-

مقالات مختارة

تاريخ النشر - 22-08-2023 10:33 AM     عدد المشاهدات 183    | عدد التعليقات 0

وفّرها واصرفها!

الهاشمية نيوز -
بشار جرار

في مرحلة ما لا أريد ذكرها، خرج البعض علينا في هتاف، بشعار مرحلي، مفرداته تكتيكية، «تك-توكيّة»! ما دمنا نعتز بأننا «قول وفعل» كون أجدادنا من الذين «يفعلون ما يقولون»، علينا أن نفكر باعتبارات كثيرة إلى جانب السجع! لكني محظوظ على ما يبدو وأسعفني رصيدي الاصطلاحي بمعارضة ذلك الشعار «الهتاف» الذي لا أريد ذكره. شعاري المقترح المعارض لذلك الهتاف «وفّرها واصرفها»..
عن الليرة أتحدث، عن الدينار بكل إصداراته من الأخضر حتى القرمزي، فئة الخمسين دينارا الجديدة. هي ورقة نقد نحمد الله أن هيبتها محفوظة بين قطع النقدي العالمي وليس الإقليمي فقط. دينارنا بخير. وما رفع أرباع النقاط المئوية إلا ارتباط بالدولار الأمريكي معلوم مسبقا عن سياساتنا النقدية التي أثبتت حكمتها ورصانتها على تبدّل الحكومات. نحمده تعالى أن ضميرا وعقلا وطنيا يحكم ويسود جميع أركان الدولة. فمن أسرار قوتنا المعروفة والمعترف بها من قبل القاصي والداني هو العزم والمثابرة والثبات، لا نميل مع الريح بل نسخّرها ونبحر بسفننا، بأشرعتنا، بمرساتنا كما أراد ربّان الأرض والسماء، رب الأرباب سبحانه..
من مؤسساتنا الوطنية التي أعتز بها بكثير من الحنين، صندوق التوفير البريدي. مؤسستنا الفذة، الآن مؤتمنة على ما هو أغلى من المال، على جواز السفر، على رخصة القيادة. لم لا تكون عودة؟ وبعض «العود أحمد»..
نعود عن كثير من الهتافات السجعية «الطرمة» التي لا تسمع ولا تسمن ولا تغني من جوع. بدلا من الخوض في المحروقات وأسعارها -ونعلم جميعا أنها خارج نطاق السيطرة- لأننا مستهلكين لا منتجين ولا حتى ناقلين لخطوط إنتاج البنزين والسولار والغاز. بدلا من الشعارات الكبيرة التي لا تخلف إلا إحباطا وإرباكا وفرقة وبلبلة لا تحمد عقباها، أهمس بشعار «وفّرها واصرفها»: إما قمحة تصير سبعا، وإما حسنة فتصير عشرا! نوفّرها، تلك الورقة النقدية التي يتمثل أسهل قرار في الحفاظ عليها بعدم فكّها وتحويلها من ورقية إلى معدنية، «صرافة»! إن نجت تلك الورقة من الصرف على ما يمكن الاستغناء عنه أو حتى تأجيله، إن نجت ثلاثة أيام فقط، «بوجهك» على أقرب جيبة من ملابسك الشتوية. كانت تلك طريقة أمي «الخفية» المحببة في توفير القطع الورقية، الصغيرة قبل الكبيرة، وكم فكّت ضيقة من ضيقات الزمان، بما فيها أقساط مدارس وجامعات، رعاها الله وكل أم، في العالم كله..
العبرة أحبتي إخوتي الكرام أن جوهر الكرم في الإنفاق على الأولويات لا الكماليات.. ثمة اصطلاح أمريكي لباب من أبواب التوفير يعرف باسم «الدم والعظم»، بمعنى ادخار أموال لا تستخدم إلا في تلك المصائب التي نقول فيها «تفاقيد ربنا رحمة».. ثمة حاجة ماسة روحية أخلاقية فكرية مجتمعية لإعادة نظر في نظرتنا إلى المال والعقار، ليست وحدها الأرض هي المقدسة، ولا الذهب وحده هو الغالي، الادخار بالعملة الوطنية في مصارف غير ربحية بنسبة ما وبالربحية بنسب أخرى، قرار يتطلب حكمة وبعد نظر يتجلى فيه الكرم الحقيقي، الكرم في مكانه وأوانه.. «الكاش»، النقد يبقى دائما سيد الموقف وفي كل زمان ومكان.. وفّرها يا غالي، واصرفها «على الغالي»، والغالي فقط..






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

عـاجـل :