-

مقالات مختارة

تاريخ النشر - 18-01-2023 09:28 AM     عدد المشاهدات 256    | عدد التعليقات 0

دراما تاريخية

الهاشمية نيوز -
فارس الحباشنة

في كل موسم درامي رمضاني تخرج اعمال درامية تاريخية، وقبل ايام قرأت خبرا يقول: ان شركة انتاج تصور مسلسلا دراميا عن «ابو سفيان «.

و في مواسم رمضانية سابقة شاهدنا مسلسلات عن عمر بن الخطاب وهارون الرشيد، وصقر قريش، واخرين.

الذهاب الى الماضي واحياء الماضي وتمجيد شخصيات من الماضي بلا شك ليس نزوعا من الدسم السياسي، وحسن النوايا .

و بالعموم الفن ليس خالصا، ونظرية الفن من اجل الفن، ولا اظن ان مجالها حي في الدراما العربية.

هناك فن من اجل السياسة، وفن من اجل التشويش وفن من اجل تزوير التاريخ.

تنفق ملايين الدنانير على اعمال درامية، واعادة احياء لزمن قد ولى وشخصيات تاريخية تخرج من كهوفها وقبورها، ليعاد تجسيدها وانتاجها درامياو تاريخيا، وسياسيا.

يعني احياء الماضي ودمجه في حروب وصراعات عالم ما بعد الحداثة.

الفن من القوى الناعمة، وتجهد الدول والانظمة السياسية الى توظيفه في صراعاتها وتثبيت نفوذها ومصالحها، وبرمجة شعوبها وترويضهم.

الواقع العربي بقدر ما هو صاخب فانه فقير، والذهاب نحو الماضي هو لعبة ايدولوجية لشحذ ارادة الرأي العام في حروب مازالت مشتعلة حول الهوية الدينية الطائفية، وحروب اخرى حول شرعية السلطة في عالمنا العربي الحزين.

في انتاج الدراما التاريخية تدخل الاعمال قبل ان تبث على اثير الشاشات الى مختبرات السياسة والتسييس والادلجة.

و هذا ليس من اختبارات الفن والدراما العربية فقط، تاريخ وتراث العرب اشكالي، والرواة وكتب التاريخ في قلبها بحصة.

و كم ردد مؤرخون ومفكرون القول ان تاريخ العرب مزور، وان التاريخ الحقيقي والفعلي لم يصل الينا، او انه لم يكتب بعد .

و انتاج الدراما التاريخية والتلاعب في الرواية والسردية والاشخاص جزء من مركب ازمة العقل العربي وجدليات بين التراث والحاضر، وشرعية السلطة، والمسكوت عنه في تاريخنا، ونزاع الهويات الايدولوجية.

اعادة انتاج الماضي ليس من باب العظمة والتفاخر بالتاريخ العربي، بقدر ما يعكس من ازمة عميقة في ضرورة اللجوء الى الماضي لاسقاط شرعيته على الواقع والراهن.. واستمداد مصداقية من تراث مجبول بالخداع والكذب، والاسفاف..

ازمة الهوية العربية زادت من اعادة انتاج الماضي في الدراما التاريخية .. والنبش في القبور والكهوف، بما يسدى ان الحاضر متهم وعاجز عن استنئاف البناء والاجابة عن المشروعية التاريخية والسياسية..






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

عـاجـل :