولي العهد، في دعم صمودهم ومساندتهم بإجراءات متعددة.
إذا ما أردت مشاركتكم نصوصا تصلني برسائل أهلنا في غزة، لم يمض على معرفتهم سوى ستين يوما، لوجدتم أنها تجمع بين الشكر ووصف الحال وطلب الدعاء والصلاة لهم، وفي مواعيد ارسال هذه الرسائل ألف حكاية، تبدأ بحرب مستعرة وتنتهي بضغوطات وقيود الاحتلال في كافة مستلزمات الحياة ومن ضمنها الاتصالات وخدمة الانترنت، وفي ذلك قطع مناطق غزة عن بعضها البعض، حتى في الحالات الاستثنائية كطلب العون أو البحث عن منقذ لإنقاذ عائلات من تحت الأنقاض، أو إسعاف المصابين والجرحى، ففي هذا الجانب تحديدا حرب لا تقل خطورة عن كل ما تقوم به إسرائيل في غزة من مجازر وكوارث.
وليس في مواعيد الرسائل حكايات، إنما في مضمونها الذي يبعث فينا جميعا الأمل، بأن الأهل في غزة على قيد الصمود، فقبل قليل وصلتني رسالة من زميل في الهلال الأحمر الفلسطيني يتحدث عن سوء الأوضاع في غزة ووضعها الكارثي، مقدّرا الموقف الأردني من غزة، يتبعه رسالة أخرى من زميل مقيم في إحدى الكنائس بصور للقصف على الكنيسة ويقول تلك العبارات بأنه على قيد الحياة، ويقول نشكر جلالة الملك بكل فخر وشموخ، وزميلة أخرى تقول إنها ما زالت «عايشة» وتطلب مساعدتها في مشروع خيري بدأته وهي على قناعة بأن بلد «أبو الحسين» هو الأقدر على المساعدة في انجاحه، وكثيرة هي الرسائل التي غيّرت من طبعي بعدم رغبتي في متابعة الرسائل وانتظارها، إلى انتظار لوصول هذه الرسائل التي باتت نافذة نرى بها غزة وأهلها.
الرسائل اليوم والتي تعد من وسائل التواصل مع أهلنا في غزة، باتت مصدر راحة لي ولنا جميعا، ووسيلة لأن نقرأ حياة الغزيين، ونطمئن عليهم، لم تعد مزعجة كما في السابق، إنما بات رنين وصولها نغمة تحيي فينا الأمل بأن القادم أفضل، والنصر قريب، وأن عين الغزيين وقلوبهم تشكر الأردن بقيادة جلالة الملك، لتكون هذه الرسائل قصصا كثيرة تشكل كل منها رواية حقيقية، يساوي مجموعها مجازر وحربا وكوارث وواقعا حقا لا يصدّق، لبشاعته ووحشيته.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

عـاجـل :