-

كتابنا

تاريخ النشر - 15-05-2023 10:46 AM     عدد المشاهدات 212    | عدد التعليقات 0

ليان والكيان

الهاشمية نيوز - جينا صالح
كنتُ كتبتُ، كما تابعت الكثيرين، ممن كتبوا عن المستجدّات الأخيرة في المنطقة عموماً وفي فلسطين خصوصاً، إلّا أنّ إيماني المُطلَق بأنّ الحديث بقضيّة لا سقف كفاية لها (كالصّراع العربي الصهيوني) جَعَلَني أُفكّر بأيّ الأبجديّات والتحليلات والتصوّرات قد يُمكن للمرء أن يكتِبَ وجوده، فرحه وحُزنه، حُلمه وأمَله، واقِعه ويأسه!
عند كل عدوان لهذا الكيان كنتُ كمن يُساق إلى حتفِه وأنا أُتابعُ بل وأعيش الأحداث والتطوّرات معكم (كما كل الشرفاء في هذا العالم) في كل مرّة كانت روحي تتسلّل إليكم، تألَم معكم وتحترق بجمر الوجع كما ناراً تلتهم هشيماً دونما رأفةً أو هوادةً بالزرع!
أيّها الشّرفاء.
أكتبُ لكم وأنا أختالُ على مقام الصّمود الذي لطالما استهوانا، ولطالما أرّق كل الجبناء، وكأنّي بكم وهذا الصّراع كما ليل ونهار يتواليا ولا ينتهيا إلّا بقيام السّاعة!
سيقول البعض من المُضلّلين والمُطبعين أي منطق هذا الذي تتحدثينَ بهِ عن مقاومة أو استمرار الصّراع إلى حين نصر أو تحرير! وموازين القوى فيه لا ولم ولن تتعادل!
قاتلَ الله المنطق..
ذلَلْتم وهِنتم بتصريحاتكم وبمواقفكم، وها أنا و(كذا كل العُقلاء والمؤمنين) أكفُر به (المنطق) وأُكفّره؛ فقد أقامت هذهِ العصابات الصهيونيّة دولتها الفاشيّة، إلّا أنها فشِلَت عبر السّنين بمحو القضيّة من ذاكرة أبناءها، لتبقى حيّة في وجدان كل الشرفاء في هذا العالم من المنتمين للدين والهويّة بل وللإنسانيّة، جيلاً بعد جيل!
وها نحنُ أمام هزيمة جديدة لما يُسمّى دولة إسرائيل وأعوانها وأذنابها تلك (التي تُعتبر الأقوى والأكثر تطوّراً بأسلحتها وترسانتها في المنطقة وعلى مستوى العالم) والتي وإن نجحت في الهيمنة على القرار في بعض البقاع! قد فشلت فشلاً ذريعاً في النَيل من عزيمة وصمود أهلنا في القطاع.
كنتُ قد كتبتُ سابقاً أن حال هذا الكيان كعود ثقاب رأسه سبب اشتعاله، دعوني أقول وكأنني أرى هذا النتن ياهو الآن يعجز عن إطفاء نيران الخيبة والصدمة، وهو يُقلّبُ كفّيهِ على ما أنفقَ فيها، بعد أن أصبحت دولته (الافتراضيّة) عدميّة، خاوية على عروشها؛ فالبيوت الخربة المنهدمة تسقط (أولا) عروشها (سقوفها) على الأرض ومن -ثم -تسقط -جدرانها -على عروشِها –الساقطة..
أمّا للجُبناء فأقول:
أُطمئنكم.. لا نصر ولا انتصار في هذا العدوان الأخير كما سابقاته! إلّا للقضيّة، وقد توحّد الإخوة تحت الحصار والاحتلال، وفي الشتات والتفّ حولهم كل أحرار العالم، ما زالت غزّة كابوس، وما زالت المقاومة مسمار في وسط قلب هذا الكيان! وما زال أهلها عنواناً للصمود بكل عنفوان؛ إن قضوا، شهداء.. وإن نجوا، شرفاء..، يُعلّموننا دروساً في العزّة والكرامة ومعنى الحياة..
أمّا للضعفاء والمطبّعين فأقول: اطمئنوا.. لا نصر أكبر من كشف ضعف وزيف هذا الكيان الذي تخشوه وتُجمّلوه، وقد تراءى للعالم أجمع هشاشته ووجههِ البشع، حين يُطلّ علينا وجه (ليان)؛ طفلة بعمر الورود تتحدّث بشجاعة الحُرّ وإدراك الواثق عن الصمود، فإمّا نصر أو شهادة، لا تخشَ أعتى الصّواريخ، ولا تأبه لكل المواثيق والعهود!
بحديث الرّوح، وبانتماء حسّي وطني أصيل، بفطرة سليمة وبفكر مُهيب وثقافة حقّة لا بُد وأنّها تلقّتها من خلفيّة دينيّة وطنيّة عروبيّة، فاضت جوارحها بحديثٍ جلل؛ أجزم بأنه لامس وجدان الشعوب ليتغلغل فيها ويخترق شغاف القلوب، حينَ بثّت فينا هذه الطفلة الغزّاويّة الفلسطينيّة العربيّة الأصيلة من القوّة والأمل ما عجزَت عنه خطابات دُوَل ورؤساء.
اكثر من ألف مرّة شاهدت هذا الفيديو وكأني أتحصّن بكلمات هنّ الباقيات الصّالحات.. في واقع فقد قُدسيته!
كانَ درساً في الصمود ولا أجمل، حينَ استوقفها أبوها سائلاً عن حالها وشعورها، تحت وطأة هذا القصف والعدوان، بكل بأس وإصرار، وجلال هيبة (يفتقدها أكبر السّاسة والزّعماء)، جاءت هذه الطفلة من غزّة لتُعلّمنا إحدى دروس العزّة، تتحدّث بروح الواثق ونَفس المطمئن، بينما يصمت ويتغيّب أصحاب القرار!
ببراءة وجمال الطفولة (المُستهدفة) تحمل بيَد حبّة ليمون وبالأخرى قطعة بسكوت بالشوكولاتة؛
تخبرنا بأنها (جايه من الدكانه) ففي قلوب الشجعان لا مكان للخوف ولا استكانة! لا الهروب حل ولا الاستسلام، خيار..
الثبات منهج، الحريّة اعتياد، والصمود قرار.. برغم أنف (القصف والدّمار)! وكأنها تُلقّنا درساً في المبادئ والحقوق وتُؤكد للعالم أجمع: (ما منخاف ولا منركع)..
دعوني أقل أيها السّادة.. لو أنّ هذا الاحتلال قضى على آخر قائد في الميدان، لن ينال من عزم أطفال كبروا قبل أوانهم حتى صار عمرهم أكثر من ألف عام بعمر الوجع، سنوات بعمر البطولة، قرون بعمر الصمود..
شكراً (ليان) وتحية إجلال وإكبار لمن علّمكِ وعلّمنا معنى الحياة فقد شحنتم أرواحنا بالقوّة والأمل والحياة.. بعد أن كادت تنطفئ..






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :