-

مقالات مختارة

تاريخ النشر - 26-09-2023 03:28 PM     عدد المشاهدات 129    | عدد التعليقات 0

(الْأَبْعَادِ الْجَمَالِيَّةِ وَالْفَنِّيَّةِ فِي اَلْقِصَّةِ الْأُرْدُنِّيَّةِ الْقَصِيرَةِ جِدًّا) لمُحَمَّد عَبْد اَلْكَرِيمِ غِرِيز

الهاشمية نيوز - د. إيمان محمد ربيع

(أستاذ مشارك، ونائب عميد كليَّة الآداب في جامعة جرش، قسم اللغة العربيَّة، أدب ونقد)

كَمْ أَسَرَّنِي وَأَفْرَحَنِي أَنْ يُنْشَرَ الْكِتَابُ اَلْمَوْسُومُ بـ(الْأَبْعَادِ الْجَمَالِيَّةِ وَالْفَنِّيَّةِ فِي اَلْقِصَّةِ الْأُرْدُنِّيَّةِ الْقَصِيرَةِ جِدًّا)، مِنْ تَأْلِيفِ اَلْأُسْتَاذِ (مُحَمَّد عَبْد اَلْكَرِيمِ مَحْمُود غِرِيز)، الَّذِي يَتَمَيَّزُ بِالِاجْتِهَادِ وَالْجِدِّ وَالْمُثَابَرَةِ وَالشَّغُوفِ بِالْقِرَاءَةِ وَالدَّرْسِ، مُحِبًّا لِلْأَدَبِ اَلْأُرْدُنِّيِّ وَأُدَبَائِهِ، شَغُوفًا بِإِخْرَاجِ اَلْمَخْبُوءِ عِنْدَ أُدَبَائِنَا كَعَمَّارِ اَلْجُنَيْدِي اَلَّذِي وَقَعَ اِخْتِيَارُهُ عَلَيْهِ بِالْقِرَاءَةِ وَالتَّحْلِيلِ لِمَجْمُوعَتِهِ اَلْقَصَصِيَّةِ ( لَا بَوَاكِي لِي )؛ اَلَّتِي تَحْمِلُ اَلْكَثِيرَ مِنْ الْقَضَايَا اَلِاجْتِمَاعِيَّةِ وَالنَّفْسِيَّةِ وَالدِّينِيَّةِ وَالسِّيَاسِيَّةِ اَلَّتِي تَشْغَلُ فِكْرَ الْإِنْسَانِ فِي الْمُجْتَمَعَاتِ، بِرُؤَاهُ ذَاتِ الْحِسِّ اَلْإِنْسَانِيِّ السَّاخِرِ.

وَالْمُؤَلَّفُ مُحَمَّد غِرِيز مِنَ الَّذِينَ يُصَمِّمُونَ للوُصُولِ إِلَى أَعْلَى الْمَرَاتِبِ مِنْ خِلَالِ طُمُوحِهِ الْجَامِحِ، وَثِقَتِهِ الْعَالِيَةِ بِنَفْسِهِ، وَجُرْأَتِهِ عَلَى اقْتِحَامِ مَيَادِينِ اَلْبَحْثِ الْعِلْمِيِّ؛ فَأَبْحَرَ فِي هَذَا الْمَيْدَانِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ عَلَى عَاتِقِهِ الْكَثِير مِنْ الْمَسْؤُولِيَّاتِ؛ فَهُوَ ابْنٌ وَوَالِدٌ وَمُدَرِّسٌ وَطَالَبُ عِلْمٍ، كُلُّ هَذَا يَحْتَاجُ إِلَى الْكَثِيرِ الْكَثِيرِ مِنْ الْوَقْتِ وَالْجُهْدِ وَالْمَالِ وَالالْتِزَامِ، لَكِنَّهُ يَعْلَمُ أَيْضًا أَنَّهُ مَنْ جَدَّ وَجَدَ وَمِنْ سَارَ عَلَى الدَّرْبِ وَصَلَ.

وَهَكَذَا اخْتَارَ طَرِيقَ اَلْعِلَمِ؛ لِيَسِيرَ فِيهِ وَيُعَانِقَ طُمُوحَاتَهِ وَآمَالَهُ وَأَحْلَامَهُ ، وَأُولَى هَذِهِ الْخُطُوَاتِ اخْتِيَارَهُ لِمَوْضُوعِ الْكِتَابِ ( الْأَبْعَادُ اَلْجَمَالِيَّةُ وَالْفَنِّيَّةُ فِي اَلْقِصَّةِ اَلْأُرْدُنِّيَّةِ اَلْقَصِيرَةِ جِدًّا)، فَقَارِئُ الْكِتَابِ سُرْعَانَ مَا يَجِدُ نَفْسَهُ أَمَامَ عَمَلٍ أَدَبِيٍّ جَادٍّ يَدُورُ اَلْحَدِيثُ فِيهِ حَوْلَ الْأَدَبِ بِشَكْلٍ عَامٍّ، وَالْأَدَبِ اَلْأُرْدُنِّيِّ بِشَكْلٍ خَاصٍّ، وَالْقِصَّة الْقَصِيرَة جِدًّا أُنْمُوذَجًا؛ لِتُعَبِّرَ عَنْ مَكْنُونَاتِ النَّفْسِ الْإِنْسَانِيَّةِ وَفْقَ وَاقِعِنَا الْمَعَاشِ، مُحَاوِلًا إِيجَادَ الْحُلُولِ لِهَذَا الْوَاقِعِ، فَهِيَ مَلِيئَةٌ بِالْمَعَانِي وَالْمَدْلُولَاتِ الَّتِي أَرَادَ الْكَاتِبُ تَوْظِيفَهَا مِنْ خِلَالِ جَمَالِيَّاتِهَا وَفَنِّيَّاتِهَا الَّتِي اتَّكَأَ عَلَيْهَا فِي تَكْوِينِ نَصِّهِ الْقَصَصِيِّ.

وَأَوَدُّ أَنْ أَلَّفَتَ نَظَرَ اَلْقَارِئِ اَلْكَرِيمِ إِلَى مَا احْتَوَى عَلَيْهِ الْكِتَابُ مِنْ فُصُولٍ تَحملُ عَنَاوِينَ تَدُلُّ عَلَى الْتِقَاءِ الذَّوْقِ وَحُسْنِ الاخْتِيَارِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالْعِلْمِ وَالنَّقْدِ، فَفِي التَّمْهِيدِ تَحَدَّثَ الْمُؤَلِّفُ مُحَمَّد غِرِيز عَنْ حَيَاةِ الْكَاتِبِ عَمَّار اَلْجُنَيْدِي وَمَرْجِعِيَّاتِهِ اَلثَّقَافِيَّةِ، فَهُوَ مَوْلُودٌ فِي قَرْيَةِ عِبلِّينَ فِي مُحَافَظَةِ عَجْلُونَ، شَغَلَ مَنَاصِبَ مُخْتَلِفَةً مَا بَيْنَ رَئِيسٍ وَمُؤَسِّسٍ وَعُضْوٍ وَمُسْتَشَارٍ فِي مَجْمُوعَةٍ مِنْ الْمُؤَسَّسَاتِ الثَّقَافِيَّةِ الْمَحَلِّيَّةِ، إِضَافَةً لِتَسَلُّمِهِ لِلْعَدِيدِ مِنَ الْجَوَائِزِ كَجَائِزَةِ (ثَقَافَةٌ بِلَا حُدُودٍ) لِلْقِصَّةِ الْقَصِيرَةِ جِدًّا عَلَى مُسْتَوَى الْوَطَنِ اَلْعَرَبِيِّ، صَدَرَ لَهُ الْعَدِيدَ مِنْ الْأَعْمَالِ الْأَدَبِيَّةِ، مِنْ شِعْرٍ، وَقِصَّةٍ قَصِيرةٍ، وَقِصَّةٍ قَصِيرَةٍ جِدًّا، فَهُوَ كَمَا يَصِفُهُ الْأُدَبَاءُ وَالنُّقَّادُ «شَاعِرًا وَقَاصًّا مُبْدِعًا، صَابِرًا، شَاكِرًا، وَفِي جَانِبٍ آخَرَ مُتَمَرِّدًا صُعْلُوكًا ثَائِرًا يُتْقِنُ تَطْوِيعَ الْكَلِمَةِ»، ثُمَّ تَابَعَ الْمُؤَلِّفُ الْحَدِيثَ حَوْلَ الْبُعْدِ الْجَمَالِيِّ وَالْبُعْدِ الْفَنِّيِّ .

جَاءَ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ بِعُنْوَانِ (الْقِصَّةُ الْقَصِيرَةُ جِدًّا مِنْ الْإِرْهَاصَاتِ إِلَى الِاسْتِقْلَالِ- دِرَاسَةٌ نَظَرِيَّةٌ)، تَنَاوُلَ فِيهِ الْمُؤَلِّفُ فِي الْمَبْحَثِ الْأَوَّلِ: الْمَفْهُومِ وَالْمُصْطَلَحِ وَإِشْكَالِيَّاتِهِ وَآرَاءِ اَلنُّقَّادِ فِيهِ، أُمًّا الْمَبْحَثِ الثَّانِي فَتَنَاوَلَ الْحَدِيثَ حَوْلَ اَلْقِصَّةِ الْقَصِيرَةِ جدًّا وَتَطَوُّرِهَا.

أَمَّا الْفَصْلُ الثَّانِي فَجَاءَ بِعُنْوَانِ (الْأَبْعَادِ الْجَمَالِيَّةِ وَالْفَنِّيَّةِ فِي مَجْمُوعَةِ «لَا بَوَاكِي لِي»: دِرَاسَةٍ تَطْبِيقِيَّةٍ)، فَفِي الْمَبْحَثِ الْأَوَّلِ دَارَ الْحَدِيثُ حَوْلَ الْأَبْعَادِ الْجَمَالِيَّةِ مِنْ خِلَالِ الْعُنْوَانِ وَمَدْلُولَاتِهِ، والْقَفْلَةِ وَالدَّهْشَةِ، والْإِيحَاءِ وَالرَّمْزِ، وَالْمُضْمِرَاتِ، بَيْنَمَا جَاءَ الْمَبْحَثُ اَلثَّانِي حَوْلَ الْأَبْعَادِ الْفَنِّيَّةِ مِنْ خِلَالِ الْحَدِيثِ عَنْ اللُّغَةِ، وَالْبِدَايَةِ وَالِاسْتِهْلَالِ، وَالْعُقْدَةِ وَالْحَدَثِ، وَالْإِيجَازِ وَالتَّكْثِيفِ.

وَتَأْتِي أَهَمِّيَّةُ هَذَا الْكِتَابَ فِي كَوْنِهِ يُلْقِي الضَّوْءَ عَلَى أَدَبِنَا الْأُرْدُنِّيِّ وَأُدَبَائِنَا اَلْأَفَاضِلِ الَّذِينَ نَفْخَرُ بِهِم، وَأَنَّ الْمَكْتَبَةَ الْأُرْدُنِّيَّةَ وَالْعَرَبِيَّةَ كَسَبَتْ كِتَابًا جَدِيدًا جَدِيرًا بِالْقِرَاءَةِ وَالدَّرْسِ.

وَأَخِيرًا، لَا بُدَّ لِي مِنْ أَنْ أزجي التحيةَ لِلْمُؤَلِّفِ مُحَمَّد غِرِيز عَلَى نَجَاحِهِ فِي اخْتِيَارِ مَوْضُوعِ كِتَابِهِ الَّذِي يَعْكِسُ صِدْقَ شُعُورِهِ وَانْتِمَائِهِ لِوَطَنِهِ الْأُرْدُنِّيِّ، وَلِأُدَبَاءِ هَذَا الْوَطَنِ وَقَضَايَاهُمْ، وَتَسْلِيطَ الضَّوْءِ عَلَيْهِمْ بِصُورَةٍ وَاعِيَةٍ وَدَقِيقَةٍ وَأُسْلُوبٍ رَاقٍ، وَلُغَةٍ جَمِيلَةٍ، وَإِيقَاعٍ مُرْهَفٍ، فَكَانَتْ نُصُوصُ الْمَجْمُوعَةِ اَلْقَصَصِيَّةِ (لَا بُوكِي لِي) مَضْمُونُ الْكِتَابِ وَزِينَتِهِ، لَكِنَّهُ ازْدَادَ جَمَالاً وَرُقِيًّا بِتَحْلِيلَاتِهِ الْعَمِيقَةِ بِوَصْفِهِ نَاقِدًا مَاهِرًا يَتَّسِمُ بِثَقَافَتِهِ الْوَاسِعَةِ والشَّامِلَةِ، أَوْصَلَهُ جُهْدُهُ وَتَصْمِيمُهُ حَدَّ الْمَهَارَةِ وَالتَّمَكُّنِ وَالْقُدْرَةِ.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

عـاجـل :