-

المجتمع والناس

تاريخ النشر - 03-03-2023 09:42 AM     عدد المشاهدات 148    | عدد التعليقات 0

في شعبان .. تجمعات عائلية على موائد الطعام نيلا للأجر وحفاظا على صلة الرحم

الهاشمية نيوز - في تقليد اجتماعي تسوده أجواء الفرح وصلة الرحم، تتجمع “نساء العائلة” لدى الكثير من الأسر الأردنية في بيت الأب أو الأخ الأكبر، لتجمعهم وليمة غداء خلال شهر شعبان المبارك، وهو ما يطلق عليه “الشعبانية”.
تتجدد هذه الجمعات العائلية وأجواء اللحمة في كل عام في هذا الشهر؛ حيث يحرص كثيرون على اتباع هذا التقليد الذي ورثه الآباء عن الأجداد، والأبناء عن آبائهم، فارتبط هذا الشهر لدى الكثيرين بلمة العائلة حول الطعام واستذكار تلك الأيام الماضية التي كانوا يقضونها في السنوات الماضية.
في شهر شعبان من كل عام، يجدد السبعيني حسن العلي لقاء “ولايا” عائلته على مائدة الطعام، كتقليد اجتماعي ورثه عن أبيه وورثه لأبنائه، يجسد من خلاله معاني المحبة والرحمة والتكافل الاجتماعي بأبهى صورة.
في كل عام، يكرر العلي هذه الجمعة العائلية، يستذكرون خلالها هذه الولائم عبر السنوات الماضية، كيف بدأت بالعمات، وأصبحت الآن تضم العمات وبناتهن وأحفادهن، والبنات وبناتهن في أجواء عائلية وروحانية تترك أثرا طيبا في نفوس جميع الحاضرين.
الأمر ذاته يحرص عليه الأربعيني حازم سمير، الذي استمر في إقامة “الشعبانية”، التي ورثها عن والده؛ حيث يجمع نساء العائلة على مأدبة الطعام في الأول من شعبان في كل عام حرصا منه على صلة رحمه، وقضاء يوم كامل برفقة نساء العائلة.
ظروف الحياة الصعبة والانشغالات الكثيرة التي تشغل بال الكثيرين، جعلت الناس أكثر بعدا عن أقاربهم، وربما يتأخر الوقت حتى يزور خالته أو عمته، بحسب حازم، لذا يجد في شعبان شهر محبة وصلة رحم وفرصة لجمع أرحام عائلته.
وتعد الشعبانية جزءا من عادات وتقاليد الكثير من العائلات، التي ما تزال إلى اليوم تحرص على إقامتها في كل عام بحثا عن الأجر والثواب ورغبة في رؤية الأرحام.
وتختلف لمات الشعبانية وصلة الرحم في هذا الشهر الفضيل من عائلة لأخرى؛ حيث يقوم البعض بدعوة جميع نساء العائلة وتشمل العمات وبناتهن والخالات وبناتهن وبنات العائلة ذاتها، في حين تقتصر هذه الولائم في عائلات أخرى على بنات الأسرة الصغيرة.
موسى حسين أيضا، كغيره من العائلات الأردنية التي تحرص على المحافظة على هذا التقليد العائلي المبارك، بحسبه، لافتا إلى أنه ينتظر هذا الشهر كل عام ليحظى بفرصة اللقاء بـ”ولاياه”، يوما كاملا في أجواء فرح وسعادة ومحبة بعيدا عن ضوضاء الحياة وانشعالاتها ومنغصاتها.
ومن جهته، يصف الاستشاري الأسري مفيد سرحان “الشعبانية”، بأنها نوع من صلة الرحم التي تعد من الأمور المهمة في الإسلام وهي واجبة شرعا، وهي أيضا ضرورية لزيادة اللحمة والتكاتف والتماسك بين الأقارب، وتسهم في زيادة قوة المجتمع ومنعته، وصلة الرحم دليل على حسن التعامل مع الآخرين، وهي طريق لنيل رضا الله تعالى.
ويشير سرحان إلى حرص بعض الأسر في شهر شعبان وقبل حلول شهر رمضان المبارك على إقامة “ولائم شعبان” التي يجتمع فيها عدد كبير من أفراد الأسرة الممتدة.
ويصف سرحان هذه الولائم بأنها سلوك إيجابي يعزز أواصر صلة الرحم والتكافل الاجتماعي وإدامة علاقات المحبة والألفة، ومثل هذه الولائم، إضافة الى ما فيها من أجر وثواب، فهي تترك أثرا إيجابيا في نفوس الجميع، وخصوصا “نساء العائلة”، ويفرح به الصغير أيضا، وهي فرصة للالتقاء بأفراد العائلة الكبيرة، كما أنه يعزز عند الصغار هذه العادات والتواصل مع الأجداد والأعمام والعمات والأخوال والخالات.
ويقول سرحان “اللقاء في شعبان يهيئ النفوس لاستقبال شهر رمضان، ويسهم في تقوية العلاقات وتجاوز الخلافات الأسرية، ويشعر الجميع أنهم مقدمون على موسم من الخيرات”.
وقد حذر الإسلام من قطع الصلة بالرحم. والرسول صلى الله عليه وسلم، يقول: “الرحم معلقة بالعرش تقول من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله”.
ومن جهة أخرى، يؤكد سرحان، أن هذا النوع من الولائم قد لا يكون بمقدور الجميع، لأنه يتطلب نفقات إضافية؛ حيث يمكن لمن لا يستطيع أن يقيم وليمة أن يكتفي بـ”لمة” الأسرة الكبيرة واجتماعها معا وتقديم الضيافة حسب الإمكانيات، لأن الهدف الأساس هو إشعار الآخرين بالمحبة والمسؤولية تجاههم، وأن حسن العلاقة معهم هي من رضا الله تعالى.
ويمكن أن يتعاون الإخوة جميعا في تنظيم وليمة واحدة أو لقاء واحد بحسب إمكانياتهم، بحسب سرحان، فالعلاقات الأسرية والاجتماعية لا يجب أن تكون سببا في زيادة الإنفاق وتحميل الأسرة أكثر مما تطيق، أو اضطرارها الى الاستدانة، مما يؤثر على استقرار الأسرة وحاجاتها الأساسية، لأن ذلك سيجعل منها عبئا ثقيلا، خصوصا على ذوي الدخل المحدود.
وإن كان شهرا شعبان ورمضان فرصة لمزيد من التواصل الاجتماعي، فإنه من الضروري إدامة التواصل خلال العام سواء باللقاء المباشر والاجتماع أو بالتواصل عبر مواقع التواصل الاجتماعي إذا تعذر اللقاء خلال فترات قصيرة، نظرا لأهمية العلاقات الاجتماعية وأثرها على الجميع، وفق سرحان.
يحظى شهر شعبان بفضل كبير جدا باعتباره الذي يسبق شهر رمضان المبارك، بحسب اختصاصي علم الشريعة الدكتور منذر زيتون، لافتا إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان دائما يستبشر به.
ويكمن فضل شهر شعبان، بحسب زيتون، في كونه يمهد النفس لأداء العبادات في شهر رمضان، كما أنه فرصة لتطهير النفس من الضغائن وإصلاح العلاقات الإجتماعية وإزالة البغضاء بين الأقارب، حيث ترفع الأعمال في شعبان إلا عن المتخاصمين.
ويعد شهر شعبان من الأشهر التي تكثر فيها صلة الرحم، ومن المحبب أن يكون هناك فعاليات توثق صلة الرحم، كما أنها فرصة للجمعات العائلية وفرصة لإعادة وصل أرحام العائلة التي باعدت الظروف بينهم، وفق زيتون.
ويعتبر زيتون تلك العادات الاجتماعية طيبة ومحببة، وفرصة لإصلاح العلاقات الاجتماعية وترطيب القبول، وفيها مجال لقبول اعتذار المخطئين ومسامحتهم، مشددا على أنها عادة اجتماعية طيبة ولها مدلول اجتماعي طيب، على ألا يكون فيها تكلف أو اختيار المدعوين بناء على الجاه أو المال.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :