-

اخبار محلية

تاريخ النشر - 26-02-2023 09:20 AM     عدد المشاهدات 140    | عدد التعليقات 0

(كيف يراني الآخرون) .. إرباك يعيشه الفرد بحثا عن النجاح في عيون الغير

الهاشمية نيوز - اعتاد عمر (27عاما ) أن يعطي أهمية كبرى لتقييم الآخرين له، فلطالما سعى لأن يثبت للغير أنه إنسان ناجح ومتفوق، عله يتلقى كلمات الإشادة والثناء.
تحدث عمر عن نفسه في الماضي، وما كان يعانيه من قلق وتوتر دائمين، إذ كان يعتقد أن إرضاء من حوله مطلب يجب أن يحققه، وإن كان على حساب ذاته، حيث لا يرى نفسه إلا من خلال عيون الآخرين.
أدرك عمر متأخراً بمساعدة صديقه سامي أن ما يفعله مبالغ به، وفيه ضغط كبير، إلى جانب القيام بعمل دائم أساسه تحسين صورته أمام محيطه.
وفي اللحظة التي بدأ عمر فيها يرى الأمور بشكل آخر بدأ وبالتدريج يشعر بالرضا، أيقن أنه أضاع من وقته الكثير في سبيل إرضاء الآخرين.
بينما لين (29 عاما) تدرك تماماً أن إرضاء نفسها يأتي في المقام الأول، وأن سعيها يجب أن يكون في شيء تحبه وتطمح إليه، هذه القناعة التي نشأت عليها ونمت معها منذ الصغر بل وتستمد منها القوة غير مبالية بنظر الآخرين إليها.
وتعلم لين أن المحيطين بها قد ينظرون إليها بطريقة مختلفة، وقد لا تنال إعجابهم، ولكن في النهاية ترى أن عليها بأن تعيش حياتها كما هي، وتحقق ذاتها بعيدا عن تفكير من حولها وآرائهم، فهي تعلم تماما أن إرضاء الآخرين غاية لن تدرك.
اختصاصي علم النفس الدكتور علي الغزو، يبين أن غياب تقدير الذات والثقة بالنفس واحدة من أسباب البحث عن رضا الآخرين، فهناك دوافع عدة تقود الفرد لهذا السلوك، فالبعض قد يمتلك الحق بفعل ذلك، إذ إن جزءا منهم لم يحصل على الفرصة التي من الممكن أن تتناسب مع مستواه الأكاديمي أو المهني، وعندما يعمل الشخص في مكان ما ولا يحقق طموحه هذا يقوده لعدم تحقيق الرضا الوظيفي الذي يحقق له الرضا الذاتي.
ويتابع، وفي هذه الحالة يدخل الإنسان في حالة نفسية من عدم الرضا عن النفس وتزداد هذه النظرة عندما يصبح من حوله ينظر إليه نظرة تقلل من شأنه بمعنى أنه ليس في المكان المناسب، ويتولد لديه شعور أن كلامهم صحيح، وأنه يجب أن يغير ويطور من حياته المهنية فيبدأ في التنافس للوصول، مؤكدا أننا لا يمكن أن نلوم هذا الشخص، ففي النهاية هو يسعى لأن يرضي ذاته بالدرجة الأولى ويحقق رضا الآخرين عنه.
الحالة النفسية التي يعيش فيها هذا الإنسان قد يكون فيها الكثير من التوتر والقلق، وقد يتولد لديه شعور بعدم الثقة بالآخرين، وإذا كانت الحالة متقدمة لديه فقد يعاني من نوبات غضب وتوتر زائد وهذا ينعكس على تعامله وعلاقاته مع الآخرين، ولا شك أن لها تأثيرات سلبية تأخذ منحى آخر، بحيث أنها قد تأثر على الأسرة على المدى البعيد. وينوه الغزو إلى أن الكثير من الأشخاص هدفهم إرضاء الآخرين، ولكن في مرحلة من مراحل حياتهم يتغيرون، خاصة إذا كان هذا الإنسان يمتلك وعيا ونضجا فكريا وعقليا فسيتغير مسار تفكيره ويصبح لديه خطط وطموحات جديدة للعمل على ذاته وإرضاء نفسه ورغباته وطموحاته.
والجزء الآخر يبقى يعيش في “قوقعة”، وهؤلاء للأسف حياتهم نوعا ما غير مستقرة نفسيا لأنهم في صراع دائم مع ذاتهم لإرضاء الآخرين.
ويشير الغزو إلى أن الإنسان العقلاني والمنطقي يحقق الأمان النفسي ويعمل لذاته وللآخرين بطريقة سليمة، مبينا أن الفئة التي تعاني أكثر هي فئة الناجحين والتي لديها عطاء لأن سقف التوقعات التي يوضع لهم كبيرة، لذلك تخشى من الفشل.
وقد يكون هذا الإنسان يمتلك الكفاءة والقدرة، ولكن في نظر الآخرين هو إنسان مثالي وطموح ومن المتوقع أن يصل لمكانة كبيرة فسقف التوقعات يجبره أن يسعى أكثر ليصعد درجة أخرى من السلم، وفي بعض الأحيان يكون ذلك أمرا إيجابيا يولد لديه زيادة في الثقة، فالبعض يرى نفسه من خلال غيره.
ويوضح الغزو أن اكتساب الفرد لهذا السلوك هو أمر نسبي متفاوت من شخص لآخر ويعتمد على طفولته، إذ يجب أن تتوافر جهود من جميع الجهات ابتداء من الأسرة، فدورهم في تعزيز الثقة عند أطفالهم، الى جانب الاعتماد على الذات والرضا بالعمل الذي يقوم به، إضافة إلى الحاجة لأن يطور من نفسه وعندما يصل لهذه المرحلة على صعيد الأسرة تتكون لديه هذه القيم والمبادئ والأساسيات التي ستعزز لديه عندما يكبر.
ويشدد الغزو على أهمية توضيح معنى الرضا وإدراكه، إذ إنه غير واضح عند البعض،إضافة إلى تعزيز قيمة تقدير الذات والتعلم من تجاربه وتجارب الآخرين التي يراها أمامه.
ومن الجانب الاجتماعي يبين الدكتور محمد جريبيع، أن جانب من هذه الظاهرة تقع في دائرة تحديد المكانة الاجتماعية للشخص، لذلك فإن الكثير من الأشخاص يهتمون بكلام الآخرين من حولهم، وكيف ينظرون إليهم ويعود هذا لضعف تقديرهم لذاتهم وفي الوقت نفسه قد يعانون من قلة الثقة بالنفس.
والسؤال الذي يطرح هنا، هل المجتمع يستخدم هذا الأسلوب؟ للأسف نعم، وفق جريبيع، لأن الكثير يحكم على الآخرين والأمور بظواهرها أكثر من مضمونها من لباس ونوع السيارة التي يمتلكها والمكان الذي يعمل فيه وإلى ماذا وصل من إنجازات.
ويوضح جريبيع أن الأشخاص يلجأون لهذه السلوكيات من أجل تعزيز الثقة بالنفس، لكن هؤلاء الاشخاص سيبقون في سباق مع الزمن بمحاولة إرضاء الآخرين ويتناسوا أنفسهم مع الأيام، وبالتالي لن يشعروا في حياتهم بأي لحظات تحمل نوع من التميز أو السعادة وسيبقون دائما في سباق مع الوقت وذاتهم بهدف كسب ود الآخرين، وبالنهاية لن يحصلوا عليه لأن آراء الناس متغيرة.
ويشير جريبيع إلى أن تأثيره على المدى البعيد سلبي، لأنه في النهاية لا يوجد أثر ينعكس على شخصية الفرد ونظرته لنفسه.
وينوه جريبيع إلى أن هذه السلوكيات متواجدة في مجتمعنا وبكثرة، إذ إن هناك النظرة السطحية للأمور على حساب العمق، لأن منظومة القيم والمعايير التي تقيم الناس اختلفت وأصبح الحكم على الآخرين من وجهة نظر الشخص فقط من حيث الكماليات التي منها المكانة الاجتماعية التي تحققها هذه الكماليات، وأحيانا يضطر الفرد غلى أن يتواكب معها رغم عدم قناعته بها.
ومن وجهة نظر جريبيع، فإن مواكبة كل ذلك رغم عدم قناعة الفرد تجعله غير متصالح مع ذاته إلى جانب انخفاض تقدير الذات بشكل أكبر، وهنا يصبح مرغما على مواكبة الآخرين وأسيرا لوجهة نظرهم وأفكارهم.
ويشير جريبيع إلى أن الكثير من المؤسسات الآن تعمل على تقديم برامج لتقدير الذات وزيادة الثقة بالنفس، وهذه الفكرة التي نحتاج أن نرسخها إلى جانب تعليم أبنائنا في مدارسهم خاصة في طفولتهم تعزيز ثقتهم بأنفسهم ويكون تقديرهم لذاتهم نابعا من وجهة نظرهم هم أنفسهم، وليس من وجهة نظر المجتمع.
ومن جانب آخر فإن مواقع التواصل الاجتماعي عززت هذه الظاهرة، وفق جريبيع، ولعبت دورا كبيرا في انتشارها تحديدا بقضية المباهاة والاستعراض لكسب الآخرين.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :