-

المجتمع والناس

تاريخ النشر - 04-04-2023 09:42 AM     عدد المشاهدات 107    | عدد التعليقات 0

(المسحراتي) .. عادة رمضانية جميلة تتوارثها الأجيال بالرغم من تطور وسائل الاتصال

الهاشمية نيوز - «يا نايم وحد الدايم»، «قوموا لسحوركم اجا رمضان يزوركم»، بهذه الكلمات مع ضربات فنية على الطبلة يبدأ المسحراتي أولى ليالي رمضان، وتوالت السنون ودخل التلفاز والإذاعة وتطاول البنيان فلم يعد يجد المسحراتي عمله سهلًا كما كان في السابق، ولم يعد يجد استحسانًا من الجميع مثل ذي قبل...
وإن اختلفت الطقوس الرمضانية والروحانيات بين البلدان والمجتمعات، يبقى أن معظم الدول تشترك في العديد منها، كالإفطارات الجماعية، والمسحراتي، والصلاة في المساجد والكثير غيرها، وجرت العادة منذ القدم أن يتناول الناس وجبة الإفطار مجتمعين، سواء في بيوتهم مع الأهل والأقارب، أو في الخارج مع الجيران والأصدقاء. هذه العادات المبنية على التشارك لا تزال من أساسيات هذا الشهر، وإن كان للأزمات الاقتصادية التي تعيشها العديد من البلدان بعض التأثير عليها، وعلى الرغم من أن أحداً لم يعد بحاجة إلى المسحراتي لإيقاظه لتناول وجبة السحور، إلا أن هذه الشخصية لا تزال تظهر خلال شهر رمضان في العديد من الدول، والمسحراتي هو ذلك الشخص الذي يجول الشوارع والحارات في ليالي شهر رمضان لإيقاظ الناس لتناول وجبة السحور، وحتى نتعرف أكثر عن المسحراتي قمنا بمتابعة الأمر مع عدد من المعنيين، وهنا نقف بين محب ومستنكر لمهنة المسحراتي حتى يومنا هذا.
زمن التكنولوحيا
بدوره الكاتب وعضو اتحاد الكتاب الأردنيين محمود الداوود علق على الأمر بالقول، أيام زمان كان للمسحراتي دور مهم في تنبيه الناس للسحور.. ولكن في زمن التكنولوحيا والهواتف الذكية والتلفزيونات .. والمساجد المنتشرة في كل الاحياء والاذان الاول.. ما هو دور المسحراتي للاسف الازعاج غير المبرر؟، سيقول البعض هي ظاهرة رمضانية.. طيب زمان كانت ظاهرة مبررة.. لكن الان ارى انها ظاهرة مقحمة في حياتنا لا هدف منها الا الازعاج.. «ترى بنتسحر وبنصحى لحالنا .. المنبه يقوم بالواجب وكل واحد بيصحى بالوقت اللي بيناسبه، لكن المسحراتي للاسف بات يفرض نفسه باوقات غلط وغير مناسبة، ليس كل قديم جميل .. وهذا راي شخصي، انا ضد المسحراتي اللي طبلته للاسف تزعج عشر حارات».
عادات تلازم
وعلق بدوره الخبير الاجتماعي ومدير جمعية العفاف الخيرية مفيد سرحان بالقول، شهر رمضان شهر خير وبركة، وهو شهر يقبل فيه المؤمنون على الله اكثر من باقي الاشهر، حيث يتضاعف فيه الاجر والثواب، وتتنوع فيه اشكال عمل الخير، فيما هنالك عادات تلازم هذا الشهر المبارك يتوارثها الاجيال مع مرور الزمن وبالرغم من التطورات الهائلة في مختلف مجالات الحياة، ويشعر فيها الغالبية بطعم خاص سواء الكبار او الصغار، فالكبار يتذكرون فيها الماضي وايام الشباب. ويستذكرون علاقاتهم.
ويقول سرحان، العادات والتقاليد جزء من الموروث الثقافي والاجتماعي للمجتمع، ولكل مجتمع عادات وتقاليده يتميز بها عن غيره، وحتى داخل المجتمع الواحد تجد فروقات في بعض العادات، ويعود السبب في ذلك لأسباب منها اختلاف الثقافة والبيئة والمنطقة الجغرافية والمستوى الاقتصادي والسن، ويحدث تطور في العادات حتى داخل المجتمع الواحد مع مرور الزمن وتبقى بعض العادات متوارثة تتناقلها الأجيال لتصبح جزءا من التراث والموروث الثقافي والاجتماعي وإن كانت ممارستها محددة، والاصل ان المجتعات حريصة على المحافظة على العادات والتقاليد الإيجابية التي تربطها بالماضي وان حدث تطور تكنولوجي، ويبين ان المحافظة على مثل هذه العادات يعبر عن اصالة الأمة والمجتمع وامتدادها عبر التاريخ واعتزار الأجيال بماضيهم وحضارتهم، والاجيال يجب ان تكون فخورة بحضارتها وماضيها المشرف، لا ان تكون خجولة منه وتعمل على التخلص منه بحجة التطور والحداثة، ويقول: يحب النظر الى قيمة الامور ضمن الزمن والظروف التي انتشرت بها، ومثل هذه النظرة تجعلنا اكثر اعتزازا وفخرا بالكثير من جوانب تراثنا، فهي تؤكد اصالة الانسان العربي والمسلم واثره الكبير على الحضارة العالمية، وابداعة وابتكاراته المتعددة، وان المسحراتي واحدة من العادات المتوارثة المرتبطة بشهر رمضان، وهي مرتبطة بعبادة الصيام، والهدف منها هو ايقاظ الناس لتناول السحور. فالمسحر يقوم بتنبيه الناس للسحور، والسحور له أهميته من الناحية الشرعية لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «تسحروا فإن في السحور بركة».
أكثر قدرة
ويضيف سرحان أن الشخص الذي يتسحر أكثر قدرة على التحمل وعدم الشعور بالجوع من غيره من الأشخاص، ومن السنه تاخير السحور لقول الرسول عليه الصلاة والسلام، «لا تزالُ أُمَّتِي بخيرٍ ما عجَّلُوا الفِطرَ وأخَّرُوا السُّحورَ»، فالمسحراتي عادة مرتبطة بالصوم، وليست عادة بعيدة عن متطلبات الصوم وعن سنة الرسول عليه الصلاة والسلام.
وقال سرحان لا شك أن الظروف السابقة كانت تتطلب مثل هذه العادة بمثل تلك الطبيعة، نظرا لعدم توفر منبه أو وسائل اتصال، فكان هذا الشخص يقوم بدور كبير، وكان الناس يبادرون للقيام بهذا المهمة لأن فيها أجرا كبيرا من ناحية، ومن ناحية أخرى وسيلة لمساعدة الناس على القيام بسنة السحور، مما يساعدهم على الصيام، وفيها تاكيد على اهمية عمل الخير في رمضان، وروح التعاون التي تسود المجتمع المسلم، وبالرغم مما في عمل المسحراتي من مشقة وتعب، حيث يقوم بعمله مشيا على الاقدام متنقلا بين البيوت المتباعدة. وهو ايضا ينادي باعلى صوته ليوقظ الآخرين دون وجود مكبرات للصوت، وهو ايضا يستخدم عبارات جميلة فيها ذكر لله تعالى وثناء على الرسول عليه الصلاة والسلام، وحث على الاستيقاظ، ويستخدم عصا يطرق فيها على قطعة معدنية، وقد تطورت مع الزمن ليستخدم طبلا يخرح عنه صوتا مرتفعا، لتكون هذه الادوات عونا له مع صوته المرتفع في ايقاظ الناس من نومهم.
ويرى سرحان أنه بالرغم من التقدم الذي حصل في وسائل الاتصال، بمعنى أن المجتمع من ناحية عملية قادر على الاستغناء عن هذه العادة، إلا أننا ما نزال نجد المسحراتي يجوب شوارع الكثير من المدن والقرى والمناطق، ينتظره الاطفال خصوصا وهم يستمتعون بكلماته، بل ويرددونها، ينظرون اليه من نوافذ البيوت؛ واحيانا ينتظرونه على ابواب البيوت ومداخل العمارات.
ويضيف سرحان: احيانا تجد الأطفال يقلدون المسحراتي في النهار، ان وسائل التكنولوجيا وتعدد وسائل التنبيه والايقاظ الفردي منها والجماعي لا يحب ان تكون بديلا عن المسحراتي، ليس لوجود وسائل بديلة من الناحية العملية، بل لان المسحراتي تقليد جميل يربطنا بالماضي، ويذكرنا بالآباء والأجداد والتراث الجميل، ويضيف في بلادنا عادة جميلو اخرى هي إطلاق مدفع رمضان وقت الافطار تقوم عليها جهات رسمية، بالرغم من ان الناس يسمعون الآذان في جميع مناطق المملكة، بل يمكن معرفة موعد اذان المغرب من منبه الهاتف او رفع الاذان من الهاتف مثلا، او معرفة الوقت بدقة من المفكرة او مواقيت الصلاة وغيرها، مؤكدا في مثل هذه العادات الجميلة والتي ترتبط بالعبادة من ناحية والتراث من ناحية اخرى، فإن العبرة بالمحافظة على المروث وابرازه وتشجيعه لا محاربته.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :