-

مقالات مختارة

تاريخ النشر - 19-09-2023 10:52 AM     عدد المشاهدات 276    | عدد التعليقات 0

في المولد النبوي .. دروس وعبر من ذكراك

الهاشمية نيوز -
الداعية نائلة هاشم صبري


في أعماق القلوب المؤمنة تكمن أجمل الذكريات... ذكرى مولد المصطفى –صلى الله عليه وسلم- منقذ الإنسانية من كابوس الاضطهاد ودياجير الظلام، فكلما تجددت ذكراه العطرة... كلما بدت للمسلمين خاصة والعالم عامة، أن محمداً –عليه الصلاة والسلام- هو ذلك الانسان الذي خُلّد ذكراه في قرآننا وخُلّد في سجل تاريخنا صفحات مضيئة، وأنه خاتم الأنبياء، وأن دينه دين الإنسانية جمعاء، هذا الدين يصور نفسه العظيمة التي سبحت في عالم النور، وظللتها الهداية، إنها النفس المؤمنة... (إنها النبوة) التي لا تتزعزع أمام النوائب والمثبطات، ولا يؤثر فيها العوارض والمحن، بل يزيدها الايمان صلابة وقوة.
ونحن في هذا الوقت، وفي هذا العصر الذي نحياه، وفي كل عصر بحاجة الى الاقتداء برسولنا الكريم –صلى الله عليه وسلم-.
أجل ما أحوجنا الى صفاته –صلى الله عليه وسلم-لنتخذها نبراساً لنا ودرساً وعبرة. فصفاته كثيرة حميدة لا نفيها حقها في هذه العجالة.
لقد كان –عليه الصلاة والسلام- مطبوعاً على الأخلاق الكريمة، النابعة والمستقاة من القرآن الكريم، فكان خلقه القرآن.
وعرف بالأمانة قبل نبوته، ولذلك كانوا في الجاهلية يتحاكمون اليه فيفصل في خصوماتهم، فيرضون بحكمه وعدله حتى لقب بـ (الأمين) فكان صادقاً أميناً في أقواله وأفعاله.
وتمثلت في رسول الله –عليه الصلاة والسلام- الشجاعة والنجدة؛ فلقد تصدى لأعدائه، فعندما اضطرب المسلمون من حوله يوم غزوة (حنين) لم يجزع بل بقي ثابتاً بشجاعته. ولقد قال عليّ –كرم الله وجهه-: «كنا إذا حمي الوطيس اتقينا برسول الله –صلى الله عليه وسلم- فما يكون أحد أقرب الى العدوّ منه».
وتمثلت فيه صفة الحلم وسعة الصدر؛ إذ كان يصل من قطعه ويعطي من منعه ويعفو عمن ظلمه. فعندما دخل مكة فاتحاً، واستدار نحو الكعبة مكبراً، وبعد أن خرج الى مقام إبراهيم مصلياً فيه، جلس في المسجد والناس من حوله تتطلع إليه، وينتظرون ما سيوقعه من عقاب بالمشركين من قريش، أولئك الذين طالما آذوه وأخرجوه من بلدته وقاتلوه، وها هم أصبحوا في قبضته وتحت حكمه.
وهنا تجلى موقف عظيم نبيل يبدو فيه حلمه –صلى الله عليه وسلم- وسعة صدره، إذ ارتفع صوته مخاطباً أهله من قريش: يا معشر قريش، ما تظنون أني فاعلٌ بكم؟ قالوا: خيراً، أخٌ كريم وابن أخٍ كريم.
فقال –عليه الصلاة والسلام-: «لا تثريب عليكم اليوم، اذهبوا فأنتم الطلقاء».
وفيه –صلى الله عليه وسلم- تمثل حسن السياسة والاستقامة؛ فلقد كانت معاملته لبني قومه بالحسنى واللين، واتساع خلقه للمنافقين الذين أخذوا يؤذنوه في غيابه ويتملقون اليه في حضوره. وعفا عن المقاتلين الذين كسروا رباعيته وشجّوا وجهه يوم أحد حتى سال الدم من وجهه. ولما شق ذلك حينها على أصحابه قالوا له: لو دعوت عليهم. فقال: إني لم أبعث لعاناً ولكن بعثت داعياً ورحمة، اللهم اغفر لقوي فإنهم لا يعلمون.
وتمثلت فيه روح التضحية في سبيل هداية الناس الى الحق وإنارة دربهم. فلقد تعرض للأذى الشديد من أهل الطائف؛ إذ أدموا قدميه وأغروا به سفهاءهم، ولكنه اتجه الى ربه داعياً ضارعاً شاكياً: (اللهم إني أشكو اليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين أنت رب المستضعفين وأنت ربي. الى من تكلني؟ الى بعيد يتجهمني أو الى عدو ملكته أمري. إن لم يكن بك عليّ غضب فلا أبالي، ولكن عافيتك أوسع لي. أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك أو تحلّ عليّ سخطك، لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة الا بك).
وتمثل فيه السخاء والكرم، فكان وافر الفضل، يعين على النوائب ويحمل الكل ويكسب المعدوم، سخّاء معطاء، ما سئل عن شيء فقال لا.
كان يجود بكل ما يملك وقد وصف عليّ –رضي الله عنه-رسول الله بقوله:
(كان أجود الناس كفاً وأوسع الناس صدراً، وأصدق الناس لهجة، وأوفاهم ذمة، وألينهم عريكة، وأكرمهم عشرة، من رآه بديهة هابه، ومن خالطه معرفة أحبه).
وتمثلت فيه حسن المعاشرة؛ فلم يضرب أحداً إلا أن يكون جهاداً في سبيل الله.
قال أنس –رضي الله عنه-: «خدمت النبي –صلى الله عليه وسلم-عشر سنين فما قال لي أفٍّ قط، ولا قال لشيء صنعته لم صنعته، ولا لشيء تركته لم تركته».
هكذا كان رسول الله سمحاً ليناً مع الناس وخاصة مع خدمه فيأكل معهم.
وتمثلت فيه صفة التواضع، فكان يجيب دعوة المساكين، ويعود المرضى، ويمشي في الأسواق، ويتحدث الى أصحابه وجلّاسه ويمازحهم.
وبعد: لتكن صفاته –صلى الله عليه وسلم- أُسوة للقادة والمحامين والقضاة في شجاعته ونجدته وصبره وثباته ونزاهته وعدله. وللشباب والآباء في رجولته وقوة شخصيته وحنوّه وعطفه وشفقته. وللتجار والعمال في أمانته وصدقه وإخلاصه. وللعلماء والأئمة والوعاظ في صلاحه وتقواه وتمسكه بقرآنه ومبدئه وعقيدته. وللأُدباء والشعراء في عذوبة نطقه وحلاوة أسلوبه وصدق قوله وجمال تعبيره.
فسلام على رسولنا قائد الإنسانية ومنقذ البشرية، سلام عليك في ذكراك يا سيدي يا رسول الله.
والحمد لله رب العالمين






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :