-

المجتمع والناس

تاريخ النشر - 02-01-2023 09:30 AM     عدد المشاهدات 185    | عدد التعليقات 0

ما بين التسامح بمنح الفرص أو إنهاء العلاقات .. ماذا يختار الإنسان؟

الهاشمية نيوز - يمر الإنسان في علاقاته الاجتماعية والإنسانية بمواقف مختلفة ومحطات عدة تتطلب منه في كثير من الاحيان منح الفرص والتسامح والغفران، في حين أن مواقف أخرى قد تكون حاسمة بإنهاء علاقة قد تكون مؤدية بسبب موقف ما.
في العلاقات الإنسانية مواقف وتجارب مختلفة تساهم في تشكيل شخصية الفرد، فالبعض يعتقد أن أعطاء الفرص والتسامح دافع للاستمرار بينما يحسم آخرون ذلك الأمر بالقطع وعدم إعطاء الفرص.
ولطالما ما كانت نسرين ( 29 عاما) متسامحة بحسب قولها فهي تعتبرها الصفة الأسمى بين جميع الصفات البشرية، مبينة أن نسيان جميع المواقف الجيدة مقابل موقف واحد يعتبر أنانية وقسوة من الإنسان وبهذا الفعل “يخسر قيمة العلاقات التي تستمر لسنوات فليس هنالك إنسانا معصوما عن الخطأ “.
وتشير إلى أنها اختبرت مواقف مختلفة مع الآخرين وكان شعور الحزن والغضب يتملكها في بداية الموقف ولكنها في كل مرة كانت تختار أن تستمع لهم وتعذرهم وتقدم لهم فرصة ثانية.
وتعتقد نسرين أن على الفرد أن يقدر ظروف الآخرين فالتسامح يكون بالحد والقدر المسموح به وبحسب قوة العلاقة ومتانتها.
بينما عمر(33 عاما) يختلف معها في التفكير إذ أنه ينهي علاقته من الموقف الأول، مبررا أنه بذلك يحمي نفسه من الأذى وهذا المبدأ الذي يتخذه في حياته ولا يرى فيه أي أنانية بل هو الخيار الصحيح لمصلحته.
ويوضح عمر أن أعطاء الفرص لمن لا يستحق جعله يتخذ هذا المبدأ وهو بذلك راضيا عن علاقاته، حيث ينهي العلاقة من الخطأ الأول واضعا بذلك نفسه فوق كل اعتبار.
اختصاصي علم النفس د. علي الغزو بين أن إعطاء الفرص من عدمها يعود لنمط شخصية الإنسان نفسه فهنالك شخصية متسامحة ومسالمة وهنالك أشخاص “عمليون” لديهم قاعدة في الحياة بأن الخطأ مرفوض وكذلك المسامحة عن المواقف والأخطاء.
ويوضح الغزو أن مثل هؤلاء الأشخاص لا يعطون الفرص خوفا من تمادي الطرف الآخر في المرة القادمة، لذلك يقطعون الطريق من البداية تحسبا للضرر والخسارة.
ومن جهة أخرى إذا كانت الشخصية نوعا ما تمتاز بالمرونة ومسالمة وتتصف بالتسامح من الممكن أن تعطي العديد من الفرص بحسب الغزو، فإذا كانت الخسائر أو الآثار السلبية عن الموقف بسيطة يمكن أن “يمررها الشخص” لذلك يقدم فرصا عديدة، مؤكدا بذلك أن هذا الإنسان يكون متسامحا بدرجة كبيرة نوعا ما.
ويشير الغزو إلى أن الأشخاص المتسامحين متفاوتين في درجة التسامح فقد يقدم أحدهم فرصة واحدة فقط وغيره يقدم فرصتين وثلاثا فهي تختلف باختلاف الإنسان والمبدأ الذي يعتمد عليه وما هي الآثار السلبية التي من الممكن أن تلحق بالأشخاص نتيجة المواقف التي تصدر من الطرف الآخر.
وينصح الغزو بإعطاء الفرص ولكن بالحد المعقول من دون أن تأخذ عنه صفة أنه إنسان يتجاوز أي خطأ فهذا الأمر قد يكون مزعجا له في المستقبل وقد يستغل أو يلحق به ضرر.
ويشير الغزو إلى أنه على الآخرين احترام وجهة نظر الشخص الذي لا يتقبل إعطاء فرصة فهو لم يصل لهذه المرحلة بسهولة والآن هو يمتلك نظاما في حياته ومبدأ يسير عليه، لذلك لا نستطيع أن نطلق عليه صفات بأنه قاس أو أناني وكذلك الذي يقدم الفرص بأن لا نعتبره إنسانا ضعيفا.
ووفق الغزو، لكل شخص وجهة نظره ويأخذ الأمر من زاوية معينة وفي النهاية ليس هنالك شخص يصل لهذا الأمر إلا بعد أن مر بتجارب وخبرات وتعلم منها الكثير وقادته لهذا المبدأ ومن الممكن أنه في فترة من حياته قد كان متسامحا لكن تغير بتغير الأحوال والمواقف التي مرا بها، فالطيب قد يصبح قاسيا والأمين قد يصبح خائنا فالصفات النفسية غالبا ما تتغير بين الفترة والأخرى فقد تعزز هذه الصفات وتنمو إذا كانت صفة جيدة ومن الممكن أن تنعكس الصورة تماما.
ويؤكد الغزو أن للتسامح أثره الإيجابي على الإنسان ولكن كل شي بقدر فعليه أن لا يكون متسامحا لدرجة يفقد حقه ويلحق فيه ضرر سواء نفسي أو مادي، فمصلحة الفرد فوق كل اعتبار والتوازن في كل شيء هو الذي يقي الإنسان شر أي إنسان آخر فالوسطية هي الحل الأنسب.
ومن الجانب الاجتماعي يبين الدكتور محمد جريبيع أن الحياة قائمة على العلاقات الاجتماعية وأساس العلاقات قائم على التكامل والمنافع المتبادلة، إذ أن فكرة العلاقات الإنسانية هي منافع متبادلة، موضحا أن طبيعة الإنسان تعتمد على نوعية العلاقات وهنالك أشخاص تستمر علاقاتهم الاجتماعية لفترات طويلة وغيرهم غير ثابتين في علاقاتهم.
ومن جهة أخرى هنالك أشخاص بمجرد خطأ واحد يصدر يأخذون قرارا بقطع العلاقة وانهائها وهذه بالنهاية تعود إلى طبيعية الشخص نفسه.
وينوه جريبيع على أهمية أن تمتاز العلاقات الاجتماعية بالتسامح والتغاظي حتى مع العائلة، فإذا كان الإنسان سيقف على كل تصرف ويقطع علاقاته قد لا يستمر في أي منها، وبذلك سيأتي يوم لن يجد أحدا، مؤكدا أن الآثار الاجتماعية للعلاقات الإنسانية تقوم على التسامح والتغاظي ببعض المواقف.
ويؤكد جريبيع على أهمية أعطاء الفرص ففي النهاية لا أحد يعلم ظروف الآخرين، مبينا أننا كبشر نحتاج إلى فرص كثيرة في الحياة وعلاقتنا قائمة على اصطياد الفرص والبحث عنها لذلك من المهم ان يطغى الود والمحبة، ويختتم حديثه بأن التسامح في الأساس هو “جزء من ثقافتنا وديننا وشخصياتنا ونحن نلجأ له عندما نكون نريد أن نقدم للآخرين شعورا أفضل ونقدر ظروفهم ونقف بجانبهم”.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

عـاجـل :