-

كتابنا

تاريخ النشر - 14-11-2023 10:29 AM     عدد المشاهدات 119    | عدد التعليقات 0

الفعل الماضي يفرض على غزة .. كانت هنا حياة!

الهاشمية نيوز -
نيفين عبدالهادي

يفرض الفعل الماضي نفسه على الواقع الغزّي المعيشي، اليومي، ففي كل مكان تصله العين في غزة، يقول واقع حاله كان هنا أطفال ، كان هنا نساء.. عائلات.. بيوت.. مدارس مساجد، كنائس، كان هنا ضحكات طفل ومناداة أم أعدت له وجبة يحبها.. كانت هنا حياة، باغتتها قنابل وصواريخ الاحتلال تاركة الأماكن تحت وطأة الماضي، لا شيء منه سوى ركام منازل وشهداء وأصوات تنادي من تحت الأنقاض، ومستشفيات خارج الخدمة ومدارس لم يبق منها سوى بعض أوراق الكتب، فكل ما في غزة اليوم «كان»!.
الحديث عن الواقع في غزة اليوم والذي أسمعه في حديثي مع مسؤولين أو زملاء صحفيين أو كوادر الهلال الأحمر الفلسطيني، تجاوز الأوصاف التي تعوّدنا عليها، ما يحدث تجاوز جرائم الحرب والكوارث والمجازر، فلم يبق من هذه المعاني ما هو مقبول أن نصف به الحرب على غزة، فقد تجاوز الاحتلال الإسرائيلي الإنسانية والقوانين والأخلاق وقدسية الأديان، تجاوز كلّ هذا بل أكثر، والأكثر خطورة أنه يصمّ أذنيه عن كل الأصوات التي تنادي بوقف حربه وانتهاكاته وجرائمه ومجازره، ماضيا في جرائمه، مصرا عليها، بوسائل إجرامية هي الأخطر في تاريخ البشرية.
أن يتم قصف مستشفى أو قافلة نازحين وأن تصل جثامين الشهداء أشلاء وأجسادا مقطعة، أن ينهار صحفي خلال تغطيته الأحداث باستشهاد أفراد عائلته، وأن تصطدم طبيبة بأن السرير الذي يسارع به الأطباء من حولها من عليه أحد أبنائها، أن تناشد سيدة تلد من يساعدها ولا تجد، أن يستشهد أطفال الخداج لعدم وجود خدمات لهم، أن يستشهد مرضى وجرحى لانعدام المستلزمات الطبية، وغيرها من التفاصيل التي تجعل من المحتل يمضي في درب سيكون هو أول الخاسرين بها، فما يقوم به من جرائم لن تترك سوى كوارث عليه، قبل غيره، الاستمرار في هذه الحرب بجرائمها ومجازرها، والتي تزداد خطورة يوما بعد يوم يحمل من الأخطار الكثير، ومن الدمار الأكثر.
في غزة، نرى ونسمع ما لم نسمعه ولم نره يوما، في هذه المدينة الجميلة التي زرعت الأمل قبل أن تزرع أشجارها وبثّت أريج السلام والمحبة قبل أن يفوح أريج أزهارها، تتعرض اليوم لأبشع وأقسى ما شهدته البشرية، بإصرار المحتل على جرائمه دون الأخذ بأصوات العقل والحكمة التي تصرخ بوقف الحرب، التي في بقائها واستمراريتها ستكبر معه كرة الثلج للظلم والعنف وغياب السلام، ولن يتمكن أحد من التصدي لتبعاتها التي تصر إسرائيل على إغماض عينها عنها.
طالما حذر جلالة الملك عبد الله الثاني من الحلول العسكرية، ومن جديد يؤكد جلالته أمس على أنه لا يمكن للحل العسكري أو الأمني أن ينجحا، ولا بد من وقف الحرب، وذلك خلال لقاء جلالته أمس رئيسي مجلس الأعيان والنواب وعددا من السياسيين، فهي الحكمة الأردنية بقيادة جلالته، التي إن لم يؤخذ بها على محمل التطبيق الفوري، فالأمور تزداد سوءا وخطورة وبعدا عن السلام لأزمان وليس فقط لمدد زمنية اعتادتها البشرية لاحتساب زمنها، فالحروب تدمّر ولا تعمّر.
أن يُفرض الفعل الماضي على غزة وأهلها، أن تبقى أحاديثهم وما ينقل عنهم من أحداث تبدأ وتنتهي بأن كان هنا وكانت هنا، وأن تصاغ روايتهم اليوم بأن كانت هنا حياة، بين هذه التعابير مجازر وجرائم، وكوارث، ترتكب كل لحظة وكل ثانية تطال الأبرياء من أطفال ومدنيين ونساء وشيوخ، دون رحمة، لا يكتفي بها الاحتلال بأدوات حربه، وأدواته العسكرية، إنما تصل مجازره لمن هم في المستشفيات ولمن هم في القبور، ولمن هم في أماكن النزوح، بقصف عشوائي أرعن لا يقود سوى لمزيد من الدمار، ولمزيد من الإمعان بأن في غزة.. كانت هنا حياة.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

عـاجـل :