-

اخبار محلية

تاريخ النشر - 08-01-2023 08:59 AM     عدد المشاهدات 116    | عدد التعليقات 0

كبار السن .. (فئة غير مرئية) وحمايتها (رعائية منقوصة)

الهاشمية نيوز - على كرسي متحرك، تتشبث بعجلاته يدان نحيلاتان لم تترك فيهما التجاعيد مكانا الا ورسمت خطا، أبو محمد أحد كبار السن الذي حظي بأن يكون جليس أحد دور الرعاية، ورغم ما تقدمه هذه الدور من اهتمام لهذه الفئة -وفق ما يؤكده قائمون عليها-، تبقى الصورة ناقصة، فوفق دراسات بحثية وتقارير ميدانية أجريت على مسنين حول مستوى الرضا عن الحياة لديهم، أظهرت أن المستوى منخفض، وأن مستوى الاكتئاب مرتفع.
ووفق دراسة تحليلية لتقييم واقع حال دور المسنين في الأردن، يبلغ عدد كبار السن في الأردن 588100 نسمة يشكلون ما نسبته 5.5 % من التعداد السكاني حتى نهاية العام 2020، أما عدد المسنين المقيمين في دور الرعاية فبلغ عددهم 355 مسنا ومسنة، منهم 172 ذكورا و183 إناثا.
وأشارت ذات الدراسة التي نفذها المجلس الوطني لشؤون الأسرة، بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان عام 2021، إلى “معاناة بعض دُور رعاية المسنين نتيجة نقص التمويل وعدم توفر الكوادر البشرية المدربة لتقديم الخدمات لكبار السن، وحاجة العاملين في هذه الدور إلى الالتحاق بدورات تدريبية لرفع قدراتهم وتأهيلهم من ناحية علمية وعملية”.
كبار سن.. معاناة تجاوزت الحدود
خارج أبواب هذه “الدور”، تتضح الصورة أكثر، لتكشف عن كبار سن تظهر مقارنة أوضاعهم بالمقيمين في “دور الرعاية” بأنها تجاوزت حدود المقبول، في حالات لا معنى فيها لمفاهيم الرضى والاكتئاب.
في تتبع لتقارير تنشرها “الغد” تحت عناوين مختلفة، ما تزال هذه التقارير تكشف بين الحين والآخر أن كبار سن يعيشون بيننا يواجهون ظروفا يمكن وصفها بـ “المأساوية”.
تحت عنوان “تعويض خيمة حسنى المحترقة بأخرى.. مساعدة أم تكريس لحياة القسوة؟” أظهر التقرير الأخباري الذي نشرته “الغد” مؤخرا، عن حجم القصور في الإجراءات التي اتبعتها الجهات المعنية تجاه الستينية حسنى التي وجدت نفسها بلا مسكن، بعد أن تعرضت خيمتها المهترئة والتي تقطنها في منطقة عسال بالأغوار الجنوبية للاحتراق الكامل مع ما تملكه من متاع بسيط هو كل تحويشة عمرها.
ورغم أن جهات معنية وفرت خيمة جديدة لحسنى، غير أن الظروف الصعبة ما تزال تقسو على الستينية والتي تعيش وحيدة منذ سنوات مرتحلة بخيمتها بين الأغوار الجنوبية شتاء ومناطق الكرك المرتفعة صيفا.
بإجراء تعويضها عن الخيمة، اكتفت الجهات المعنية حينها بهذا الحل، الذي كرس حياة المعاناة لحسنى والتي تقول “إنها سئمت حياة التنقل والارتحال طوال الوقت وخصوصا وأنها تعاني من ظروف صحية صعبة، وتأمل بأن يتم توفير مسكن مناسب لها لإنهاء معاناتها التي طالت وخصوصا في ظل افتقارها للأقارب”.
