-

مقالات مختارة

تاريخ النشر - 14-06-2023 09:35 AM     عدد المشاهدات 84    | عدد التعليقات 0

ا.د. خليف الطراونة يكتب: التعليم العالي: الواقع والأمل

الهاشمية نيوز - يمرّ التعليم العالي برمته في وطننا الأردن بمنعطف مهم، تتبدى علاماته في إشكالية البناء المؤسسي والهدف من وراء مجمل مؤسساته التي كانت نشأتها، منذ البداية، للإسهام في التنمية، ولكنها اليوم تتدثر بدثار المحلية، وإضعاف هوامش الاستقلالية التي استحقتها وتقليل ميزاتها التنافسية؛ حيث بقيت الجامعات رهينة وزارة التعليم العالي ومجلس التعليم العالي اللذين تحكمهما أحياناً الأمزجة والقرارات الارتجالية، ما جعل جامعاتنا في حالة من القصور عن التأثير الإيجابي في المجتمع، وانحسار فاعليتها في التغيير والبناء، وفقدان الجامعات الرسمية استقلالها الكامل: مالياً؛ وإدارياً.
وبحكم خبرتي الطويلة في الجامعات وهيئة الاعتماد و انطلاقاً من غيرتي على سمعة التعليم العالي وجودته؛ فإنني أتوجه بندائي هذا إلى الذين تفرحهم إنجازات مؤسساتنا التعليمية وتسؤوهم إخفاقاتها، وإلى كل الغيارى على التعليم العالي في بلدنا الغالي؛ من أجل التلاقي لدعم فكرة المشاركة في لجنة وطنية، هدفها الاطلاع عن كثب على واقع جامعاتنا الأردنية كافة من خلال القيام بزيارات ميدانية يتم فيها الالتقاء بمجالس الأمناء ورؤساء الجامعات والطلبة، إضافة الى الاطلاع على عمل هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي وضمان جودتها والالتقاء برئيسها ، وصولاً إلى إعداد ورقة علمية للوقوف على حالة التعليم العالي في بلدنا ، ومعرفة ما لها وما عليها، وأين أصبنا وأين أخطأنا. فنحن ما نزال نراوح حول الأفكار والطروحات والتنظير، ولم نصل بعد الى مرحلة تطبيق ذلك كله على أرض الواقع وملامسته لأسباب عدة، يقف في مقدمتها عدم توفر النية الصادقة للتطبيق والعمل، وإن كانت هناك بعض النوايا الطيبة والحماسة الصادقة، لكنها تفتقد الى آليات التطبيق الفعلي على أرض الواقع.
ولعل هذه الورقة التي ستقوم اللجنة بإعدادها تضع يدها على مكامن القوة والضعف في أداء مؤسساتنا التعليمية ولتتمم هذه اللجنة بمهماتها تلك، ما توصلت اليه اللجنة الوطنية لتنمية الموارد البشرية برؤى وأفكار مستوحاة من الواقع والتجربة، وتسهم في تكوين خارطة طريق للنهوض بالتعليم العالي الأردني بمنهج وطني، وبمشاركة مجتمعية في دعمه وتجويده، وبخطوات إجرائيةً تأخذ في الحسبان النقاط التالية:
- أوراق جلالة الملك النقاشية التي ما زالت حبيسة الأدراج ، ولم تنل الأهمية والمكانة التي تستحقها، ولم نستطع - ومع الأسف- ترجمة ما فيها من أفكار ورؤى على أرض الواقع.
- آلية اختيار وإعفاء رؤساء الجامعات الرسمية ؛ فما زلنا غير قادرين على إيجاد آلية مرضية ومقنعة وشفافة وواضحة لهذا الاختيار.
- التخصصات الدراسية المشبعة ، ولا سيما في برامج الدراسات العليا.
- غياب سياسات واضحة للتعليم والتدريب المهني.
- البرنامج الموازي وما يرافقه من إرهاصات.
- عدم إقرار قانون عام يحكم أنظمة وتعليمات الجامعات الوطنية جميعها ؛ حيث تغرد كل جامعة في جهة مختلفة عن غبرها من الجامعات.
- تطبيق معايير الجودة العالمية الشاملة على المخرجات التعليمية؛ بهدف ضمان مستوى عالٍ من النوعية، وتعزيز سوية الأداء ، وإخضاعه لمقاييس النقد؛ والتمحيص؛ والمراقبة.
- إيجاد حلول ناجعة ورادعة للحدّ من مشكلات العنف الجامعي أو ( السلوكات الطائشة) التي تغزو جامعاتنا؛ وتتكرر بين الحين والآخر؛ وتلحق ضرراً فادحاً بسمعة جامعاتنا ومؤسساتنا التعليمية.
أختم بالقول: حتى يمرّ التعليم العالي من أزماته ، ويخرج سليماً معافى ؛ فإنه لا بدّ له من جراحة عميقة ، تؤسس لمرحلةجديدة، وتعيد اليه ألقه وتميزه وتنافسيته، وتضع جامعاتنا في مصاف الجامعات العالمية المرموقة. وأرى أن الخطوة الأولى في هذه الجراحة تكمن في التأسيس لمسار واضح يتمثل في الاختيار الأمثل لرئيس الجامعة، بوصفه قائداً أكاديمياً وتربوياً ، وفِي حفظ استقلاليتها بعيداً عن مظلات التأثير والتدخل المباشر وغير المباشر في المؤسسة الجامعية التي أضعفت استقلالها الكامل: مالياً؛ وإدارياً.
أوليست الجامعات منذورة لتحقيق أمانينا في بناء عقول أبنائنا الطلبة، عقول تسهم في رفعة وطنها، وترتقي به نحو سماء المعرفة؛ والعمل؛ والتحديث؛ والتنمية؟.
أتمنى من شغاف قلبي لجامعاتنا ومؤسساتنا الوطنية الخير والازدهار والرفعة والعلياء دوماً في ظل راعي مسيرة العلم والعلماء سيدي صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم، حفظه الله ورعاه.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :