-

المجتمع والناس

تاريخ النشر - 09-01-2023 09:25 AM     عدد المشاهدات 181    | عدد التعليقات 0

الأطفال والأحداث العامة .. تبسيط الأمور لمواجهة الأثر السلبي

الهاشمية نيوز - يعترف أبو أحمد عبدالله أن ابنه (12 عاما)، حينما يكون حاضرا بالجلسات العائلية ويتم مناقشة قضايا عامة وأخرى تخص العائلة، عادة ما يستفسر عن كل ما يحدث ويريد إجابة وافية يستطيع فهمها وتحليلها رغم عمره الصغير، غير أن والده عادة ما يكون جوابه “ما في شي انت لسة صغير ما رح تفهم”.
ومع الوقت، شعر أن تلك الإجابة باتت تزعج طفله وكأنها تقلل منه وتزيد بالوقت ذاته من مخاوفه غير المبررة، لذلك بدأ يبسط له الأمور ويشرحها لكي يكون متفهما لأي شيء يحدث داخل العائلة أو خارجها وحتى الالتزامات العائلية، ومن دون أن تؤثر على طفله سلبا.
ومنذ أن بدأ الأب باتباع تلك الطريقة، أصبح ابنه أكثر ارتياحا، لأنه شعر أن أفراد عائلته يجيبونه عن تساؤلاته ويحيطونه بالأمان النفسي والاجتماعي بكل الأوقات، ولا يكون مغيبا عن كل ما يدور حوله.
لا يستطيع الأطفال الانفصال عن عالمهم وكل ما يحدث من حولهم، فهم جزء أساسي من أسرة كبيرة، يتأثرون بالأحداث المحيطة بهم وإن كانت أكبر من وعيهم ولا تتناسب مع فئتهم العمرية لكن تنعكس عليهم نمائيا ونفسيا.
هؤلاء الأطفال في زمن التكنولوجيا، أصبحوا على اطلاع كبير بما يحدث حولهم، وحينما يستمعون للآباء وهم يناقشون أوضاعا عامة، ويلمحون تعابير وجوههم، يتأثرون، خصوصا حينما يتساءلون عما يحدث، وتكون الإجابة “أنت صغير ما رح تفهم”.
تلك الحالة التي ينشغل فيها المجتمع من وقت لآخر سواء الأوضاع الاقتصادية من ارتفاع الأسعار والصعوبات المعيشية أو اعتصامات واحتجاجاته هنا وهنالك، وحديث الأسر الدائم عن فصل الشتاء البارد وثقله على الجيوب وعدم استطاعة الإيفاء بالالتزامات المتراكمة، وما الى ذلك؛ تؤثر على الأبناء بشكل أو بآخر، ليصبحوا جزءا من الحدث، لكنهم بعيدون عن الإدراك الكافي لكل ما يحدث، وهو ما لا يهتم به الأهل أحيانا بإيصاله للأبناء بطريقة شفافة وبسيطة في الآن نفسه.
حالة القلق والتوتر التي تسيطر أحيانا على أحاديث الأسر وجلساتهم وفي لقاءات الأصدقاء، تلقي بظلالها على الأطفال الذين هم جزء من هذه الأسر، وقد تترك مخاوف حقيقية وأحيانا يشعرون بغياب الأمان النفسي والعاطفي.
أحد الأمثلة على ذلك، مخاوف الأطفال التي بدت واضحة بعد انتشار أخبار استشهاد عدد من ضباط وأفراد الأمن العام الذين قضوا في الدفاع عن أرض الوطن مؤخرا، ما ترك أثرا في قلوبهم الصغيرة، كذلك الصور والفيديوهات التي ضجت بها مواقع التواصل الاجتماعي التي نقلت تفاصيل الأحداث وبعض الإشاعات التي أثرت على الرأي العام ونشرت القلق في الجلسات العائلية، وبالتالي ظهرت تبعاتها على الأطفال.
ليست الاحتجاجات وحدها وارتفاع الأسعار ما كان لها وقع على الأطفال، بل كان للمنخفضات الجوية نصيب من المؤثرات على الأطفال؛ حيث سيطرت أخبار السيول التي جرفت السيارات وبعض البيوت على أحاديث الأطفال وزادت من مخاوفهم، وجعلت وقع صوت الرعد والبرق والأمطار القوية كبيرا عليهم واستثنائيا.
تأثير البيئة المحيطة، بحسب التربوي الدكتور عايش النوايسة، كبير جدا، ما لم يتم توجيهه وربطه بمسار سليم، فالطفل يتأثر بمحيطه الاجتماعي والاقتصادي الذي يعيش فيه ويتفاعل معه، بالتالي ينعكس على شخصيته وطريقة تفكيره، لا سيما عندما يتعلق باحتياجاته النمائية والنفسية.
ويلفت النوايسة إلى أن تأثير الجانب الاقتصادي مرتبط دائما بالجانب الاجتماعي، ويؤثر في الطفل سلبيا، مبينا “نحن اليوم نربي الطلاب على التربية الديمقراطية وعلى حرية الرأي والتعبير والابتعاد عن التطرف ومعرفة الأطفال لما يحدث من حولهم؛ حيث يترك أثرا إيجابيا إذا كان موجها بالطريقة الصحيحة”.
ويشير النوايسة إلى أن ارتفاع الأسعار والمنخفضات الجوية القوية يكون لها أثر كبير، خصوصا وأنها تؤثر على طريقة تأمين متطلبات الحاجات الأساسية للأطفال بالأكل والشرب والخروج في نزهات أو المقارنة بينهم وبين أصدقائهم، خصوصا عندما يعجز أولياء الأمور عن تأمين متطلبات أبنائهم سواء على المستوى المعيشي أو على مستوى أقرانهم.
ويشير النوايسة إلى الأثر الكبير الذي تلعبه أيضا مواقع التواصل الاجتماعي على الأطفال أثناء تداولها الأخبار السلبية والإشاعات التي ترافق الأحداث، فالطفل يسمع ويشاهد كل ما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي، وبالتالي تترك أثرا سلبيا كبيرا جدا عند التعامل مع الموضوع بطريقة سلبية، عند عدم إعطاء إجابات وافية ليكون متفهما لما يدور حوله.
ووفق الاستشاري النفسي التربوي الدكتور موسى مطارنة، فإن أي أحداث فيها حالة من عدم الاستقرار الأسري أو بالمحيط تنعكس على الأسرة ككل وعلى الأطفال، وتزرع في أعماقهم مواقف سلبية قد يصعب تخطيها بسهولة.
وينوه إلى أن أي أحداث سلبية تسكن في اللاشعور عند الأطفال ستنعكس على سلوكهم وشخصياتهم في المستقبل لأن الإنسان يتأثر ببيئته الاجتماعية المحيطة كما في تفاصيل وأحداث كثيرة لا يدركونها، ولا يقوم الأهل بتوعيتهم أو تبسيط الأمور لهم.
التأثيرات السلبية لدى الأطفال تتشكل في اللاشعور، وفق مطارنة، خصوصا فيما يتم تداوله من أقاويل من فقدان وغيره، والتأثر يظهر في لغة تعبير وجوههم، وقد يظهر في المستقبل على شكل سلوك عنيف أو رهاب نفسي اجتماعي، لذا لا بد من إبعاد الأطفال عن هذه الأمور وتهيئة حياة مليئة بالفرح والحب والاستقرار لهم ترسم لهم حياة مستقبلية أفضل.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :