تاريخ النشر - 27-11-2023 10:06 AM عدد المشاهدات 105 | عدد التعليقات 0
الشَّعْبُ العَنِيدُ
الهاشمية نيوز - سعيد يعقوب
نُرِيدُ وَلَيْسَ يَحْدُثُ مَا نُرِيدُ *** وَرَبُّ العَرْشِ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ
وَيُخْفِي اللهُ حكْمَتَهُ لِأَمْرٍ *** وَتَجْهَلُ سِرَّ حِكْمَتِهِ العَبِيدُ
وَنَقْبَلُ مَا مَشِيئَتُهُ قَضَتْهُ *** فَلَا جَزَعٌ عَلَيْهِ وَلَا جُحُودُ
وَلَيْسَ نَشُكُّ أَنَّ النَّصْرَ آتٍ *** وَنَحْوَ المَسْجِدِ الأَقْصَى نَعُودُ
وَتَصْهُلُ خَيْلُنَا فِي كُلِّ دَرْبٍ *** وَتَخْفِقُ فِي ذُرَا القُدْسِ البُنُودُ
وَوَعْدُ اللهِ لَيْسَ بِهِ ارْتِيَابٌ *** وَتُنْجَزُ مِنْهُ إِنْ وَعَدَ الوُعُودُ
وَيَزْدَادُ اليَقِينُ بِنَا رُسُوخًا *** إِذَا الأَطْوَادُ مَادَتْ لَا يَمِيدُ
لَئِنْ طَالَتْ عَلَى شَعْبِي المَآسِي *** وَأَدْرَكَ خَطْوَهُ الجُهْدُ الجَهِيدُ
فَمَا لَانَتْ عَرِيكَتُنَا لِبَاغٍ *** وَلَا وَهَنَتْ بِمَسْعَانَا الجُهُودُ
وَكَمْ مِنْ حُرَّةٍ صَرَخَتْ وَلَكِنْ *** عَلَى الصَّرْخَاتِ لَمْ تَصِلِ الرُّدُودُ
وَكَمْ طِفْلٍ عَلَيْهِ الرَّدْمُ مُلْقَىً *** وَمِنْ دَمِهِ لَهُ نُسِجَتْ بُرُودُ
وَلَا تَلْقَى هُنَا وَهُنَاكَ إِلَّا *** غُثَاءً لَيْسَ يَنْفَعُ أَوْ يُفِيدُ
وَعَزَّتْ نُصْرَةٌ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ *** وَطَابَ لِأُمَّتِي عَنْهُ القُعُودُ
وَغَاصَ بِظَهْرِنَا لِلْغَدْرِ رُمْحٌ *** وَكَادَ لَنَا مَعَ الخَوَنِ اليَهُودُ
وَأَرْسَلْنَا البَرِيدَ بِكُلِّ صَوْبٍ *** وَحَتَّى الآنَ لَمْ يَصِلِ البَرِيدُ
فَلَا كَفٌّ لَنَا مُدَّتْ بِعَوْنٍ *** وَلَا جَاءَتْ لِنُصْرَتِنَا حُشُودُ
وَلَمْ يَسْمَعْ لَنَا شَكْوَىً قَرِيبٌ *** وَلَا لَبَّى اسْتِغَاثَتَنَا بَعِيدُ
إِذَا عَنَّا تَخَلَّى النَّاسُ إِنَّا *** مِنَ المَوْلَى لَنَا نَصْرٌ أَكِيدُ
وَلَا نَشْكُو لِغَيْرِ اللِه جُرْحًا *** إِذَا مَرَّ الزَّمَانُ بِهِ يَزِيدُ
بِهَذِي الأَرْضِ تَارِيخٌ عَرِيقٌ *** لَنَا، وَبِهَا لَنَا جِذْرٌ مَدِيدُ
بِهَذِي الأَرْضِ كَانَ لَنَا وُجُودٌ *** قَدِيمٌ قَبْلَ أَنْ يُبْنَى الوُجُودُ
وَلَوْ مُتْنَا بِهَا عَطَشًا وَجُوعًا *** وَأَدْمَتْنَا السَّلَاسِلُ وَالقُيُودُ
وَلَوْ مِنْ فَوْقِنَا هُدِمَتْ بُيُوتٌ *** وَعَزَّ الخُبْزُ أَوْ مُنِعَ الوَقُودُ
وَلَوْ حُرِمَ الدَّوَاءُ وَغَابَ مَاءٌ *** وَحَاصَرَنَا بِهَا الخَصْمُ الَّلدُودُ
فَمِنْهَا لَنْ يَكُونَ لَنَا خُرُوجٌ *** وَلَوْ فَتَحَتْ ذِرَاعَيْهَا الحُدُودُ
سَنَبْقَى صَامِدِينَ وَفِي ثَرَاهَا *** يَزِيدُ بِنَا التَّشَبُّثُ وَالصُّمُودُ
يَقُولُ المُرْجِفُونَ الوَضْعُ صَعْبٌ *** وَحَلَّ بِشَعْبِكُمْ بَأْسٌ شَدِيدُ
وَآلَافٌ مِنَ القَتْلَى لَدَيْكُمْ *** وَمِنْ جَرْحَىً بِكُمْ عَدَدٌ عَدِيدُ
فَلَمْ تَسْلَمْ نِسَاءٌ أَوْ شُيُوخٌ *** وَلَمْ يُتْرَكْ لَكُمْ طِفْلٌ وَلِيدُ
دَمَارٌ شَامِلٌ فِي كُلِّ مَنْحَىً *** وَمِنْ بَعْدِ المَزِيدِ لَكُمْ مَزِيدُ
وَمَا فِي الشَّعْبِ إِلَّا ذُو مُصَابٍ *** قَتِيلٌ أَوْ جَرِيحٌ أَوْ شَرِيدُ
فَقُلْنَا نَحْنُ شَعْبٌ لَيْسَ يَفْنَى *** وَقُلْنَا نَحْنُ شَعْبٌ لَا يَبِيدُ
نَزِيدُ صَلَابَةً مَعَ كُلِّ خَطْبٍ *** لَنَا عَنْ كُلِّ مَثْلَبَةٍ صُدُودُ
وَقُلْنَا إِنَّ ذَا ثَمَنٌ قَلِيلٌ *** لِأَجْلِ القُدْسِ، بَلْ ثَمَنٌ زَهِيدُ
وَمَا فَعَلَ الطُّغَاةُ بِأَيِّ عَصْرٍ *** مِنَ الإِجْرَامِ مَا فَعَلَ اليَهُودُ
جَرَائِمُ يَأْنَفُ الحَيَوَانُ مِنْهَا *** وَعَنْهَا عَفَّ شَيْطَانٌ مَرِيدُ
يَهُونُ عَلَى الأَشَاوِسِ كُلُّ غَالٍ *** وَيُرْخِصُهُ لَهَا شُمٌّ وَصِيدُ
وَمَنْ عَاشَ الحَيَاةَ بِغَيْرِ فَخْرٍ *** فَأَحْرَى أَنْ تُغَيِّبَهُ الُّلحُودُ
وَمَا الدُّنْيَا سِوَى وَقْفَاتِ عِزٍّ *** وَفِي المَيْدَانِ تُخْتَبَرُ الجُنُودُ
وَمَا حَقُّ الضَّعِيفِ لَدَى قَوِيٍّ *** سِوَى وَهْمٍ فَلَيْسَ لَهُ وُجُودُ
يَضِيعُ الحَقُّ لَا يَحْمِيهِ سَيْفٌ *** مِنَ الأَغْمَادِ تُخْرِجُهُ الزُّنُودُ
فَدُنْيَا العَبْدِ صَاحِبُهَا شَقِيٌّ *** وَدُنْيَا الحُرِّ صَاحِبُهَا سَعِيدُ
وَأَوْلَى بِالقَشَاعِمِ أَنْ يَتِيهُوا *** وَأَجْدَرُ بِالضَّيَاغِمِ أَنْ يَسُودُوا
وَعَيْشُ الذُّلِّ أَكْرَمُ مِنْهُ مَوْتٌ *** يَعِيثُ بِأَهْلِهِ فِي القَبْرِ دُودُ
وَلَكِنَّا كَمَا تَدْرِي الَّليَالِي *** وَيَعْلَمُ أَمْرَنَا هَذَا الوُجُودُ
أُبَاةٌ لَيْسَ يُدْرِكُنَا هَوَانٌ *** وَشُمٌّ لَيْسَ يُرْهِبُنَا وَعِيدُ
فَمَا سَالَتْ عَلَى خَدٍّ دُمُوعٌ *** وَلَا لُطِمَتْ مِنَ البَلْوَى خُدُودُ
وَفِي عَزَمَاتِنَا نَارٌ تَلَظَّى *** وَبَيْنَ ضُلُوعِنَا قَلْبٌ حَدِيدُ
وَنَمْشِي فَوْقَ حَدِّ السَّيْفِ لَسْنَا *** نَكِلُّ وَلَا نَمِلُّ وَلَا نَمِيدُ
إِذَا بَخُلَ الكِرَامُ فَنَحْنُ قَوْمٌ *** عَلَى الفَقْرِ الذِي فِينَا نَجُودُ
وَإِنْ شَكَتِ البِلَادُ صَدَىً عَلَيْهَا *** يَصُبُّ دِمَاءَهُ مِنَّا الوَرِيدُ
قَوَافِلُنَا مِنَ الشُّهَدَاءِ تَتْرَى *** شَهِيدٌ خَلْفَهُ يَسْعَى شَهِيدُ
رَصِيدُ الصَّبْرِ لَيْسَ لَهُ نَفَادٌ *** وَيُشْحَنُ كُلَّمَا نَفِدَ الرَّصِيدُ
تَصَبَّرْ أَيُّهَا الشَّعْبُ العَنِيدُ *** فَمَا نَالَ المُنَى إِلَّا العَنِيدُ
وَثِقْ بِاللِه إِنَّ الَّليْلَ يَمْضِي *** وَيَطْلُعُ بَعْدَهُ فَجْرٌ جَدِيدُ
أَلَا يَا أَيُّهَا الأَبْطَالُ مَرْحَى *** وَيَا نِعْمَ الكَوَاسِرُ وَالأُسُودُ
لَقَدْ خَيَّبْتُمُ ظَنَّ الأَعَادِي *** فَلَاقَى مَا يَهُولُ وَمَا يَؤُودُ
بِوَجْهِ طُمُوحِهِ قُمْتُمْ سُدُودًا *** فَرَدَّتْ كَيْدَهُ تِلْكَ السُّدُودُ
فَعَادَ يَجُرُّ ذَيْلَ الخِزْيِ عَنْكُمْ *** بِغَيْرِ مُرَادِهِ رَجَعَ المُرِيدُ
لَهُ وَجْهٌ عَلَيْهِ الذُّلُّ يَعْلُو *** وَشَمْلٌ مِنْ عَزِيمَتِكُمْ بَدِيدُ
وَقَتْلَاهُمْ وَقُودُ النَّارِ أَمَّا الشّْـ***ـشَــهِيدُ فَفِي الجِنَانِ لَهُ الخُلُودُ
وَإِنَّ غَدًا لِغَرْقَدِهِمْ نِدَاءً *** عَلَيْنَا ،هَلْ غَدٌ يَوْمٌ بَعِيدُ
لَهُ فِي مَسْمَعِ الأَحْرَارِ وَقْعٌ *** كَمَا قَدْ رَجَّعَ الأَلْحَانَ عُودُ
فَمِنْ بَعْدِ الغِيَابِ لَنَا حُضُورٌ *** وَمِنْ بَعْدِ الهُبُوطِ لَنَا صُعُودُ
وَمِنْ بَعْدِ النُّكُوصِ لَنَا رُجُوعٌ *** وَمِنْ بَعْدِ النُّحُوسِ لَنَا سُعُودُ