في تقرير آخر حمل عنوان “مسنون يبيعون مقتنياتهم باحتجاج صامت على غول الفقر” كشف التقرير عن حجم المعاناة التي يتعرض لها بعض كبار السن في مواجهة غلاء المعيشة بعد أن اجبرتهم قسوة الحياة على النزول إلى ما يعرف بـ “سوق الجمعة” وسط العاصمة عمان لبيع مقتنياتهم القديمة أو بعض البضائع بأثمان زهيدة، لعلها تسد رمقهم لأيام، فيما تضمن التقرير سؤال يعد الأخطر على لسان البعض ممن التقتهم “الغد” وهو “متى ستنتهي فصول الشقاء؟”
في مشهد كان مستهجن، على ان السنوات الأخيرة أظهرته بقالب “المألوف” مع تدهور أوضاع العديد من المواطنين بالأردن، كبار سن يعتاشون من بسطات وعربات وآخرون يجمعون الخردة على ظهورهم، مجبرين على العمل الشاق رغم كبر سنهم، تدفعهم ظروفهم القاسية على ذلك بانتظار مهرب من هذه الحياة والذي قد لا يأتي ابداً.
بأجساد منهكة.. يجمعون الخردة
الستيني عبد الرحمن من محافظة إربد، يعمل على جمع الخردة رغم عدم قدرته على هذا النوع من العمل الشاق، يقول “أنا مجبر على العمل، إذا لم أخرج يوميا لجمع الخردة قد لا أجد ما آكله أنا وأسرتي آخر النهار”.
الأرملة الستينية سعدة، من سكان منطقة طبقة فحل بالأغوار الشمالية، هي الأخرى تواجه ضيق الحياة وآلام الأمراض بقلة الحيلة، فراتب المعونة الوطنية الشهرية الذي تتقاضاه” لا يكفي”- وحسب تأكيدها-” لأيام”.
سعدة التي التقتها “الغد” في أحد أسواق إربد أثناء بحثها عن مساعدات عينية تعينها على سد بعض احتياجات أسرتها المكونة من خمسة أفراد، تقول “أنا لا أتسول، أطلب المساعدة العينية لتأمين قوت يومنا، أتجاهل ألمي وأمراضي، ليس لدي القدرة أصلا للبدء بمرحلة علاج قد تحتاج إلى تكاليف ووقت وجهد بين المراكز الصحية والمستشفيات”.
في حالة تجسد المعنى الحقيقي للمعاناة، المسنة ” شمس” تقطن وحيدة في غرفة غير مؤهلة للسكن، تعاني بالإضافة إلى فقدانها البصر، من أمراض مزمنة، يقوم على رعايتها “أهل الخير”، لا تعرف متى يمكن ان يحدث معها أي طارئ لا تحمد عقباه أثناء وحدتها الطويلة وخاصة في الليل.
في محاولة للاقتراب أكثر من واقع حال العديد من المسنين، يقول رئيس جمعية إربد لاستضافة المسنين حسين لافي، “إن هناك حاجة ماسة لإعطاء هذه الفئة مزيدا من الاهتمام والرعاية”.
واعتبر اللافي هذه الفئة بـ “المهمشة”، وانه ومن واقع تواصله المستمر مع هذه الفئة من خلال انشطة الجمعية المختلفة والتي تضم 185 مسنا مسجلين بقيود الجمعية يترددون على نادي الجمعية الترفيهي لكبار السن، فإن العديد منهم بحاجة ماسة للرعاية الصحية المختلفة، وآخرون بأمس الحاجة إلى المساعدات المالية.
رعاية ..تحكمها نظرة خيرية
السرد القصصي، لما يشعر به العديد من كبار السن يظهر مدى التشابه في المعاناة والمطالب، كما يحدد صراحة استمرار تدني مستوى الرعاية الكافية لهم ضمن أطر قانونية، لتبقى قضايا حقوق كبار السن في دائرة المعاملات الرعائية والخيرية غير المؤطرة قانونيا وغير الملزمة.
خلف هذا الواقع، تتشابك الأمور، فبين ما يتم التأكيد الرسمي وحتى الأهلي أحيانا، على وجود اهتمام نوعي بهذه الفئة في مجتمع ما يزال يتمسك بالعادات والتقاليد والترابط الأسري، تخرج دراسات وتقارير لتضع هذه الفئة ضمن مفهوم ” الفئة غير المرئية”، في إشارة إلى عدم الاكتفاء بما يقدم لهم من حقوق وعلى راسها “الحق الصحي”.
كبار السن ..صوت مغيب
في جزئية وردت بورقة سياسة كبار السن بعنوان “فئة غير مرئية” ضمن مشروع “تعزيز المساواة لفئة كبار السن”، والتي أعدها مركز العدل للمساعدة القانونية ومنظمة هيلب ايج الدولية في الأردن أخيرا، ويمكن تصنيفها بـ “الحساسة” جاء في مقدمة الورقة، “ما تزال الحماية القانونية لكبار السن غائبة بشكل كبير في أطر الحماية القانونية الدولية والوطنية، فلم يتم تناولها بشكل متخصص في أي وثيقة عالمية لحقوق الإنسان، وهذا انعكس على استمرار التعامل مع قضايا حقوق كبار السن على الأساس الرعائي والخيري عوضا عن التعامل مع هذه القضايا على أساس نهج قائم على حقوق الإنسان”.
عند هذه النقطة، تبدأ معاناة بعض كبار السن الذين يشعرون بأنهم أصبحوا عالة على غيرهم، وأن ما يتلقونه من رعاية واهتمام، ما هو إلا عمل رعائي خيري.
تقول مستشارة محور الكسب والتأييد في “المركز” المحامية سهاد السكري، “إن العديد من كبار السن يواجهون تحديات تعيق تمتعهم الكامل بحقوق الإنسان”.
كما أدى “غياب التشاور الوثيق معهم، إلى غياب صوتهم ومنظورهم في التشريعات والسياسات والتدابير الأخرى الماسة بحقوقهم”، وفق السكري.
وترى السكري أنه “بات من المهم العمل بشكل مؤسسي للتعامل مع قضايا كبار السن على أساس نهج قائم على الحقوق”.
كما أشارت في حديث لـ “الغد” باعتبارها أحد المساهمين بإعداد “الورقة”، “أن الحصول على الرعاية الصحية ما يزال يتصدر المطالب والحقوق التي شدد كبار السن على أهميتها، وذلك بناء على نتائج اللقاءات التي تمت مع كبار السن ومعنيين ومختصين وخبراء في إطار إعداد الورقة”.
واعتبرت انه “ورغم الإنجازات المهمة التي حققها الأردن في مجال الرعاية الصحية لكبار السن، إضافة إلى الاهتمام الذي أولته الاستراتيجية الوطنية لكبار السن في محور خاص للرعاية الصحية، الا أنه ما تزال هناك العديد من العقبات التي يواجهها كبار السن في التمتع بالحق في الصحة”.
وصنفت “البيئة المادية وطول فترة الانتظار وعدم توفر الكثير من الأدوية خاصة أدوية الأمراض المزمنة في المراكز الصحية والمستشفيات العامة، وعدم إدراج المجلس الطبي لطب الشيخوخة من ضمن التخصصات الطبية المعتمدة، إضافة إلى عدم تهيئة بيئة المراكز الصحية والمستشفيات لتكون صديقة بكبار السن كلها تحديدات ما تزال تواجه كبار السن أثناء حصولهم على الحقوق الصحية”.
كما لفتت السكري إلى “أن لقاءات مع كبار السن خلال إعداد الورقة كشفت عن نقص في خدمات الرعاية الصحية النفسية لهم، وخدمات الطب والإرشاد النفسي، وهي من المطالب المهمة التي شدد عليها كبار السن أنفسهم”.
وأكدت، “أن بعض الحالات التي تم مقابلتها أظهرت وجود مستوى متدن لتقدير الذات، إضافة الى أن البعض رفض التجاوب مع الاسئلة فيما بعضهم تبين أنهم يعانون من اكتئاب وعدم رضى وخاصة كبار السن من السيدات”.
وشددت السكري في هذا الخصوص ووفق مطالب كبار السن أنفسهم على ضرورة ايلائهم المزيد من الاهتمام بالرعاية الصحية، وان تكون مواعيد المراجعات قريبة، وتسهيل وصولهم إلى المستشفيات والمراكز وضرورة تأمين الحالات التي لا تستطيع الوصول الى مراكز العلاج بالأدوية”.
..حتى لا تكون مصادرة للارادة
ما يزال الاستماع والإنصات لهذه الفئة متدن ومحصور ضمن دراسات محدودة وزيارات ميدانية قليلة تقوم بها جهات مختلفة منها رسمية وأخرى تطوعية تأتي عادة في مناسبات عالمية ووطنية أبرزها اليوم العالمي لكبار السن الذي، وان صح التعبير، هو نفس اليوم الذي يعيد التذكير سنويا بهذه الفئة، لتبقى تلك المناسبات تتلمس حاجات ومطالب وهموم كبار السن في إطار متواضع ينتهي بتوصيات تنتظر التطبيق الفعلي.
يقول المستشار في مجال حقوق الإنسان في هذا المجال رياض الصبح “إن هناك فرقا بين عملية التفقد والحرص على تقديم الخدمة، وبين الاستماع جيدا لمتلقي الخدمة قبل اقرارها”.
وبمعنى آخر، يرى الصبح “أن هناك تغييبا لفئة كبار السن في عملية التشريع وسن القوانين التي تمسهم بشكل مباشر”، معبرا عن ذلك بالقول “إنه من غير المقبول أن يكون هناك دائما من يقرر عن الغير”.
الصبح لا يقصد بذلك إيكال عملية إصدار القوانين والتشريعات للمسنين، بيد انه يلفت الى ضرورة إشراك أي فئة يتم التحدث عنها بهذا الحديث والاستماع لها.
بنى ومرافق غير صديقة
في تقاطع يكشف عن استمرار معاناة كبار السن، يلفت الصبح إلى “أن هذه الفئة إذا ما اعتبرت من ضمن الفئات التي تعاني من صعوبات بالتنقل، فهم بذلك يلتقون في الكثير من اوجه المعاناة مع ذوي الإعاقة، ومع احتساب مجموع الفئتين فإن هناك أعدادا كبيرة في المجتمع ما تزال تواجه صعوبات وتحديات يفرضها غياب الترتيبات التيسرية في معظم المرافق والخدمات العامة”.
وتابع، “أن جميع الشوارع والطرقات غير مهيئة بالشكل السليم لأصحاب ذوي الاعاقة ومنهم بطبيعة الحال بعض كبار السن، إضافة إلى أن غالبية المباني كذلك لم تراع هذه الترتيبات التيسيرية، باستثناء اعتماد حلول “الرمبات” والتي اعتبرها حلولا غير كافية”.
وقال الصبح، “إن الأمم المتحدة تعمل منذ سنوات من أجل الخروج باتفاقية خاصة بكبار السن، تهدف الى تغيير النظرة المعتادة لهذه الفئة من نظرة خيرية إلى حقوقية”.
وأشار الصبح إلى ما خطته الأردن من خطوات في مجال حقوق كبار السن، غير انها ما تزال غير كافية، لافتا “أن هناك حقوقا ما تزال مهملة بالنسبة لهذه الفئة، ومن أهمها توفير البيئة والترتيبات التيسيرية لأصحاب التحديات حتى يتمكنوا من الوصول بسهولة الى الخدمات المختلفة”.
كما يرى “أن كبار السن هم من ضمن الفئات المستضعفة والتي يجب ان تحصل على الرعاية البديلة، على اعتبار أن العديد منهم قد يكونون أصحاب معاناة نتيجة أمراض مزمنة وأصابهم الوهن ويشعرون بآلام متعددة ولا يوجد لديهم من يعيلهم أو يقدم لهم الرعاية وبالتالي فإن مثل هذه الحالات بأمس الحاجة الى الرعاية البديلة.
مسنون في الاستراتيجيات الوطنية
رغم ما تشير اليه العديد من التقارير والدراسات إلى الحاجة لمزيد من الرعاية بكبار السن، فان هناك اشارات واسعة على أن الأردن خطا خطوات مميزة في هذا المجال.
تقول الخبيرة في الشؤون الحقوقية ومستشارة للمجلس الوطني لشؤون الأسرة اروى النجداوي “لا أعتقد أن فئة كبار السن مغيبة في التدابير والبرامج الحكومية الأردنية، وقد خطا الأردن خطوات جيدة في هذا المجال، فعلى مستوى التشريعات أكد الدستور الأردني لعام 2011 بشكل صريح على حماية الشيخوخة”.
وترى النجداوي أن ذلك “انعكس على سن تشريع جديد خلال عام 2021 وهو نظام رعاية المسنين، وتم في تشرين الأول (اكتوبر) 2022 إصدار التعليمات الخاصة بذلك”، غير ان هناك حاجة ماسة لتمويل الحساب الخاص بذلك لتفعيله بالتعاون مع القطاع الخاص لتلبية أهداف هذا النظام من حيث تعزيز حقوق كبار السن في الأردن وتحسين أوضاعهم”.
وعلى مستوى الإستراتيجيات، اشارت النجداوي إلى الإستراتيجية الوطنية الأردنية لكبار السن والتي يتولى المجلس الوطني لشؤون الأسرة إعدادها ومتابعة تنفيذها مع الجهات المعنية من كافة الجوانب التنموية والصحية والرعاية الإجتماعية.
غياب اتفاقية دولية يبقي الحقوق غير ملزمة
وقالت النجداوي، “لغاية الآن لا توجد اتفاقية دولية لحقوق كبار السن كما هو الحال باتفاقية حقوق الطفل، واتفاقية إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة، أو اتفاقية الأشخاص ذوي الإعاقة”.
وبينت “أنه ودون وجود صك دولي لحقوق كبار السن، تبقى الدول غير مُلزمة بسن قانون خاص بكبار السن، إلا أن الأردن انضم منذ عام 2018 إلى الفريق الأممي العامل حول الشيخوخة من خلال تقديم مساهمته المتضمنة مقترحاته وأولوياته الوطنية للأمم المتحدة للمشاركة دولياً في صياغة اتفاقية دولية لحقوق كبار السن”.
وترى النجداوي وفيما يخص الحماية الاجتماعية لكبار السن والتمكين المادي “أن كل كبير سن يوجد لديه راتب تقاعدي أو أملاك خاصة أو هناك من يعيله شرعاً، ويتم صرف معونة نقدية له من قبل صندوق المعونة الوطنية بقيمة 50 دينارا شهريا حال عدم توفر مصادر دخل له”.
ووفق احصائيات رسمية، فان هناك 100 ألف أسرة تحت مظلة صندوق المعونة الوطنية بموازنة سنوية تقدر بـ100 مليون دينار، فيما أنفق “الصندوق”خلال الأعوام 2019-2021 ما قيمته 750 مليون دينار.
وتشكل أسر كبار السن المنتفعين من خدمات صندوق المعونة الوطنية، ما نسبته 27 % من إجمالي الأسر المنتفعة من الصندوق، باعداد متحركة قابلة للزيادة او النقص.
وتؤكد مصادر من وزارة التنمية الإجتماعية على دور الجهات المعنية وأقسام الوزارة تجاه هذه الفئة بالمجتمع والتي اعتبرتها “فئة محمية وتشملها العديد من برامج الرعاية والدعم”.
ووفق ذات المصادر فإن ” وزارة التنمية ومديرياتها المختلفة تتابع ميدانيا العديد من الحالات التي تستدعي التدخل السريع ومنها حالات لكبار سن تم ايواؤهم في أحد دور الرعاية كانوا هائمين على وجوههم”.
ولم تستبعد المصادر “وجود تقصير أو جوانب خلل، ولكنها غير متعمدة ومرتبط عادة بتوفر الامكانات والمخصصات”.
وتطرقت المصادر ذاتها إلى برامج الوزارة المختلفة والتي تعنى بالمحافظة على كرامة كبار السن ممن يحتاجون للخدمات الاجتماعية الإيوائية والاجتماعية من خلال حساب رعاية المسنين ومن هذه البرامج التي تعنى بهذه الفئة وجود قسم لرعاية كبار السن والهائمين.
حالات بعيدة عن أعين المسؤولين
تقول الخبيرة في مجال الإعلام الصحي الزميلة الدكتورة حنان كسواني “إن هناك تقصيرا واضحا تجاه العديد من الحالات التي تحتاج إلى المزيد من الاهتمام والرعاية، والتي عادة ما يتم الالتفات اليها بعد أن تصبح مادة إعلامية ويتم نشر قصص عنها في إحدى وسائل الإعلام”.
واضافت الكسواني ومن واقع تجربتها الميدانية الطويلة أن كبار سن يعيشون ظروفا وصفتها بـ “المأساوية”، وأن هذه الحالات بعيدة عن أنظار الجهات المعنية التي لا تعلم عنها شيئا.
وتابعت “مئات من كبار السن يعيشون لوحدهم بظروف قاسية، ومنهم من لديه ابناء ولكن ظروفهم المادية صعبة ولا يستطيعون تقديم المساعدة وقد يتركون لأهل الخير”.
وترى الكسواني “أنه رغم الجوانب السلبية المتعددة بحياة العديد من كبار السن، إلا إن الجانب المشرق هو ما يوليه المجتمع من احترام وتقدير لهذه الفئة ورفضه تهميشها والحرص على تقديم المساعدة لها ولكنها تبقى ضمن إطار الرعاية والمساعدة الخيرية التطوعية غير الملزمة والمؤطرة قانونيا”.
هل يعرف المسنون كافة حقوقهم؟
يقول أمين عام المركز الوطني لشؤون الأسرة محمد مقدادي، “في الأردن حققنا إنجازا كبيرا من خلال شمول فئة كبار السن من عمر 60 سنة فما فوق بالتأمين الصحي المجاني، ولكن بالرغم من هذا الإنجاز إلا إن كثيرا من كبار السن لا يعلمون عن شمولهم بهذا التأمين”.
واعتبر المقدادي في حديث لـ “الغد” “أن خدمات الرعاية الصحية من أهم الأمور التي يجب توفيرها لكبار السن وذلك نتيجة الأمراض المزمنة التي تتعرض لها هذه الفئة، ومنها أمراض القلب والسكري والضغط والسرطان وغيرها”.
ويقول، “هناك نقص، في بعض الأدوية الممكن الحصول عليها من القطاع الحكومي، ما يضطر بعض كبار السن إلى شراء الأدوية على نفقتهم الخاصة”.
وحول أبرز التحديات التي تواجهها هذه الفئة في مجال الرعاية الصحية عدم توفر تخصصات طب الشيخوخة وتمريض الشيخوخة وما تزال خدمات الرعاية المنزلية تشكل تحديا نتيجه ارتفاع تكلفتها، وفق المقدادي.
وعلق مقدادي على محور نقص البيانات حول هذه الفئة بالقول “بالنسبة للبيانات، استطاع المجلس الوطني لشؤون الأسرة وبالتعاون مع اللجنة الوطنية لكبار السن من مأسسة قضايا كبار السن من خلال إعداد الدراسات والتقارير، مستدركا “لكن التحدي في هذا المجال في عدم توفر مسوحات متخصصة حول هذه الفئة”.
هل التأمين الصحي لكبار السن كاف؟
مع استثناء أن بعض كبار السن لا يعلمون انهم مؤمنون صحيا، فإنه وحتى فيمن لديه المعرفة والدراية بهذه المكتسبات، يبقى الحصول عليها بمثابة تحد تفرضه عوائق التنقل وكلفته وطول الانتظار وغياب التخصصات الطبية ونقص الأدوية.
في حالة تعبر عن هذا الخلل، تكتم الأرملة الستينية حنان آهاتها وأوجاعها، متحملة آلامها المستمرة في ركبتيها، متناسية الحاجة الى تركيب مفاصل بشكل مستعجل.
حنان التي تعيش في غرفة تفتقد لأدنى مقومات الحياة الكريمة في منطقة المشارع بالغور الشمالي وتتلقى معونة من صندوق المعونة قيمتها 50 دينارا شهريا، تقول واصفة حياتها الصعبة، ” لم يتبق من العمر شيء على أحسن حال سأعيش سنوات قليلة وبعدها أرتاح”.
حنان التي ترى بالموت راحة لها، لم يكن شعورها نتاج صدفة أو لحظة عابرة، ربما هو تعبير عن حجم القسوة التي تعيشها ولكن في الوقت ذاته يعكس مدى الإحباط واليأس الذي يلازمانها”.
تشرح الأرملة الستينية التي تعيش بجانب أولاد زوجها الذي توفي قبل سنوات، معاناتها المستمرة وكيف انتهت رحلة علاجها المريرة بعد التنقل من مركز صحي الى مستشفى ومختبرات وفحوصات وطلبات عديدة لم تستطع تأمينها رغم أنها مؤمنة صحيا، بالجلوس بغرفتها تحتمل آلامها المضافة الى معاناتها.
طب الشيخوخة.. لماذا التأجيل؟
يقول نقيب الاطباء السابق الدكتور احمد العرموطي، إن استحداث تخصص لطب الشيخوخة ضرورة حتمية إذا ما أريد تحسين خدمات الرعاية الصحية لفئة كبار السن، وبين في حديث له مع “الغد” أن مرضى كبار السن يتم معالجتهم من خلال أطباء مختصين بطب الأسرة وأحيانا اختصاصي طب عام وهو غير كاف، ويعد تحديا إذا ما أريد تحسين خدمات الرعاية الصحية لكبار السن بالأردن.
ووفق العرموطي، فإن هذا التخصص موجود في العديد من الدول الأجنبية وهو تخصص مهم، فيما ستكون الأردن سباقة بين دول المنطقة في هذا المجال حال استحداثه، موضحا أن الأمر لا يحتاج إلى إمكانات بقدر ما هو بحاجة إلى قرار من قبل الجهات المعنية باقتراح مشروع إيجاد تخصص طب الشيخوخة.
العرموطي وفيما يخص مستوى الرعاية الصحية التي يتلقاها كبار السن، أشار إلى تساؤل حول ماذا يعني أن كبار السن مؤمنين؟، معتبرا أن مجرد تأمين كبار السن من الشرائح غير المقتدرة ومن غير الموظفين أو المتقاعدين لا يكفي، لافتا في هذا الخصوص إلى ما تعانيه معظم المستشفيات والمراكز الطبية من اكتظاظ بالمراجعين قد يعيق حصول كبار السن على الخدمات الصحية الكاملة، إضافة إلى نوعية التأمين في المستشفيات الحكومية من حيث إمكانية تحويل حالات إلى مستشفيات أخرى تحتاج إلى علاج غير متوفر بالمستشفيات الحكومية التي يشملها التأمين.
التأمين الصحي لكبار السن.. إنجاز منقوص
في تصريح أخير لوزارة الصحة حول تعديلات نظام التأمين الصحي المدني قال مدير إدارة التأمين الصحي في وزارة الصحة الدكتور نايل العدوان، إن نسبة الأردنيين المؤمنين صحيا تصل إلى 72 % من تأمين عسكري ومدني وجامعي وخاص، ونسبة الأردنيين ضمن فئة التأمين الصحي المدني 43 %.
وأضاف، أن عدد المؤمنين صحيا تحت مظلة التأمين المدني بلغ 3.464 مليون مؤمن عليه، منهم 650 ألف طفل دون 6 سنوات، و1.404 مليون من منتفعي المعونة الوطنية وكبار السن فوق سن 60 عاما وفئة الأشد فقرا والأسر الفقيرة، و928 ألفا من موظفي القطاع العام ومنتفعيهم، و433 ألفا من المتقاعدين ومنتفعيهم، 23.784 ألف من المشتركين والمنتفعين اختياريا.
في مراجعة سريعة للخطط الحكومية، يبدو أن توسيع مظلة التأمين الصحي هو الهم الأكبر، فيما ينقلنا ذلك إلى التساؤل حول مدى مواكبة هذا السياسة لمستوى الخدمة الصحية التي تشهد ضغطا متزايدا، وفق العديد من المصادر الطبية في مختلف القطاعات الصحية والتي عادة ما تشير الى وجود ضغط بالمراجعين ونقص ببعض الادوية وتهالك بالأجهزة الطبية وضيق ببعض المراكز الصحية إضافة إلى نقص الكوادر الطبية والتمريضية والكثير من الأمور التي ما تزال محط شكوى من قبل مراجعي القطاع الطبي الحكومي وخاصة في مناطق المحافظات.

*هذا التقرير أنجز بالتعاون مع مركز حماية وحرية الصحفيين






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :