-

كتابنا

تاريخ النشر - 27-12-2022 10:08 AM     عدد المشاهدات 226    | عدد التعليقات 0

رَجُلُ المَبَادِئِ والمَوَاقِفِ في رثاء الأديب والعلَّامة إبراهيم العجلوني

الهاشمية نيوز - سعيد يعقوب
نَبَأٌ أًطَارَ النَّوْمَ عَنْ أَجْفَاني *** وَأَسَالَ مِنْهَا الدَّمْعَ حِينَ أَتَاني
أَدْمَى فُؤَادِيْ حَسْرَةً وَتَفَجُّعًا *** وَبِمُهْجَتِيْ أَذْكَى لَظَى النِّيرَانِ
وَأَهَاجَ بِيْ مَا كُنْتُ أَحْسَبُ أَنَّهُ *** قَدْ جَفَّ بَعْدَ تَتَابُعِ الأَحْزَانِ
فِيْ كُلِّ يَوْمٍ رَاحِلٌ مِنْ إِخْوَتِيْ *** للِه نَابُ الفَقْدِ كَمْ أَدْمَاني
يَا مَوْتُ مَا أَبْقَيْتَ لِيْ مِنْ صَاحِبٍ *** وَفَجَعْتَنِيْ فِيْ صَفْوَةِ الإِخْوَانِ
إِنَّ الذِيْ يُرْخِيْ الزَّمَانُ زِمَامَهُ *** يَصْلَى بِفَقْدِ الأَهْلِ وَالخِلَّانِ
وَكَأَنَّمَا مَنْ مَاتَ فِيْ عُمُرِ الصِّبَا *** أَمِنَ الأَسَى مِنْ لَوْعَةِ الفُقْدَانِ
وَكَأَنَّمَا المَحْظُوظُ فِيْ الدُّنْيَا الذِيْ *** عُصِمَ الأَذَى مِنْ فُرْقَةِ النُّدْمَانِ
رَبَّاهُ هَذَا أَيُّ يَوْمٍ أَسْوَدٍ *** لَمَّا نَعَى النَّاعِيْ (أَبَا سُلْطَانِ)
نَعْيٌ أَصَمَّ مِنَ الفُجَاءَةِ مَسْمَعِيْ *** وَهَوَى بِهِ صَبْرِيْ وَهَزَّ كِيَاني
مَادَتْ بِيَ الدُّنْيَا وَخَارَ تَجَلُّدِيْ *** وَتَزَلْزَلَتْ مِنْ وَقْعِهِ أَرْكَاني
لِلهِ أَيُّ عِمَادِ عِلْمٍ قَدْ هَوَى *** لَيْتَ الذِيْ يَنْعَاهُ كَانَ نَعَاني
مَنْ كَانَ لِلْأَخْلَاقِ أَكْبَرَ قَلْعَةٍ *** وَمَثَابَةَ الآدَابِ وَالإِيمَانِ
فَإِذَا جَزِعْتُ عَلَيْهِ لَمْ أَجْزَعْ سِوَى *** لَأَخٍ كَرِيمٍ طَاهِرِ الأَرْدَانِ
وَإِذَا بَكَيْتُ عَلَيْهِ أَبْكِيْ لِلَّذِيْ *** أَعْطَى بِإِخْلَاصٍ وَكُلِّ تَفَانِ
وَإِذَا رَثَيْتُ فَمَا رَثَيْتُ سِوَى فَتَىً *** عَفِّ السَّرِيرَةِ ثَابِتِ الأَلْوَانِ
يَمْضِيْ الزَّمَانُ وَمَا تَغَيَّرَ جِلْدُهُ *** كَتَغَيُّرِ الحِرْبَاءِ كُلَّ أَوَانِ
رَجُلُ المَبَادِئِ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يـُـــــــــــبَــــــــاعُ وَيُشْتَرَى بِالأَصْفَرِ الرَّنَانِ
رَجُلُ المَوَاقِفِ كَمْ أَشَارَتْ نَحْوَهُ *** كَفٌّ، لِرِفْعَةِ قَدْرِهِ، بِبَنَانِ
لَمْ أَنْسَ يَوْمَ وَقَفْتَ وِقْفَةَ مُنْصِفٍ *** تُثْنِيْ عَلَى مَا جَاءَ فِيْ دِيوَاني
فَرَفَعْتَ قَدْرِيْ مِنَّةً وَتَكَرُّمًا *** وَذَهَبْتَ بَيْنَ النَّاسِ تُعْظِمُ شَاني
حَتَّى أَثَرْتَ عَلَيَّ حِقْدَ حَوَاسِدِيْ *** وَأَغَظْتَ كُلَّ مُكَابِرٍ عَادَاني
فَإِذَا أَتَيْتُ أَفِيكَ حَقًّا إِنَّنِيْ *** أَجْزِيْ عَلَى الإِحْسَانِ بِالإِحْسَانِ
مَا كُنْتُ أُنْكِرُ لِلْكَرِيمِ صَنِيعَةً *** وَعَلَى الجَمِيلِ أَرُدُّ بَالنُّكْرَانِ
مَا كَانَ (إِبْرَاهِيمُ) إِلَّا قِصَّةً *** لِلصَّبْرِ قَدْ كُتِبَتْ بِأَحْمَرَ قَانِ
شَقَّ الطَّرِيقَ مِنَ الصُّخُورِ بِعَزْمِهِ *** فَإِذَا خُطَاهُ عَلَى ذُرَا كِيوَانِ
وَهُوَ العِصَامِيُّ الذِيْ بَلَغَ المَدَى *** مِنْ غَيْرِ رَافِعَةٍ وَلَا سُلْطَانِ
مَا كَانَ أَقْصَى هَمِّهِ الدُّنْيَا وَمَا *** فِيهَا رَأَى إِلَّا مَتَاعًا فَاني
بَلْ كَانَ مَطْلَبُهُ السُّمُوَّ إِلَى السَّنَا *** لِيَطِيرَ نَحْوَ العَالَمِ النُّورَاني
قَتَلَ المُيُولَ بِنَفْسِهِ حَتَّى نَجَا *** مِنْ هُوَّةِ الأَهْوَاءِ وَالأَدْرَانِ
مُتَطَلِّعًا لِلْغَايَةِ الكُبْرَى التِيْ *** عَصَمَتْهُ مِنْ رِبْحٍ وَمِنْ خُسْرَانِ
حَمَلَتْهُ أَجْنِحَةُ الضِّيَاءِ لِمَنْزِلٍ *** سَامٍ بِقَلْبِ العَالَمِ الرُّوحَاني
طَلَبَ الذِيْ يَبْقَى وَلَا يَفْنَى عَلَى *** مَا يَقْتِضِيْ مِنْ فَادِحِ الأَثْمَانِ
وَرَأَى العَطَاءَ كَأَّنَهُ أَخْذٌ وَلَمْ *** يَوْمًا يَكُنْ بِالآسِفِ النَّدْمَانِ
وَالنَّفْسُ إِنْ تَكْبُرْ فَإِنَّ لِرَبِّهَا *** لَذَّ الذِيْ يَلْقَاهُ مِنْ حِرْمَانِ
وَرَأَى المَسَرَّةَ فِيْ الذِيْ يَلْقَاهُ مِنْ *** عَنَتٍ وَمَا قَدْ كَانَ مِنْهُ يُعَاني
يَا صَاحِبَ الفِكْرِ النَّقِيِّ تَحِيَّةً *** تَأْتِيْ إِلَيْكَ بِجَنَّةِ الرِّضْوَانِ
مَا بَيْنَ أَنْهَارٍ وَظِلٍّ وَارِفٍ *** فِيْ الخُلْدِ بَيْنَ الرَّوْحِ وَالرَّيْحَانِ
فَاهْنَأْ بِمَا نُوِّلْتَ مِنْ أَغْلَى المُنَى *** مُتَنَعِّمًا فِيْ رَحْمَةِ الرَّحْمَنِ
هَذَا هُوَ الفَوْزُ العَظِيمُ وَإِنَّ مَنْ *** يَظْفَرْ بِهِ يَظْفَرْ بِكُلِّ أَمَانِ
يَا صَاحِبَ الشِّيَمِ الرَّفِيعَةِ لَوْ أَنَا *** أَحْصَيْتُهَا عَدًّا لَكَلَّ لِسَاني
مَاذَا أُحَدِّثُ عَنْ نَقَاءِ سَرِيرَةٍ *** وَطَهَارَةٍ وَتَسَامُحٍ وَحَنَانِ
وَمُرُوءَةٍ وَشَهَامَةٍ وَأَصَالَةٍ *** وَفَصَاحَةٍ وَبَلَاغَةٍ وَبَيَانِ
وَجَرَاءَةٍ فِيْ الحَقِّ لَمْ تَرْهَبْ بِهَا *** أَحَدًا وَلَمْ تَتْبَعْ خُطَا شَيْطَانِ
مَا كُنْتَ إِلَّا رَمْزَ كُلِّ فَضِيلَةٍ *** وَكَذَا يَكُونُ العَالِمُ الرَّبَّاني
شَهِدَتْ لَكَ الأَسْفَارُ وَهْيَ نَفِيسَةٌ *** بِفَضَائِلٍ تَعْصَى عَلَى الكِتْمَانِ
فِكْرٌ طَلِيقٌ فِيْ الفَضَاءِ مُحَلِّقٌ *** لَا قَيْدَ يَثْنِيهِ عَنِ الطَّيَرَانِ
تَجْتَابُ أَمْدَاءَ الزَّمَانِ مُسَافِرًا *** وَتَغُوصُ فِيْ أَعْمَاقِ كُلِّ مَكَانِ
دَافَعْتَ عَنْ قِيَمٍ لِخَيْرِ حَضَارَةٍ *** هَدَفَتْ لِصَوْنِ كَرَامَةِ الإِنْسَانِ
بُنِيَتْ عَلَى أُسُسِ العَدَالَةِ وَالتُّقَى *** وَهُمَا عَلَى الإِنْصَافِ خَيْرُ ضَمَانِ
أَنَّى تُضَعْضِعُهَا الحَوَادِثُ إِنْ جَرَتْ *** مِنْ حَوْلِهَا حُمَمًا مِنَ البُرْكَانِ
وَذَبَبْتَ عَنْهَا كُلَّ شُبْهَةِ زَائِغٍ *** مِمَّنْ حَشَاهُ تَفِيضُ بِالشَّنَآنِ
مُتَسَلِّحًا بِالحَقِّ تُفْحِمُهُ بِمَا *** أُوتِيتَ مِنْ عَقْلٍ وَنُورِ جَنَانِ
وَبِمَا تُقَدِّمُ مِنْ دَلِيلٍ وَاضِحٍ *** وَتُقِيمُهُ مِنْ سَاطِعِ البُرْهَانِ
لِلهِ أَنْتَ مُدَافِعًا عَنْ أُمَّةٍ *** مُنِيَتْ بِكُلِّ مَرَارَةِ الخِذْلَانِ
يَا شَاعِرًا كَمْ قَدْ سَبَانَا لَفْظُهُ *** لَمَّا جَرَى كَالسِّحْرِ فِيْ الآذَانِ
صَوَّرْتَ بِالمَعْنَى الدَّقِيقِ عَوَاطِفًا *** كَمُنَتْ بِعُمْقِ الرُّوحِ وَالوِجْدَانِ
كَمْ أَذْهَلَتْنَا فِيْ قَصِيدِكَ صُورَةٌ *** لَمَّا جَلَتْهَا رِيشَةُ الفَنَّانِ
وَشَغَفْتَنَا حُبًّا بِمُبْتَكَرِ الرُّؤَى *** وَبِمَا تُقَدِّمُ مِنْ جَدِيدِ مَعَانِ
وَلَكَمْ ثَمِلْنَا مِنْ حَدِيثٍ مَاتِعٍ *** وَبِمَا عَزَفْتَ لَنَا مِنَ الأَلْحَانِ
وَلَكَمْ سُرِرْنَا بِالذِيْ أَتْحَفْتَنَا *** مِمَّا يَفُوقُ نَفَائِسَ العِقْيَانِ
سَتَظَلُّ فِينَا خَالِدًا أَبَدًا عَلَى *** طُولِ المَدَى وَتَعَاقُبِ الأَزْمَانِ
وَكَذَلِكَ العُظَمَاءُ يَبْقَى ذِكْرُهُمْ *** حَيًّا وَلَا يُطْوَى مِنَ النِّسْيَانِ






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :