تاريخ النشر - 08-03-2023 09:44 AM عدد المشاهدات 230 | عدد التعليقات 0
مادبا

الهاشمية - سعيد يعقوب
لسْتِ مِثْلَ النِّسَاءِ خَلْقًا وَخُلْقا *** أنْتِ أحْلى وَأنْتِ أوْفَى وَأرْقَى
أنْتِ مَعْنَى الحَيَاةِ حِينَ تَنَاهَى *** حُسْنُهَا رِقَّةً وَأنْسًا وَصِدْقا
فِيْ مَدَى مُقْلتَيْكِ تَرْحَلُ رُوحِيْ *** لِتَرَى العَالَمَ البَهِيَّ الأنْقَى
سِحْرُ عَيْنَيْكِ يَتْرُكُ الشَّاعِرَ المُلهَمَ *** حَيْرَانَ ليْسَ يَمْلِكُ نُطْقا
فيكِ أبْصَرْتُ وَجْهَ آمال ِحُبِّيْ *** مُشْرقًا بَاسِمَ الأسِرَّةِ طَلْقا
أنْتِ أحْنَى عَليَّ مِنْ كُلِّ قَلْبٍ *** زَادَ مِنْ شِدَّةِ المَوَدَّةِ خَفْقَا
فَاتْرُكِينيْ أوَسِّدُ الرَّأسَ فِيْ ظِلِّكِ *** إنِّيْ فِيْ غَيْرِ ظِلِّكِ أشْقى
وَاتْرُكينيْ فِيْ ظِلِّكِ الدَافِئِ الوَادِع ِ*** أرْتَادُ بَعْدَ أفْق ٍأفْقا
وَازْرَعِينِيْ عَلى جَدَائِلِكِ السُّودِ *** زُهُورًا بالعِطْر ِوَالسِّحْر ِغَرْقى
وَدَعِينيْ عَلى فُؤادِكِ رَعْدًا *** وَدَعِينيْ عَلى شِفَاهِكِ بَرْقا
***
مَلَّتِ النَّفْسُ عَالَمًا ضَجَّ بُهْتانًا *** وَزُورًا وَعَجَّ ظُلْمًا وَفِسْقا
وَأحَاديثَ لا يَرَى العَقْلُ فِيهَا *** غَيْرَ مَا يَخْنِقُ الأحَاسيسَ خَنْقا
وَضَبابًا يُضَيِّعُ الدَّرْبَ مِنْ خَطْويْ *** فَأغْدُو مِنْ أكْثَر ِ النَّاس ِ حُمْقا
وَريَاحًا تَهُبُّ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ *** فَتَهُدُّ الجِبَالَ قَرْعًا وَطَرْقا
فالمَدَى المُكْفَهِرُّ أسْمَعُ فيهِ *** حِينَ أصْغِيْ لهُ فَحيحًا وَنَعْقا
وَجَميعُ الألوَان ِ صَارَتْ مَزيجًا *** لا تَرَى بَيْنَهَا اخْتِلافًا وَفَرْقا
فَافْتَحِيْ لِيْ يَدَيْكِ ضُمِّيْ إلى صَدْركِ *** صَدْريْ زيديْ اقْتِرابًا وَلصْقا
وَانْفُضِيْ عَنْ رُوحِيْ غُبَارَ الَّليالِيْ *** فَهْوَ مَلَّ الرَّحيلَ خَيْلًا وَطُرْقا
وَابْعَثِيْ فِيَّ شُعْلةَ الحُبِّ مَا جَدْوى *** فُؤادٍ مَا ذَاقَ فِيْ الحُبِّ حَرْقا
وَامْنَحينيْ شِفاهَكِ الحُمْرَ أْرْويْ *** ظَمَئِيْ تَقْبيلًا وَضَمًّا وَنَشْقا
فَأنَا العَاشِقُ الذيْ لا يُبَالِيْ *** فِيْ سَبيل ِ الحَبيبِ لوْ مَاتَ عِشْقا
وَأنَا الشَّاعِرُ الذيْ عَمَّدَ القَلْبَ *** بِنَارٍ فَصَارَ قَلْبًا حَقَّا
وَأنَا الصُّوفِيُّ الذيْ لا يَرَى مَا *** بَيْنَنَا فِيْ عَيْن ِ الحَقيقَةِ فَرْقا
وَأنَا الظَّامِئُ الذيْ ليْسَ يَرْوَى *** لوْ قَضَى العُمْرَ مِنْ شِفاهِكِ يُسْقى
***
آهِ يِا مِادبَا جَنَاحِيْ ضَعيفٌ *** وَعَلى الظَّهْر ِ ألْفُ هَمٍّ مُلْقى
آهِ يَا مَادبَا وَقَلْبِيْ جِرَاحٌ *** تَتَنَامَى نَزْفًا وَتَزْدَادُ عُمْقا
آهِ يَا مَادَبا طَريقِيْ ظَلامٌ *** وَطويلٌ فَكَيْفَ اْحْرِزُ سَبْقا
آهِ يَا مادَبا وَمَا عَادَ إلا *** أنْتِ حَوْلِيْ مِنَ المُنَى وَتَبَقَّى
كَمْ عَلى تُرْبِهَا لِقَلبِيَ مِنْ ذِكْرَى *** سَيَفْنَى الزَّمَانُ وّهْيَ سَتَبْقى
وَيُعَزِّينيْ أنَّنِيْ حِينَ أقْضِيْ *** فِيْ ثَرَاهَا أبلُّ لِلْقَلْبِ شَوْقا
***
أنْتِ يَا مَادَبَا فُيُوضُ فُؤادٍ *** عَبْقَريٍّ فِيْ الحُبِّ شَفَّ وَرَقَّا
أنْتِ كَالخَمْر عَذْبَةٌ فِيْ صِبَاهَا *** ثُمَّ زَادَتْ عَلى الَّليالِيْ عِتْقا
أنْتِ كَالرَّوْض ِ كُلَّمَا هَبَّتِ الرِّيحُ *** عَليْهِ يَزْدَادُ بِالعِطْر ِ دَفْقا
كُنْتِ وَالدَّهْرُ مَا اسْتَقامَتْ خُطاهُ *** مِنْ جَميع ِالنِّسَاءِ أرْفَعَ ذَوْقا
فَلَبِسْتِ الفُسَيْفِسَاءَ ثِيَابًا *** وَاتَّخَذْتِ الجَلالَ وَالكِبْرَ طَوْقا
فَتَجَلَّيْتِ أحْسَنَ الغِيدِ قَدًّا *** وَتَبَدَّيْتِ أطْوَلَ الغِيدِ عُنْقا
وَكَأنِّيْ بِالدَّهْر ِ لمَّا اجْتَلاهَا *** بَعْدَ مَدِّ العَيْنَيْن ِغَرْبًا وَشَرْقا
قَالَ فِيْ رِقَّةِ المُحِبِّ بِصَوْتٍ *** يَفْضَحُ الوَجْدَ وَالهَوَى وَالشَّوْقا
(مَادَبا لسْتِ كالنِّسَاءِ وَلكِنْ *** أنْتِ أحْلىَ وَأنْتِ أوْفَى وأرْقَى)