تاريخ النشر - 13-02-2023 10:31 AM عدد المشاهدات 120 | عدد التعليقات 0
زِلْزَالُ سُوريا وَتُركيا المُدَمِّرُ

الهاشمية - سعيد يعقوب
حَجْمُ الدَّمَارِ يَفُوقُ كُلَّ خَيَالِ *** فِيْ كُلِّ نَاحِيَةٍ وَكُلِّ مَجَالِ
أَنَّى نَظَرْتَ تَجِدْ دَمَارًا شَامِلًا *** تَبْكِيْ الرُّسُومُ بِهِ عَلَى الأَطْلَالِ
وَكَأَنَّمَا قَامَتْ هُنَاكَ قِيَامَةٌ *** مِمَّا أَصَابَ النَّاسَ مِنْ أَهْوَالِ
كُلٌّ يَفِرُّ بِنَفْسِهِ عَنْ غَيْرِهِ *** فِيْ نَفْسِهِ شُغْلٌ عَنِ الأَشْغَالِ
وَكَأَنَّهُ بَيْنَ التَّفَجُّعِ وَالأَسَى *** مِثْلُ الأَسِيرِ يَسِيرُ فِيْ الأَغْلَالِ
هِيَ لَحْظَةٌ بَتَّتْ أَوَاصِرَ بَيْنَهُمْ *** كَمْ وُثِّقَتْ بِعُرَىً وَشَدِّ حِبَالِ
فِيْ لَمْحِ طَرْفٍ وَالتِمَاعَةِ بَارِقٍ *** قَدْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَدُرْ فِيْ بَالِ
فَإِذَا الجِبَالُ الشُّمُّ كُثْبَانُ النَّقَا *** وَإِذَا شَدِيدُ الرُّكْنِ جِدُّ مُهَالِ
وَإِذَا الخَيَالُ حَقِيقَةٌ مَشْهُودَةٌ *** وَإِذَا مُحَالِ الأَمْرِ غَيْرُ مُحَالِ
حَالٌ لَهَا تَتَفَطَّرُ الأَكْبَادُ مِنْ *** وَضْعٍ يَفُوقُ الوَصْفَ بِالأَقْوَالِ
صُوَرٌ إِذَا طَالَعْتَهَا أَغْنَتْكَ عَنْ *** تَفْصِيلِ إِخْبَارٍ وَعَنْ إِجْمَالِ
لَا وَالِدٌ يَعْنِيهِ أَمْرُ صِغَارِهِ *** وَالأُمُّ لَمْ تَسْأَلْ عَنِ الأَطْفَالِ
يَوْمٌ شَدِيدُ الهَوْلِ لَمْ يَسْأَلْ بِهِ ***أَحَدٌ عَنِ الأَعْمَامِ وَالأَخْوَالِ
مَا كُنْتَ تَسْمَعُ فِيهِ إِلَّا أَنَّةً *** مِنْ نِسْوَةٍ أَوْ آهَةً لِعِيَالِ
أُفُقٌ كَئِيبٌ لَيْسَ يَزْحَمُهُ سِوَى *** طُولِ النَّحِيبِ وَشِدَّةِ الإِعْوَالِ
وَالبَرْدُ يُنْشِبُ مِخْلَبًا فِيْ لَحْمِهِمْ *** وَالجُوعُ يَنْهَشُهُمْ بِلَا إِمْهَالِ
فَالأَرْضُ تَحْتَهُمُ جَحِيمٌ مُرْعِبٌ *** وَالجَوُّ فَاضَ بِعَارِضٍ هَطَّالِ
أَيْنَ الهُرُوبُ وَكُلُّ شَيْءٍ حَوْلَهُمْ *** يَنْتَابُهُمْ كَالجَائِحِ المُغْتَالِ
وَالمَوْتُ يَغْشَاهُمْ وَمَا مِنْ دَافِعٍ *** لَا دَفْعَ عِنْدَ نِهَايَةِ الآجَالِ
لِلهِ مِمَّا تَدْهُمُ الدُّنْيَا بِهِ *** يَا مَنْ أَمِنْتَ تَغَيُّرَ الأَحْوَالِ
مَا قِيمَةُ الدُّنْيَا وَزُخْرُفِهَا إِذَا *** فِيْ لَحْظَةٍ ضُرِبَتْ مِنَ الزِّلْزَالِ
مَا تَنْفَعُ الأَمْوالُ شَيْئًا أَهْلَهَا *** يَا مَنْ تَعِيشُ لِأَجْلِ كَنْزِ المَالِ
مَا هَمَّ إِنْ كَانَتْ حَرَامًا خَالِصًا *** جُمِعَتْ لَهُ أَوْ مِنْ طَرِيقِ حَلَالِ
مَا تَنْفَعُ الأَلْقَابُ مَنْ تَاهُوا بِهَا *** إِنْ بُدِّلَ الإِدْبَارُ بِالإِقْبَالِ
مَا تَفْعَلُ الرُّتَبُ الرَّفِيعَةُ لِلَّذِيْ *** يَمْشِيْ بِهَا بِمَهَابَةٍ وَجَلالِ
فَكَأَنَّهُ الطَّاوُوسُ يَنْفُضُ رِيشَهٌ *** كِبْرًا وَيَمْشِيْ مِشْيَةَ المُخْتَالِ
وَإِذَا تَحَدَّثَ لَمْ يَكُنْ مُتَحَدِّثًا *** إِلَّا بِنَبْرَةِ شَامِخٍ مُتَعَالِ
كُلُّ المَنَاصِبِ وَالمَرَاتِبِ كِذْبَةٌ *** كُبْرَى وَلَيْسَتْ غَيْرَ لَمْعَةِ آلِ
إِنْ قِيلَ لِلْأَرْضِ المُطِيعَةِ أَخْرِجِيْ *** يَا أَرْضُ مَا تُخْفِيهِ مِنْ أَثْقَالِ
وَلَسَوْفَ تَسْأَلُ أَيُّهَا الإِنْسَانُ عَنْ *** كُلِّ الذِيْ قَدْ كَانَ مِنْ أَفْعَالِ
أَبْكِيْ عَلَى أَهْلِيْ فَإِنَّ مُصَابَهُمْ *** يُدْمِيْ الصَّفَا وَيَهُزُّ قَلْبَ جِبَالِ
أَبْكِيْ عَلَى الشُّهَدَاءِ تَحْتَ الرَّدْمِ مَا *** زَالُوا وَثِقْلُ الرَّدْمِ غَيْرُ مُزَالِ
هَذَا يُكَابِدُ تَحْتَ سَقْفٍ سَاقِطٍ *** وَمُشَرَّدٌ قَدْ غَاصَ فِيْ الأَوْحَالِ
أَبْكِيْ عَلَى أُسَرٍ تَنَاثَرَ عِقْدُهَا *** وَكَأَنَّهُمْ لِلرِّيحِ بَعْضَ رِمَالِ
أَبْكِيْ عَلَى أُمٍّ أَضَاعَتْ ابْنَهَا *** مَا أَيْأَسَتْهَا كَثْرَةُ التِّسْآلِ
أَبْكِيْ عَلَى الآمَالِ كَيْفَ تَبَدَّدَتْ *** بِقُلُوبِ مَنْ عَاشُوا عَلَى الآمَالِ
أَبْكِيْ عَلَى تِلْكَ الوُجُوهِ نَضِيرَةً *** مِنْهَا الحِمَامُ أَزَالَ كُلَّ جَمَالِ
أَبْكِيْ عَلَى تِلْكَ الشُّمُوسِ تَحَوَّلَتْ *** لِبُرُودَةٍ وَكَآبَةٍ وَظِلَالِ
وَأَبٍ يَنُوحُ عَلَى صِغَارٍ مَا دَرَى*** بِهِمُ المَصِيرُ جَرَى لِأَيِّ مَآلِ
وَأَخٍ تَمَنَّى مِنْ أَخِيهِ بِشَارَةً *** بِرِسَالَةٍ تَأْتِيْ مِنَ الجَوَّالِ
كُلُّ الخُطُوطِ مَعَ المُنَى مَقْطُوعَةٌ *** لَا نَبْضَ إِرْسَالٍ وَلَا اسْتِقْبَالِ
وَفَتَىً يُحَدِّثُ نَفْسَهُ مُتَعَلِّلًا *** بِدُنُّوِ لُقْيَا أَوْ بِقُرْبِ وِصَالِ
وَكَأَنَّمَا لَذْعُ المَجَامِرِ فِيْ دَمِيْ *** وَكَأَنَّ فِيْ جَنْبَيَّ وَقْعَ نِصَالِ
لِلهِ مِمَّا تَفْعَلُ الأَقْدَارُ إِنْ *** عَصَفَتْ وَلَمْ تُنْذِرْ وَلَيْسَ تُبَالي
مَا أَبْصَرَتْ عَيْنِيْ أَشَدَّ قَسَاوَةً *** مِثْلَ ابْتِلَاءِ الحُرِّ بِالإِذْلَالِ
يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ قَدْ سُمِّيتَ إِنْـــــــــسَانًا لِمَا بِكَ مِنْ رَفِيعِ خِصَالِ
وَلِمَا حَوَيْتَ مِنَ المُرُوءَةِ وَالنُّهَى *** وَحَبَاكَ رَبُّكَ مِنْ كَرِيمِ خِلَالِ
يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ هَلْ مِنْ رَحْمَةٍ *** لِأَخِيكَ حِينَ شَكَا مِنَ الإِقْلَالِ
هَلَّا مَدَدْتَ لَهُ يَمِينًا حُرَّةً *** لِتُنِيلَهُ مِنْهَا بِأَيِّ نَوَالِ
وَتُغِيثَه فِيْ مِحْنَةٍ حَلَّتْ بِهِ *** مِنْ غَيْرِ مَدِّ يَدٍ وَغَيْرِ سُؤَالِ
يَا رَبِّ فَاجْبُرْ كَسْرَهُمْ وَالْطُفْ بِهِمْ *** وَاكْتُبْ لَهُمْ مَا شِئْتَ مِنْ أَفْضَالِ
يَا رَبِّ مَنْ نَدْعُو سِوَاكَ وَمَا لَنَا *** إِلَّاكَ يَا ذَا الجُودِ وَالإِفْضَالِ