-

كتابنا

تاريخ النشر - 26-09-2023 03:34 PM     عدد المشاهدات 142    | عدد التعليقات 0

حسـن أبـو علي .. نص للذكـرى

الهاشمية نيوز - محمود كريشان

كان يحنو على كتبه ويتوشح أوراقها مدمنا حبر المطابع.. يتقوقع في كشكه التراثي في قلب عمان، ويقسم بأغلظ الأيمان انهم لو خيروه بموقع جديد لهذا الكشك في أرقى عواصم الدُنيا.. لأختار وسط البلد في عمان.. وتحديدا في تلك الرقعة الإستراتيجية من شارع فيصل.. مهبط عشقه وصبره.

حسن البير.. الشهير باسم «حسن ابوعلي».. الذي توفاه الله في آذار العام الماضي 2022 حكاية عمانية عنوانها ومضمونها «الصبر والرضا».. الانتماء والولاء.. مجبولة بالعشق الإسطوري للعاصمة الهاشمية الأبية «عمان» وشريان قلبه الموصول بوسط المدينة وقد التصق به ردحا من الزمن والعشق والوجد منذ سنة 1947 وحتى غادر هذه الدنيا الفانية.

ابوعلي.. أو «مدبولي» الأردن.. امتثالا لـ»مدبولي» القاهرة، كان راهبا في محراب الكتب ورفوفها.. لا يبحث عن الربح والتجارة مطلَقًا، لأن اكثر ما يسعده أن يقوم الشباب باعتبارهم نصف الحاضر وكل المستقبل بشراء كتاب وفي معظم الأحيان يقسم أبوعلي بأغلظ الأيمان أنه لا يتقاضى ثمنه من المشتري، فهو المسكون بأن يكون في كل بيت مكتبة ورواية وحكاية وقصة؛ لأنه المؤمن كل الإيمان بأهمية الثقافة باعتباره وزير الثقافة الشعبي كما يحلو للمثقفين تسميته..

حتى ولو قالوا «ابوعلي.. عظامه ذهب».. نقول أيضا لكن «ما في جيبه ليس له»!.. فهو كان يمنح ويعطي بسخاء ويحنو على الفقراء ومن تقطعت بهم السبل من المثقفين وأهل السبيل حتى الوافدين، فهو كريم بامتياز، معطاء بلا حدود، لا يألو جهدا في عمل، الخير وبصمات احسانه تمتد في أرجاء المدينة.. ولا غرابة ان تجده مغادرا كشكه.. لكن في عمان ومع أهلها وتجارها وعشاقها.. تجده تارة عند صديقه التاريخي «شهبندر تجار الذهب» الحاج المهندس خلدون سالم العقايلة.. ولدى العماني الأنيق الرشيق.. تاجر الساعات الثمينة المثقف بامتياز الاستاذ عمران عبداللطيف الذهبي.. وإلى جاره العابق برائحة القهوة والهيل والكرم أحد أبرز وجهاء عمان مازن عبدالرزاق الشربجي.. وجيرة الرضا مع مالك اشهر محال الحلويات في الاردن هاني محمود حبيبة، وقس على ذلك مقدار العلاقات التي يتمتع بها ابوعلي مع تجار عمان وعشاقها.

في كشك الثقافة.. لا غرابة أن تلتقي برئيس مجلس الاعيان الاستاذ فيصل عاكف الفايز وبرئيس مجلس الاعيان الاسبق الدكتور عبدالرؤوف الروابدة، ورئيس الوزراء السابق العين الدكتور معروف البخيت، ورئيس الوزراء الأسبق د. عمر الرزاز، ورئيس الديوان الملكي الاسبق د. خالد الكركي، ووزير الإعلام الأسبق د. هاني الخصاونة، ووزير الخارجية الأعرق د. عبدالاله الخطيب، ووزير الإعلام السابق الزميل راكان المجالي، والعين المحامي الألمعي اديب الجلامدة، وصديقه التاريخي الكاتب والمحلل السياسي البارز الاستاذ محمد خروب.. تجد الصحفي والمؤرخ العماني الرشيق العريق الأستاذ وليد سليمان.. تجد قضاة، وزراء، أطباء، سفراء.. مثقفين وسياسيين.. ولا غرابة ان تجد من تقطعت بهم السبل ولامسهم شيء من عطفه رغم فقره وعوزه. حسن ابوعلي الذي يتدثر بكتبه ويلتحف كشكه منذ عشرات السنين، لكنه يمنح خصوصية الرعاية لتلك الكتب التي تتحدث عن عمان ومن هذه الكتب مؤلفات الأديب الراحل عبدالله رشيد وأرسلان رمضان وسليم قونة، وكتب أخرى مثل سيرة مدينة «عبد الرحمن منيف» ومحطات في رحلتي مع الحياة «هيفاء البشير»، وبين الطب والسياسة «زيد حمزة»، و أبناء القلعة «زياد قاسم» وبنات عمان أيام زمان «عايدة النجار» وذكريات الزمن الجميل «فؤاد البخاري» ومحطة عمان للطبيب العماني العريق موفق خزني كاتبي، وذكريات عمان أيام زمان «غالب ابو صالحة» وكل المؤلفات التي تتحدث عن عاصمة هاشمية أبية.. عشقها ابوعلي.. وترنم مطولا في روائع الغناء القشيب المنذور لمعشوقته «عمان» و:

عـمّان في القلب أنت الجمر والجاه ببالي عودي مري مثلما الآه

لو تعرفين وهل إلاك عارفة هموم قلبي بمن بروا وما باهوا..

من السيوف أنا أهوى بنفسجة خفيفة الطول يوم الشعر تياه

سكنت عينيك يا عمان فالتفتت إلي من عطش الصحراء أمواه..

وكأس ماء أوان الحر ما فتئت ألذ من قُبلٍ تاهت بمن تاهوا..






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

عـاجـل :