تاريخ النشر - 22-05-2023 11:33 AM عدد المشاهدات 56 | عدد التعليقات 0
المشمش .. فاكهة أيار

الهاشمية - نبيل عماري
استيقظت، ولم يكن في ذهني سوى الذهاب للسخنة مع والدي والعم ابو عيسى، استيقظت وشعور بالفرح يمتلكني، وشمس تشرق بعد أن هجرني النوم، وضعت رأسي تحت الحنفية؛ فالجو حار، وأيار يزهو بالثمار، وطناجر الألمنيوم الكبيرة تستعد لاستقبال ثمار المشمش الناضجة، وقتها كانت السخنة قرية تقع على مشارف نهر الزرقاء بجريانه السلس وعذوبة مياهه، وقتها الحياة تزهو كصفصافة، أخرجت خضارها وتألقت كالزمن الماضي الذي عشناه. السيارة تمشي من بيتنا الزرقاوي في صباح زاه بالحياة، قاصدة السخنة، حيث مزارع التوت الشامي، والمشمش الحموي والمستكاوي، والجوز التي ازدات رونقاً ولمعاعاً وأطلقت حباتها الخضراء طالبة الاستواء . حبات المشمش المعلقة على الشجر، والتي تعانق الشمس بجمالها؛ هنا مشمش بخد أحمر، وهنا مشمش أبيض مستكاوي، وعلى بعد امتار شجرات التوت العملاقة بنوعيها الأبيض والأحمر، كم كنت جميلة يا سخنة الخير بقصيبك وتوتك البري العليق وغزارة عين النمرة وشجر الحور الممتد على طول نهرك ورائحة شجر الدفلى العابقة، دخلنا البساتين، ومن ثمار الشجر بدأنا القطف، ونضع بالطنجرة الكبيرة ثمار المشمش المستوية، والصغرى لحبات التوت الناضجة، أما البوكسة الخشبية فتُعبأ بالمشمش لغايات الأكل والتذوق والتضيف. لم أذكر قيمة المبلغ الذي اعطاه والدي لذلك المزراع الشيشاني الشهم ثمن ما قطفناه. حتى قصدنا البيت عائدين لتبدأ مسيرة التطلي والتطالي مع كسر حبة اللوز الحلوة وغليها مع السكر وثمار المشمش الناضجة، حتى تخرج رائحة شهية تعبق في أرجاء البيت، رائحة احتار في وصفها، تلك الرائحة التي تذكرني بجمال الماضي، حتى رائحته كانت أحلى، كنا نتقاتل على من يحظى بحبة اللوز الموجودة داخل المرطبان الكبير الموضوع على رف المطبخ. كانت زواريب وحارات الزرقاء تعبق برائحة غلي تطلي المشمش، كانت الناس تعتبر التطلي مونة لشتاء وعام قادمين، تطلي لا مواد حافظة به ولا كيماويات، بل بركة من الله ومن تعب أم.