-

المجتمع والناس

تاريخ النشر - 13-10-2022 09:46 AM     عدد المشاهدات 193    | عدد التعليقات 0

السعدي يتحدى الإعاقة ويستشعر الأمان بمشروع صناعة الإكسسوارات

الهاشمية نيوز - في طرقات الحياة الطويلة المتعرجة، يفتش الشاب يزن السعدي (32 عاما) عن لحظة أمان وسط مخاوف وصعوبات يعيشها مرغما. هو بانتمائه للحياة يحاول أن يجد نفسه ويثبت أن له الحق كأي إنسان آخر يحلم ويخطط ويطمح للوصول إلى ما يصبو اليه.
يبحث يزن، وهو شخص من ذوي الإعاقة، عن واقع أكثر احتواء حتى يستطيع أن يتجاوز كل العوائق بإرادته؛ حيث عانى من التنمر كثيرا، وخاصة خلال دراسته، هو لم يجد التقبل الكافي ولم يحظ بأي اهتمام سوى من عائلته التي قدمت وما تزال لليوم تقدم له الحب والرعاية والأمان.
نظرات الناس القاسية من قبل البعض والتعدي عليه نفسيا لدرجة الأذى، كل تلك الأشياء وأكثر أجبرته على ترك المدرسة والتخلي عن حقه في أن يتعلم كبقية أقرانه، فلم يتحمل القسوة، لذا قررت أسرته أن تبعده بعض الشيء عن الألم وتجنبه المواجهة اعتقادا منها أن البعد هو الحل.
اشترك في العديد من الأنشطة والدورات وعشق الرياضة، إضافة إلى احترافه صناعة الخرز وتصميمه بأشكال تبرز حجم الإبداع والحس الفني لديه.
إصابته بنقص في الأكسجين خلال الولادة أثرت لاحقا على النمو والنطق عنده، وفق والدة يزن، جميلة السعدي، وكان ذلك قبل أكثر من 30 عاما، حيث لم يكن هناك اهتمام بفئة ذوي الإعاقة، والصعوبات والتحديات كانت أكبر، كما أن المسؤولية كلها تقع على عاتق الأهل.
وتشير إلى أنها بذلت جهدا كبيرا حتى أوصلت ابنها إلى ما هو عليه اليوم، دعمته بكل قوتها ولم تتركه يوما للإحباط، بل ظلت تشد على يده تقويه وتبث فيه الأمل.
قبل أن يكمل ابنها العام والنصف، لم تكن تعلم بأنه يعاني من أي مشكلة، لكن تأخره في النطق هو ما خلق لديهم الشكوك، لذلك كان من الضروري عرضه على الأطباء لفهم مشكلته. وبعد تشخيص حالته بدأت الأم بتدريبه على النطق وألحقته في عمر الأربع سنوات بالروضة لتعليمه القراءة والكتابة وبعض المهارات الأساسية. ورغم انعدام الإرشاد والتوجيه، إلا أن ذلك لم يمنع عائلة يزن من الاهتمام به والمحاولة بشتى الطرق من أجله لكي يستطيع الوقوف في وجه الحياة والناس.
يزن عانى من التنمر داخل أسوار المدرسة وتأذى نفسيا لأقصى حد، إذ إن حالته النفسية الصعبة في ذلك الوقت استدعت عرضه على اختصاصي نفسي لمعالجته والتخفيف من يأسه وحزنه، فقد تحول لشخص عصبي جدا يتضايق من أي كلمة. وحسب قول والدته، فقد أجبر على ترك المدرسة لكنه لم يترك الحياة أو ينسحب منها بسبب إعاقته بل على العكس كان يخرج دائما برفقة أهله ويشترك بالكثير من النشاطات وخاصة الرياضة.
وتنوه الأم إلى أن خوفهم عليه من أن ينتكس أكثر ويضيع كل تعبهم، هو ما دفعهم لإخراجه من المدرسة، لكنهم في الوقت نفسه حاولوا كأسرة توفير الأجهزة الإلكترونية له، فهو مولع بها يسعد باقتنائها والتعامل معها، محاولين بذلك أن يشغلوا وقته بما هو مفيد، إضافة لمشاركته بالرحلات والمناسبات. تقول الأم “لم نتردد يوما بدمجه اجتماعيا، حاولنا بكل طاقتنا أن نخلق له حياة تناسبه وتسعده ويكون مرتاحا آمنا على الأقل”.
ومع مرور الوقت، كان القرار أن تترك والدته عملها من أجل أن تهتم به أكثر، وأيضا من أجل أن توجد له مشروعا يستند إليه. احترافه لصناعة الخرز والإكسسوارات جاء بعد أن حضر يزن بصحبة والدته دورة تعنى بعمل الإكسسوارات، ومن هنا ظهر ميوله لهذه الحرفة، هو لم يكن مجرد هاوٍ، ذوقه وإحساسه وقدرته على أن يشتغل القطعة بتميز وإبداع، كلها عوامل ساعدت يزن على أن ينجح في هذا المجال ويقدم أفضل ما لديه. ومن شدة حبه للحرفة استطاع أن يتغلب على كل العقبات ويتجاوزها بإصراره. شارك في الكثير من البازارات وكانت مشغولاته دائما تحظى بإعجاب الناس ودعمهم، الأمر الذي يعطيه حتما اليوم دفعة للأمام وثقة أكبر بما ينتجه.
ترى الأم أن المعاناة ما تزال كبيرة مع أولئك الذين يسيئون للآخر فقط لمجرد أنه يعيش وضعا خاصا، فهناك تنمر من البعض يفقدهم الإحساس بالأمان ويتسبب في إرجاعهم للخلف، وهذا كله بالتأكيد يتعب الأهل ويزيد من مسؤولياتهم، لافتة الى أن هنالك حاجة لمن يقف إلى جانبهم وأيضا هم بحاجة للدعم من جميع الجهات.
ويبقى الحل لتخطي كل تلك التحديات العمل جديا على تطبيق الدمج ونشر التوعية أكثر ليسهل التقبل ويصبح الكل سواسية. كما من المهم جدا وجود جمعيات ومؤسسات في كل المحافظات، دورها احتضان أفراد هذه الفئة بشكل حقيقي وتوجيههم لما هو خير لهم وتمكينهم من فرص على مستوى العمل تمنحهم الأمان الوظيفي، فهم بحاجة لأن يشعروا بالأمان في شتى نواحي حياتهم.
أكثر ما يخيف أم يزن على ابنها اليوم هو أن يكون فريسة لأشخاص لا يرحمون، فهم من جهة لا يريدون سجن أبنائهم وعزلهم عن الحياة، ومن جهة أخرى أصبح الواقع أكثر خوفا، مؤكدة أن يدا واحدة لا تصفق ولا تحمي كما يجب، وأنهم كأهال بحاجة لتعاون كل الأطراف من أجل أن يكون الاستثمار في هؤلاء الأبناء مجديا ونافعا.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :