-

كتابنا

تاريخ النشر - 19-12-2022 09:57 AM     عدد المشاهدات 282    | عدد التعليقات 0

(الوحش) .. من يوميات معلمة

الهاشمية نيوز - قصة: نسيبة علاونة

بعدَ أن أغلقَت بابَ الصَّفِ والتفَتت للوجوهِ البريئةِ المُحدِّقةِ بها مرتجفةً بانتظارِ توزيعِ أوراقِ الامتحانِ.. شعرَت بنفسِها قد صارَت عملاقةً مثلَ الوحشِ الأُسطوريِّ الذي يدوسُ بقَدَميهِ سقوفَ البيوت.. وما إن بدأت بتوزيعِ الأوراقِ حتّى أدرَكَت أنّها بدايةُ المُواجهةِ، نظرَتُها الحادَّةُ تماشيًا مع مَهَمّةِ المُراقَبةِ التي أُوكِلَت إليها، كانت تذهبُ أبعدَ من الوجوهِ والملامحِ وتُعاقبُ أغوارَ النَّفسِ التي قد تأمرُ صاحِبَتها الصَّغيرةَ الجميلةَ باقترافِ خطيئةِ الغشِّ من الرَّفيقةِ الأُخرى التي ما انفكَّت تُبادِلُها مخطوطةً قديمةً من النَّظراتِ المُعقِّدَةِ بالنِّسبةِ لوحشٍ مُتطَفَّلٍ مُتَنَقِّلٍّ بوشاحٍ صُوفِيٍّ عريضٍ ويدَينِ مكتوفَتينِ مُخيفَتينِ وصمتٍ يُنذِرُ بهبوبِ عاصفةٍ صوتيَّةٍ مُباغِتة، ساءَها ما قد تَؤولُ إليهِ لو تفاقمَ الأمرُ، وتذَكِّرت كيفَ كانَت تَحلُمُ بأن تَكبُرَ وتصيرَ مُعلّمةً و ظلّت تكبُرُ وتمتدُّ كصوتٍ َ ناشزٍ خارجَ اللحنِ حتّى صارَت بالنّهايةِ وحشًا كبيرًا مُتَحَكِّمًا بزمامِ صَفٍّ كاملٍ بِكلِّ ما فيهِ، وفجأةً فتَحَت ذِراعَيها المَكتوفَتَين بِقُوَّةٍ، فسقطَ وجهُها ساحبًا معهُ الوشاحَ الصوفيَّ والنظّارةَ السَّمِيكَةَ وشاهدت نفسَها تجلسُ بمريولها، بينَ الوُجوهِ الملائكيّةِ وقد نبَتَت لها أصابعٌ طريَّةٌ تُمسِكُ قلمَ رصاصٍ تكتُبُ وتَمحو، تُقَلِّبُ الورقةَ مِرارًا، تُضيفُ مُرتَبِكَةً سُطورًا هُنا وهُناك ، تكتبُ داخل قلبٍ صغير بآخر الصّفحةِ: «ياااا رب أصير معلمة مثلك يا مس»..
إلاّ أنها تخافُ كُلّما صاحَ الوحشُ بنبرةِ صوتِهِ الحديديةِ:
باقي من الزَّمنِ كذا».






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :