-

مقالات مختارة

تاريخ النشر - 27-02-2023 10:33 AM     عدد المشاهدات 232    | عدد التعليقات 0

شبابيك المدارس: زراعة 101

الهاشمية نيوز -
بشار جرار

مئة وواحد، تصنيف عرفناه يوم اعتمدت جامعاتنا المساقات والساعات الدراسية أسوة بالجامعات الغربية. «الحكمة ضالة المؤمن»، ومن الطبيعي والواجب إدراكها.

كان «مساق» أبناء جيلي في الزراعة الأول هي شبابيك الصفوف المدرسية. علب اللبنة الفارغة تمدّ فيها طبقة قطنية خفيفة، ترش عليها بضع حبات حمص أو عدس، ويتم ريها يوميا قبل الحصة الأولى، مباشرة بعد تحية العلم والسلام الملكي. وكأنها مباراة بين الشعب (ألف وباء وجيم)، وصفوف كل من المراحل الدراسية التي نادرا ما بلغت المرحلة الثانوية، وكأن الكبار «يكبرون» على الزراعة!

رحم الله أساتذتنا، وأحدث من ودّعناهم قبل أيام إلى دار النعيم، المعلم والمربي الفاضل واصف حدّادين، أستاذ الاجتماعيات في كلية تراسنطة، تلك المنارة الرابضة على قمة اللويبدة، جبل الياسمين والصخر الوردي والزجاج المعشق..

حدّادين -رحمة الله عليه- علمنا الجغرافيا حتى سكنت قلوبنا، ودرسنا التاريخ حتى تجذّر فيها، وما زالت الزراعة في نفوس كثير من طلبته، ليست مجرد محاصيل تؤكل وتصدّر، الزراعة كما تعلمناها حديثة العهد برب العالمين، تلمح فيها الحياة في كل مراحلها، وتعي فيها معجزة الخلق ومعجزات البقاء والنماء، وإن كان من ثمة موت عابر، فلا يكون سوى بذرة تسحق، تدرس حتى يزيد الطرح بركة، والحصاد نعمة تعم الجميع لا الزارعين ولا الحصادين وحدهم، بل حتى الطيور المهاجرة.

ماذا لو نقلنا كصغار كبروا تمرين الزراعة الأولية من رفوف شبابيك صفوف المدارس إلى رفوف شبابيك مطابخنا ومكاتبنا وحواكيرنا وشرفاتنا وحتى سطوح منازلنا. في المدن العالمية الكبيرة ومنها نيويورك وهنا في واشنطن، حوّل بعض ناشطي البيئة والزراعة العضوية (غير المعدلة وراثيا وغير الملوثة بالهرمونات والمبيدات الحشرية)، حوّلوا القطع الاسمنتية الصمّاء، إلى واحات بعضها لتوفير حاجات المطبخ من الأعشاب والخضراوات والفواكه، وبعضها للزهور العطرية وغير العطرية ذات الألوان والأشكال الخلابة.

في تراثنا الروحي والشعبي نعلي من شأن اليد العليا، وكذلك اليد القوية، وأيضا اليد النظيفة، فماذا لو أعلينا شأن اليد الخضراء، وفيها كل ما سبق من فضل. طبعا صاحب «اليد الخضرا» هو كل من زرع وأثمر.. وكل من قلع ليزرع.. ألف باء الزراعة، قلع ما ثبت ضرره، واقتلاع ما استحال إصلاحه..






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :