-

اخبار محلية

تاريخ النشر - 27-03-2023 09:19 AM     عدد المشاهدات 116    | عدد التعليقات 0

مسار الأريتين .. مواقع أردنية بحاجة لمزيد من البحث والاستكشاف

الهاشمية نيوز - ضمن محافظة المفرق والجنوب من الطريق الدولي الرابط مابين عمان وبغداد يشمخ الجبلان إيذاناً بالوصول للعاصمة عمان أو مودّعيها لمن هم في طريقهم إلى الأنبار وعاصمة الرشيد.

سد العسرة

لندرة المناطق الظليلة في المسار الذي رسمه قائده بكل احترافية عبر تطبيقات التموضع الالكتروني آثرنا أن تكون رحلتنا على مرحلتين الأولى من بلدة البشرية وصولاً إلى سد العسرة عصراً والمبيت هناك والثانية عند الفجر إلى الجبلين و العودة لنقطة الانطلاق.

بعد أن أمّنا سياراتنا في البلده انطلقنا بمسار مستقيم نحو الجنوب باتجاه غايتنا سد العسره على بعد ما يقارب تسعة كيلو مترات بصحراء نادرة النباتات إلا ما نبت على أطراف الشّعاب والتجمعات المائية المطرية بطريق معظمه مغطى بالشحف الصوانية والبازلت الاسود.

و كانت بداية المسار مرحلة استجمامية سهلة مستقبلين بها بداية الربيع بسحر البادية.

وصلنا للسد الركامي المرصوف جداره بحجارة البازلت لنقيم مخيمنا بإحدى الزوايا و اخترنا ليلة يكون فيها تمام بدر شهر شعبان المنير للمكان بعيدا عن أضواء المدينة وصخبها للتأمل في النجوم والكواكب والتي لا تظهر بوضوح للعين المجردة إلاّ بصفاء سماء البادية وتلألؤها على صفحة ماء السد الذي استمد اسمه من الحاجة للماء بوسط الصحراء « ماء العسرة « كما أخبرنا من جاورنا المخيّم من الأهالي وكيف أن السّد أيضاً أصبح مقصدا للاستجمام لهم ومحطة للطيور بطريق هجرتها، وجدنا حوله بعض الصخور البازلتية وُثّق عليها عدد من النقوش الصفائية جاورها نقش حديث لمحب رسم قلبه و اسم محبوبته ليخلد أبد الدهر.

كان مخيمنا بسيطا بما حملناه من خيم فردية وكيس نوم وما تيسر من طعام لوجبتي العشاء و الإفطار، و ماء كافٍ للشرب و لعمل القهوة و أضوية الرّأس التي حرصنا أن يحمل كل منا أحدها ضمن أدواته الشخصية لأهميتها.

جبل الأريتين

فما أن لاح ضوء الفجر الأول حتى حزمنا أمتعتنا ووضبناها باحترافية لنتمكن من حملها مشدودة على أكتافنا متجهين نحو الشرق صوب الجبلين اللذان سميا»الرئتين» لتشابه مشهدهما من السماء لشكل رئتي الإنسان وأول من أطلق هذا المسمى عليهما الطيار البريطاني حامل البريد بين الاردن والعراق إبان انتداب بلاده عليهما ليحور الاسم لاحقا حسب اللهجة المحلية الدّارجه للأريتين.

كان الطريق الأسلم لصعودهما من الجانب الجنوبي حسب ما أظهرته الخرائط عبر جهاز جارمن الذي يقدم الإحداثيات بالارتفاع والمسافة بكل دقة، والصعود يحتاج للحذر بموضع القدم لوجود خام الطف الكرميدي الهش المتكسر تحت خطواتنا والذي قد يسبب الانزلاق ولتحاشي ذلك يتوجب ارتداء حذاء ذي نعل عريض و أفضلها ما كان بمواصفات فيبرام شديدة التماسك والثبات واستخدام عصي الارتكاز والتقيد بتعليمات قائد المسار والقائد الكشاف الذي يسبقة للتاكد من أمان الطريق وسلامتها بفارق ارتفاع مئتي متر ما بين القمة والقاعدة بمستوى متوسط الصعوبة.

فما أن وصلنا القمة الأولى أخذنا مشهد مهيب خيم عليه الصمت و في الأفق « قيعان « و هي مسطحات مائية تفصلنا عن جبل فحيم وحنون و للشمال قعيس ومقاعس بالقرب من بلدة أم القطين التاريخية والأشهب وحسان وأشهرها تل رماح الذي نسب إليه المجموعة الجغرافية التي نحن بوسطها والغنية بخام اليوزلانه و الزيوليت المتكون نتيجة التفكك البركاني ذو الأهمية الكبرى بالزراعة لمعالجة التربة وتحسينها لقدرته على تحرير النيتروجين والاحتفاظ بالماء الزائد لتخفيف الكميات المحتاجة للري خصوصا بالزراعات الحقلية.

وأجود القمح ما نبت حوله، كما أنه مصدر غني بالجزيئات المعدنية وأيضاً بالأحواض الصناعية لتربية الاسماك.

دعانا ذلك المشهد بعدم مفارقته إلا بفنجان قهوة من فوق حمم البركان والذي خمد منذ مليون عام على أقرب تقدير و لأهميته نادى العالم الياباني أراماكي لإدراجه ضمن التراث الطبيعي بقائمة التراث العالمي «اليونسكو»، لنستكمل طريقنا لقمة الطور الشقيق سائرين على سيف الجبل فوق تعرجات بين مشهد يجمع القمتين و توابعهما و بينهما فاصل طبيعي يمكن من خلاله الإنسحاب من المسار أو اختصاره.

القمة الثانية لم تكن أقل روعة من شقيقتها لا بل بارتفاع يزيد على الأربعين مترا، احتجنا فيه للحذر والارتكاز بقوه للنزول عنها بمحاذات الشفا وقد كان يوما مقلعا مهجورا لاستخراج الخام الكرميدي.

دعتنا غرابة المكان للتجوال فية، فهو المكان الذي يظهر بطن البركان من الداخل وكيف تركت فية فقاعات الغاز تجاويف و كهوفا متعددة المداخل و حجرات ظهرت كالمقطع التشريحي بعد الحفر و يمكن الاستفاده منه بأن يكون موقعا بحثيا لدارسي علوم الأرض والمعادن، و ما أن نشرنا بعضا لصوره على وسائل التواصل الإجتماعي حتى وردنا العديد من الإتصالات لمنتجي البرامج والأفلام لزيارته لغرابته وتفرّده ليكون موقعا للتصوير و الإنتاج السينمائي وعملا وثائقيا، أمضينا فيه بعض الوقت بحذر متأملين حوار الشمس و الضوء والظل بين ثناياه.

و اختتمنا جولتنا من الموقع الجميل متجهين نحو نقطة البداية متمّمين مسارنا السياحي البيئي بإنهاء مسافة ثلاثة وعشرين كيلومترا بنجاح.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :