-

مقالات مختارة

تاريخ النشر - 02-05-2023 10:36 AM     عدد المشاهدات 223    | عدد التعليقات 0

بين المليونير والمديونير

الهاشمية نيوز -
رمزي الغزوي

قبل أيام نشر موقع Picodi الأمريكي المتخصّص بالإحصاءات المالية بيانات ساذجة مؤلمة بشأن سنوات العمل التي يحتاجها موظفو بعض الدول ليجمعوا مليون دولار بالاعتماد على رواتبهم الشهرية التي يحصلون عليه. فإذا جمعت كل الأموال التي يحصل عليها الموظف السويسري؛ فسيصبح مليونيراً بعد 14 عاماً، والسنغافوري 17 سنة، فيما سيحتاج المصري 603 سنوات، واللبناني 164 والأردني 132 سنة، أما الموظف السوري فعليه أن ينتظر أكثر من عشرة قرون.
الإحصاءات التي تقطر وجعا تذكرني بكتاب كان متفشيا في بعض المجتمعات قبل ثلاثة عقود وأكثر ويحمل عنوان «كيف تصبح مليونيرا»، وقد اشتريته بلهفة وشغف من معرض أقيم في بلدتنا وكنت وقتها في مطلع دراستي الثانوية. قبل ذلك تصفحته على عجل معتقدا أن الأمر يكمن في معادلة ذات طرفين سريعة الحفظ أو الفهم تنقلك بسرعة الضوء إلى صفوف الملونيرية. لكن البائع مدّ يده ليأخذ الكتاب مهمهما أنني لن أحصل على شيء بهذه السرعة، بل علي أن أقرأه بتمعن في البيت، فناولته ثمنه وكان كل ما حصلت عليه من أبي.
قبل أن أغادر المعرض صدفت معلما كنت أحبه وكان يماشي ولعي وعشقي للقراءة والكتابة؛ فضحك حين رأى الكتاب يلمع بيدي، وقال لي «إذا بدك تصير مليونير لا تروح على الوظيفة، ولا تظلك بالقرية، ولا تحترف الأدب. كن أي شيء آخر إلا موظفا ينتظر معاشه آخر الشهر».
أحبطتني وصفة استاذي قبل أن أصل البيت وأقضي ساعات محاولا فهم طلاسم الكتاب دون جدوى. فندمت أنني لم أشتر كتاب «أجمل 20 قصيدة حب» أو ديوان نزار قباني «قالت لي السمراء» كخيارين كانا مطروحين أمامي.
فيما بعد عرفت أن ثمة 4 مسارات يصبح المرأ من خلالها مليونيرا، وفقا لدراسة اطلعت عليها للمخطط المالي توم كورلي. وهي أن تغدو مستثمرا مدخرا، ولم أفهم طبيعة هذه المهنة بشكل جيد حتى الآن، أو أن تغدو متسلقا في الشركات الكبرى، أي أن تصل إلى منصب المدير التنفيذي في شركة كجوجل أو أمازون، ويتمثل المسار الثالث أن تكون مبدعا في مجال ما، وهذا المسار يكون واقعيا إلا في مسالك الأدب والثقافة فهي تسلك بك إلى الكفاف أو الجفاف، أما المسار الأسرع فأن تكون حالما تباغت العالم بفكرة غير مسبوقة كمارك زوكمبيرغ حين باعنا فكرة التواصل الاجتماعي عبر فيسبوك.
دراسة الموظف المليونير تشيع الألم رغم سذاجتها إذ تعني أن يعمل الواحد كل تلك السنوات دون أن يصرف فلسا ليدخر مليون دولار يجنيه أحدهم بدقائق أو بصفقة من وراء اليد عابرة للحسابات. وقبل أن نقول ما هذه الحياة ومشقتها وكبدها؟، علينا أن نسأل لماذا يود الموظف أن يصبح مليونيرا؟ ألا يكفيه ألا يغدو مديونيرا تكبله الشيكات والكمبيالات وهي مرحلة ما أسهل أن يصلها الكثيرون دون كبير مشقة.
المريح جدا أن الموظفين عبر العالم يدركون تماما وبلا أدنى شك أن الوظيفة العادية ليست من معابر «المليرة»، إنما هي «حنفية» صدئة تنقط في الحلق قطرات تبقيك على قيد الحياة لا أكثر.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

عـاجـل :