-

مقالات مختارة

تاريخ النشر - 09-01-2023 10:32 AM     عدد المشاهدات 307    | عدد التعليقات 0

كتب المطالعة الإثرائية لطلبة المدارس

الهاشمية نيوز - موسى إبراهيم أبو رياش
يذكر معظم الطلبة الأردنيين الذين درسوا قبل تسعينيات القرن الماضي كتب المطالعة الذاتية الرديفة للكتاب المدرسي، والتي كانت توزعها وزارة التربية والتعليم الأردنية مجانًا على الطلبة، وشملت عدة مواد دراسية ولبعض الصفوف، وكانت تخصص لها نسبة بسيطة بحدود خمسة بالمائة من العلامة الكلية.
ومن هذه الكتب التي أذكرها: «إلى ولدي» لأحمد أمين، «عبقرية الصديق» للعقاد، «تعريف عام بدين الإسلام» لعلي الطنطاوي، «على هامش السيرة» لطه حسين. وفي اللغة الإنجليزية قرأنا: قصصًا مصورة في الصفين الخامس والسادس، ورواية «حول العالم في 80 يومًا» لجول فيرن، ورواية «مزرعة الحيوانات» لجورج أورويل، ومسرحية «تاجر البندقية» لشكسبير، وغيرها مما غاب عن الذاكرة.
ومما لا شك فيه أن هذه الكتب هي جزء من المنهاج، تثري ثقافة الطالب، وتزيد من مخزونه المعرفي واللغوي، وتفتح آفاقه الفكرية، وتطلعه على مجالات مختلفة، وتساهم في زيادة الوعي، كما أنها تشجع الطلبة على الاستزادة بقراءة غيرها، فهي بداية ومفتتح لكل راغب في نعيم عالم القراءة الواسع الذي لا حدود له. وقد ساهمت هذه الكتب وغيرها في تشكيل شخصيات الطلبة، ونظرهم إلى الأمور من زوايا عديدة وموضوعية، وقادتهم إلى مسارات حياتية مختلفة.
إن القراءة ليست ترفًا أو أمرًا هامشيًا يمكن تأجيله أو إهماله، بل هي ضرورة حياتية لا تقل أهمية عن الطعام والشراب، وعلى الجميع تحمل مسؤولياتهم تجاه ترسيخ عادة القراءة عند الأجيال منذ نعومة أظفارهم؛ لأن القراءة حياة، وحرية، ووعي، وإدراك، وسياحة في العقول والأفكار، ورشد، وتهذيب، وجمال، ونور، وقوة، وارتقاء، ومُضادٌ حيويٌ للتطرف والتعصب والإقصاء، واتصال وتواصل مع الآخرين، ومتعة، وسعادة.
وقد آن الأوان أن تفكر وزارة التربية والتعليم بإحياء مشروع كتب المطالعة الإثراثية للطلبة، بالشراكة مع وزارة الثقافة والهيئات ذات العلاقة، وأن تشمل الكتب جميع الصفوف وجميع المواد، بحيث لا يقل عدد الكتب عن كتابين لكل صف لمادتين، وضرورة تغييرها كل خمس سنوات، وأن تتنوع الكتب بين المؤلفين الأردنيين والعرب والعالميين، على أن يكون النصيب الأكبر للكتاب الأردني، مع التأكيد أن يخصص لها نسبة من العلامة الكلية للمادة ذات العلاقة.
إن هذا المشروع إن قدر له أن يعود من جديد، مع جدية التنفيذ والإلتزام، سيساهم في قفزة نوعية لثقافة الطلبة ووعيهم واتساع مداركهم وصقل شخصياتهم، وسيعمل على الحد من شغب ولا مبالاة كثير منهم؛ إذ أن القراءة علاج للعديد من المشكلات السلوكية والنفسية، وتشبع حاجات ورغبات كثير منهم. وهذه الكتب المنتقاة بعناية، وبما يتوافر فيها من عناصر التشويق والمتعة والفائدة، قادرة على جذب نسبة كبيرة من الطلبة وإثارة اهتمامهم، على خلاف الكتب المدرسية التي تميل إلى الرتابة والملل، وتسبب النفور. وهذا المشروع معمول به في العديد من دول العالم ومنها مصر التي اقتبست منها وزارة الثقافة الأردنية مشروع «مكتبة الأسرة: القراءة للجميع»، وكان وما زال من أفضل وأنجح وأرقى وأروع المشاريع في تاريخ الوزارة، ومصدر فخر لها، ويحظى بالقبول والاهتمام من الجميع.
ليس مطلوبًا من وزارة التربية والتعليم تحمل الكلف المترتبة على هكذا مشروع وحدها، فهي تستطيع بالشراكة مع غيرها، وخاصة إمبراطوريات البنوك والمدارس الخاصة، أن توفر الدعم المطلوب، مع التأكيد أن كل استثمار في الطلبة والثقافة ربح مضاعف يؤتي أكله بعد حين. وأثر هذا المشروع سينعكس إيجابًا على أسر الطلبة، وبالتالي المجتمع كله، بالإضافة إلى مساهمته الكبيرة في الحراك الثقافي، ودعم الكاتب والكتاب الأردني. والأمل أن يتوسع المشروع ليشمل طلبة الجامعات والكليات، بل وموظفي القطاع العام والخاص، ويكون التزامهم بالقراءة جزءًا من تقييمهم السنوي.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :