-

المجتمع والناس

تاريخ النشر - 10-10-2022 09:01 AM     عدد المشاهدات 219    | عدد التعليقات 0

هل يقع أشخاص فريسة (أوهام الصدفة) عند رسم مسار الأيام؟

الهاشمية نيوز - في مشاعر الفرح والحزن، في الخلافات وحتى الأحداث اليومية بما تحمله من تفاصيل سعيدة وأخرى مؤلمة، يربط كثيرون تلك المشاعر تلقائيا بمصادفات قد تحدث وتحدد بالتالي الشعور بالتفاؤل أو التشاؤم.
خولة علي (58 عاما)، تربط كل ما تقوم به من اجراءات ومعاملات بأيام محددة، حيث تتفاءل بها وتعتقد ان كل امورها تتيسر بتلك الأيام ولا تواجه أي صعوبات، ومنذ ما يقارب الثلاثين عاما تفضل اجراء اي معاملات بنكية او حكومية بيومي الأحد والثلاثاء، وتنصح ابناءها بذات الشيء.
وفي الوقت الذي تضطر به للقيام بأي معاملة في ايام مختلفة وبالمصادفة لا تتيسر امورها، تربط الأمر بأنها لم تذهب بالأيام التي تتفاءل بها. ورغم أن ذلك يأتي من باب المصادفات الا انها تسيّر حياتها بناء على هذا الشيء.
أما رواية منال تيسير مختلفة، ومحورها الأساس “حنة شعرها” التي انقطعت عنها منذ ما يقارب خمسة أعوام، مبينة انها مرتبطة لديها بحوادث سيئة ومحزنة، ففي كل مرة تزور فيها عائلتها وتقوم بوضع الحناء على شعرها تبدأ المشاكل والخلافات العائلية، والاحداث المحزنة. لا تعرف منال ما سبب هذه المصادفات، لكن أصبحت تخاف كثيرا وتبتعد عن كل ما تعتقد أنه مسببات لذلك، وعلى أمل ألا تتكرر تلك الاحداث. أحيانا، ومن باب المزاح مع عائلتها تطلب بأن يسيروا على هواها وإلا وضعت الحناء على شعرها لتكون هذه الاحداث اليوم ليست أكثر من ذكريات تستذكرها هي وعائلتها.
أما الكيكة التركية، تشكل حلوى تشاؤمية لعائلة أبو عون الذي قرر قرارا نهائيا بألا تدخل بيته، اذ ارتبطت لديه بأحداث سلبية تحدث له وزوجته بعد شرائها، خصوصا مع تكرار هذه الحوداث لأكثر من أربع مرات.
في المقابل حينما تصحو غدير محمد من نومها، تبحث عن أي علامة تطلق في محيطها لتعرف كيفية سيكون يومها، كما ان ارتباط الفرح لديها يكون برقم سبعة، حيث تبحث عن مكان عادة يكون فيه هذا الرقم، أو رقم موقف اصطفاف سيارتها، أو حتى إن شاهدت فيلما أو مسلسلا ويظهر هذا الرقم تشعر بسعادة، وكأنه علامة فارقة في حياتها وتشعر بالطمأنينة عندما تشاهده ويتعدل مزاجها إن شاهدت هذا الرقم مصادفة.
أما “المجدرة” فتم منع طبخها في بيت مرام نهائيا، خصوصا بعد أن شهدت على خلافات كبيرة في بيتها مع زوجها وأولادها، او احداث محزنة. تقول”كلما طبخت تلك الاكلة طبخة في حياتها، إما أن يمرض احد او يتوفى شخص مقرب من عائلتها، أو مشكلة كبيرة تحدث بينها وبين زوجها، أو دخول أحد اطفالها للمستشفى، ما جعلها وبعد كل هذه المصادفات تمنع عن عائلتها طبخة المجدرة نهائيا في البيت.
ويرى اختصاصي علم النفس د. علي الغزو بأن هذه الاسقاطات التي يقوم بها البعض على أحداث تتكرر في حياتهم وربطها بشيء يقومون به أو رقم محدد أو شخص معين، ما هي إلا أوهام لا يمكن تعميمها ولا يمكن جعلها عامل مؤثر وكأنها حقيقية.
وحتى مع تكرارها، يجب أن يكون الفرد أكثر ثقة وقوة من هذه الأحداث التي يمكن أن تشكل حالة من الوهم، وفي حالات مستعصية يمكن أن تؤدي إلى وسواس قهري بالمستقبل.
ويؤكد أن الفرد يتشكل من خلال خبراته وما يدور معه من أحداث بعيدا عن تربيته منذ الطفولة، لكن هذه الخبرات يتوجب على الفرد أن يقيس ما فيها، ويتعلم منها لكن لا يجعلها معيقة في حياته أو حياة الآخرين.
وينصح الغزو بكسر هذه الحالة والتفكير بها بشكل مختلف، فمثلا إبعاد القلق عن كل من يصدق هذه الاعتقادات وانها اوهام ليس اكثر.
ويؤكد أن محيط الفرد أو من يستمعون لهذه الخبرات والأحداث التي وقعت سلبا أو إيجابا، يجب أن يتمتعوا بحسن الإصغاء والأخذ بالأسباب التي أوقعت الحادثة السلبية أو المفرحة، بعيدا عن طعام أو أيام أو وأرقام او اشخاص.
وأحيانا لإبعاد هذا الوهم عن هؤلاء الأشخاص، بحسب الغزو من المهم التعامل بحزم بأن ما يتحدث به هذا الفرد غير معقول ولا منطقي ومن الممكن اثبات العكس لهم من خلال الاقدام على التجربة في ذات اليوم أو مع ذات الطعام على سبيل المثال.
اختصاصي علم الاجتماع د. محمد جريبيع يقول “بالنهاية ما هي إلا حالات فردية بنيت بناء على تكرار التجربة لكنها بعيدة عن العقل أو التصديق أو الحقيقة، فعلى الفرد أن يبقي إيمانه بالله وأن ما كتب في حياته إن كان مسيرا أو مخيرا فما هو إلا من الله عز وجلّ”.
ويضيف لكن أحيانا لا يمكن سلخ الفرد عن تجاربه، والتي تشكل له قناعات وروايات يتناقلها مع غيره، لكن على ألا تؤثر بحياته بشكل مباشر وتؤثر على حياة أبنائه أو عائلته.
ويشدد أن المعطيات متغيرة في حياة الفرد، فالتشاؤم والتفاؤل من شيء قد يكون نابعا عن وهم تكرار حدث ما. واحيانا ما يحدث مع الفرد من أمور سلبية أو إيجابية ما هي إلا نوع من الاستحضار العقلي لحادثة معينة، فتتشكل حالة من القلق تجعل الأمور معقدة، أو حالة من الفرح تجعل الأمور ميسرة، ويبقى الأمر ليس حقيقيا إلا أنه عامل نفسي يتحكم بتفكير الانسان.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :