-

مقالات مختارة

تاريخ النشر - 28-03-2023 10:16 AM     عدد المشاهدات 149    | عدد التعليقات 0

الأسنان البيضاء للمسلسلات البدوية

الهاشمية نيوز -
رمزي خوري

لن أقف عند تزايد مساحة برامج الطبيخ والنفيخ على المحطات التلفزيونية في رمضان وما يعطيه من صورة صادقة عن طبيعة مجتمعاتنا العربية، ولن أتكلم عن مسلسل باب الحارة في جزئه الثالث عشر، ليس لأن ضرب الميت حرام فقط، بل لأننا نعرف أنه إذا لم يكن لديك شيء تقوله، فقد تستطيع أن تنجز دزينة جديدة من مسلسل ما زال يدور حول نفسه كثور الساقية.

وبالطبع لن أقرب من هيزعيات برنامج، الذي رغم كل الانتقادات التي ينالها سنويا إلا أنه من البرامج الأعلى مشاهدة. وهذه حقيقة مرة تحتاج إلى دراسات كبيرة لطبيعة تفكيرنا ومواقفنا من الرداءة. لكن ما أود الوقوف عنده هو غياب الإقناعية في المسلسلات البدوية المنثورة على القنوات العربية. ففي الأدب عموماً، وفي الدراما خصوصاً، عليك أن تكذب بصدق، نعم أن تكذب بصدق، أي أن تكون مقنعاً دائماً وأبدا. الإقناعية هي العمود الفقري لأي عمل فني أو إبداعي، ومتى غابت سقط العمل أو المسلسل.

أي أن علينا كمشاهدين ألا نشك للحظة واحدة أننا أمام تمثيل وممثلين، وإلا انقطع بنا خيط المتعة. فالدراما الحقيقة يجب ألا نفرقها عن الحقيقة بكل تجلياتها وبساطتها وعدم افتعالها. وإذا ما تسلل إليك شعور بأن ما تشاهده تمثيل؛ سيفقد الفن معناه وفحواه ورسالته.

يبهرنا في هذه المسلسلات المكياج الحديث وتسريحات الشعر الجديدة حتى للممثلة وهي تصحو من نومها. وتهولنا الأزياء المبهرجة والجديدة والبراقة وكأننا في استعراض لا بين رمل وبيوت شعر. ويهولنا أيضا الأثاث الفاخر العالي عن الأرض كالكنبات، وهذا لم تعرفها الصحراء قط.

منذ أكثر من عشرة أعوام بدأنا نلحظ حالة من البداوة 5 نجوم لا شأن لها بحياة البادية العربية لا من قريب ولا من بعيد. فلم يبق إلا أن تستخدم الممثلة هاتفا نقالا في أحدث إصداراته وأشهر ماركاته، أو سيارة فورد 2023 بدلا من الناقة أو الحصان، بالطبع مع «بوتكس» ينفخ الشفتين بطريقة منفرة. والمصيبة الكبرى أن أغلب الممثلين والممثلات يتعمدون أن يفرجوا عن ابتسامتهم، حتى في المشهد الذي لا يقتضي الابتسام؛ كي نرى أسنانهم البيضاء المصدفة والمكلفة. كل هذا يجعلك تنفر من العمل وتقتنع أن المخرج ما قام بهذه البهرجات إلا ليغطي على غياب القصة من مسلسله.

ثم أن البدوية ليست حالة حب ساذجة بلا أساس ودون خط درامي متين. بل ما ندركه أننا أمام ممثلين يممثلون وبلهجات مضحكة. وهنا انتكاسة فنية لا يجبرها المكياج وجمال الممثلة، ولا حتى شعرها المهفهف أو نقوش التاتو على يديها.

في سبعينات وثمانينات القرن الماضي بدأنا العزف على هذا اللون من الأعمال الدرامية والذي وجد سوقاً رائجة في دول الخليج. لكن الكسل والنمطية سيطرت على مخرجينا وممثلينا وشركات إنتاجنا مع الأسف وبقينا ندور حول أنفسنا. الاستسهال هو الذي فجّر كل هذا.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

عـاجـل :