-

المجتمع والناس

تاريخ النشر - 17-02-2023 09:03 AM     عدد المشاهدات 165    | عدد التعليقات 0

صغار يتأثرون بمشاهد الضحايا والدمار الذي خلفه الزلزال .. ما دور الأهل في طمأنتهم؟

الهاشمية نيوز - مشاهد مؤلمة تحمل الكثير من الخراب والوجع والفقد توثقها لحظة بلحظة شاشات التلفاز والمنصات الإلكترونية.. فيديوهات قاسية تصور حقيقة الوضع في المناطق الحدودية بين سورية وتركيا، وذلك بعد الزلزال المدمر الذي ضربها مخلفا أضرارا كبيرة وقصصا ستبقى تفاصيلها الحزينة والدموية حاضرة للأبد في الذاكرة.
كل تلك المشاهد، بما فيها من ألم وخوف، كانت محط اهتمام الصغير قبل الكبير في الأيام القليلة الماضية، وما تزال إلى اليوم تبعات الزلزال تلقي بثقلها على كل بيت، فالجميع، وخاصة الصغار، تألموا لكل ما شاهدوه أو حتى سمعوه سواء من محيطهم العائلي أو المدرسة. أيام ثقيلة تمر تاركة خلفها جرحا عميقا يطرح معه تساؤلات كثيرة، وخاصة على ألسنة الصغار الذين يحتاجون لمن يطمئنهم ويعيد إلى قلوبهم الخائفة الأمان. هذا ما تحاول أن تفعله أروى مع أطفالها الثلاثة، تقول “إن الوجع كبير جدا ويصعب وصفه، ومع ذلك نحن كأهل يلزمنا أن نكون أكثر تماسكا لأننا الملاذ والأمان بالنسبة لأطفالنا”.
أسئلة كثيرة بدأت تدور في رؤوس صغار أروى منذ وقوع الزلزال وحتى الآن، مبينة أن أبناءها الثلاثة كانوا يبكون طوال الوقت ويتخيلون أن البيت سيسقط عليهم، وتذكر من هذه الأسئلة: ماما يعني لما يصير الزلزال ما رح نضل مع بعض؟ ما رح نقدر نحضنك؟ هذه الأسئلة وغيرها لم توجعها كأم فقط، بل كانت أيضا تطالبها بأن تكون واعية بإعطائهم إجابات تناسب أعمارهم وتخفف من خوفهم وقلقهم جراء كل ما يحدث حولهم من فقد وتشرد وبيوت مهدمة. أروى بإجاباتها البسيطة المختصرة عرفت كيف تحتويهم وتعيدهم إلى طبيعتهم بالتدريج رغم أن كل الأشياء حولهم تذكرهم وتشعرهم بحجم الخطر.
ويعيش الوضع نفسه الطفل قيس سامي (9 سنوات)، فهو بعينيه الحزينتين ينظر إلى كتبه وألعابه كل يوم قبل أن ينام وكأنها المرة الأخيرة. كل الأصوات أصبحت تخيفه حتى أنه لم يعد يلعب مع إخوته وأصدقائه كالمعتاد، خوفه من أن يموت أو يفقد أحدا من أفراد عائلته بات هاجسا يرعبه.
قيس لم يستطع أن يكون بعيدا عن الكارثة الإنسانية التي قتلت الآلاف من الأطفال، هو في قلب المشهد رغما عنه، نشرات الأخبار تبث هنا وهناك ومواقع التواصل الاجتماعي أتاحت للجميع دون أن تستثني أحدا متابعة الأحداث أولا بأول.. سؤال واحد يجعله يتراجع كلما قرر العودة لشقاوته وأحلامه ويكرره يوميا على مسامع والدته “نحنا كلنا رح نموت إذا صار عنا زلزال؟”، قيس ومن خلال سؤاله هذا يحاول أن يفهم الحقيقة أكثر، باحثا لنفسه عن إجابة مطمئنة تخلصه من قلقه وضياعه، لكن الجميع حوله كانوا يلتزمون الصمت أمام سؤاله، لاعتقادهم أن هذه الطريقة هي الأسلم للتعامل معه.
ومن جهتها، تبين الاختصاصية النفسية أسماء طوقان، أن من أكثر الأمور التي تجذب انتباه الطفل هي مشاهد الدمار والصراخ وبكاء الأطفال أو البالغين في وسائل الإعلام أو مواقع التواصل الاجتماعي، أو من خلال ما يسمعه من أقرانه في المدرسة أو محيط عائلته. يفضل عدم السماح للأطفال، وخاصة في عمر 5-6 سنوات، بمشاهدة هذه المناظر، لأن الطفل يبدأ في تحليل ما يشاهده وتخيل ما يسمعه من أحداث لما لها من تأثير سلبي على الجانب النفسي له، فقد يصاب الطفل بالقلق والهلع من بعض المشاهد التي يراها وقد تبقى راسخة في مخيلته، مما يجعله يفتقد إلى الشعور بالأمان، وهي من حاجاته الأساسية، مما يؤدي إلى اضطرابات في النوم مثل الكوابيس والنوم المتقطع والأرق أو اضطرابات في الأكل، مثل انعدام الشهية للطعام أو الأكل الانفعالي واضطراب في المزاج أو التبول اللاإرادي وصك الأسنان وقضم الأظافر، وفق طوقان.
وتقول، على الأهل مراعاة ما يتحدثون به أمام أطفالهم ومراقبة ما يتابعونه والإجابة عن جميع استفساراتهم وعدم تجاهلها وتجنب شرح جميع الحقائق والتفاصيل السيئة لهم ومراعاة سن الطفل عند الشرح له. وعلى الأهل أيضا ملاحظة وجود أي تغيرات في سلوك الطفل أو نفسيته بشكل مفاجئ، تزامنا مع الفاجعة وعدم تجاهل هذا التغير أو الاستخفاف به، وإن استمر عند الطفل لأكثر من أسبوعين، يجب عرضه على الطبيب أو المعالج النفسي.
“ويمكن للأهل هنا الحرص على إبراز المواقف الإنسانية التي ترافق الزلزال والتعرف على مصدر معلوماته وحواره والاستماع له وطمأنته”، بحسب طوقان، وأيضا يجب على المدارس تدريب الأطفال على طرق الوقاية من حدوث الزلزال بالتعاون مع مديرية الأمن العام، كما عهدناها سابقا، وزيادة نشر الوعي على وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام.
ومن جهته، يقول الاستشاري النفسي الأسري د.أحمد سريوي “بداية، من الضروري أن يعلم الأهل أن ليس جميع الأخبار يصح للأطفال أن يكونوا على اطلاع مباشر عليها، بمعنى أن يشاهد الأطفال نشرة الأخبار مع الكبار، ويلاحظ الأطفال وبشكل متزامن ردود فعل الأهل تجاه هذه الأخبار، لأن أي تبرير بعد ذلك لن يوافق هذه الردود غالباً الطفل لن يتقبله ولن يصدق عليه ثانياً ما يتعلق في تعامل الأهل بعد حدوث الكوارث وطرق الرد على تساؤلات الأطفال يجب أن تحتوي الطمأنينة في كل جملة يتم إصدارها وعدم ربط هذه الأحداث بأي أمور دينية سواء بشكل إيجابي أو سلبي”.
على سبيل المثال، أن يقول الأهل إن هذه الزلازل هي غضب من الله على الناس، كيف أقنع الطفل أن الأطفال الذين ماتوا بالزلزال لم يغضب الله عليهم؟ إذا أنا في هذه الجملة فقط قد تسببت في شرخ جسيم في العلاقة بين الطفل وربه، كذلك عدم ربط الأحداث بأي أمور سياسية، لأنها ستؤدي حتماً لوجود مخاوف شديدة لدى الطفل، وفق سريوي.
ويرى سريوي بأن الحل هو الرد على التساؤلات بطريقة علمية وواضحة، مع استخدام الكثير من عبارات الاطمئنان بأن هذه الأحداث لن تحدث لنا، لأن العلم يقول إن منطقتنا ليست مهيأة لحدوث مثل هذه الكوارث، على سبيل المثال.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :