-

اسرار وخفايا

تاريخ النشر - 29-09-2022 12:43 PM     عدد المشاهدات 247    | عدد التعليقات 0

ضبط محتوى التواصل .. ما الذي تعنيه هذه العبارة الأردنية

الهاشمية نيوز - «ضبط محتوى التواصل الاجتماعي».. ما الذي تعنيه هذه العبارة بصورة محددة؟
يتبنى مجلس وزراء الإعلام العرب مقترحاً أردنياً بالمناسبة تحت عنوان فرض رقابة ما في القرن الحالي على ما يتداوله الناس والمواطنون تحت ستار الشبكة الافتراضية. المشروع قدم في الماضي رغم أن من تحدث عنه مؤخراً وزير الاتصال الناطق الرسمي فيصل الشبول، ورغم أن عمان منذ 4 سنوات خططت لهذه الفكرة على طاولات مجلس الوزراء الإعلامي العربي الذي يشبه أحياناً مجلس وزراء الداخلية العرب، حيث تكثر الشكوى والتنمر من أسقف ومحتوى التواصل الاجتماعي وتتصدر كلمات لها علاقة بالمراقبة والمتابعة والضغط.

أمنية وليست مهنية
يلاحظ الجميع أن المفردات العربية في هذا السياق أمنية وليست مهنية، فبيانات الوزراء العرب لا تتحدث عن تطوير محتوى التواصل ولا عن تنمية المسار الأخلاقي في التعبير المنصاتي والتواصل بقدر ما تتحدث عن تفعيل وتنشيط الرقابة والتنظير لسلسلة من عمليات المنع والحجب والتدخل، يقول الخبراء إن العالم تجاوزها اليوم. بكل حال، ثمة أنصار كبار في النخبة الأردنية تحديداً لكل الأفكار المبتكرة تحت عنوان الرقابة والمنع والضبط.
لكن تذمر شخصيات بارزة مثل رؤساء وزارات وحتى رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز، وغيرهم، لا تقاربه أو تقايسه بعد محاولات جدية للرد على الأسئلة الحرجة التي يطرحها على الدولة قبل الناس الإعلام الجديد.
لا مشاريع حقيقية علنية على الأقل حتى الآن، وإحدى اللجان الاستشارية شكلها قبل سنوات بغطاء مستشار لشؤون الإعلام في الديوان الملكي، وضعت توصيات مهنية احترافية، لكن اللجنة وما اقترحته ومن شكلها تبرأ منهم الجميع بعد ولادة النص، ولا أحد يعرف البقية.
«لا يحب الأردنيون التحدث في الحقائق والوقائع ولا بمشكلاتهم الجوهرية».. قالها يوماً المخضرم عبد الرؤوف الروابدة، لكن هموم الأردنيين الكثيرة معيشياً يتم ترجمتها عبر التواصل وسط شكوك بأن تقود مشاريع ضبط المحتوى التي تقترح على الإعلام العربي الرسمي إلى أي نتائج منشودة أصلاً، ليس لأن المطلوب تثقيف السلوك والممارسة أو تطوير التعبير المهني فقط، ولكن لأن كلاسيكيات التشديد والرقابة والضرب والضبط والضغط هي التي تستدعى كلما شعرت الدولة بألم إلكتروني أو شعر الناس بوجع منصاتي.
فهْم الخبراء للضبط قد يختلف عن فهم الحكومة.
لكن الإبداع في اقتراح منهجيات رقابة تمارس الوصاية على محتوى الناس لا يمكنه أن يشكل استراتيجية عمل حقيقية تكفي المجتمع والدولة من شرور مرحلة ما بعد انفلات التعبير والتعليق، لأن ما تظهره كثير من الوقائع في الملفات المحرجة أو الموجعة التي فتحت عبر المنصات سواء في الخارج أو الداخل، إنما هو ناتج – وهذا ما لا تريد السلطة الاعتراف أو الإقرار به -بحصته الأدسم عن موظفين غاضبين في الوظيفة أو غادروها، وفي غالبية المؤسسات يحترفون التحفيز، وفي كثير من الأحيان تسريب الوثائق والمعلومات والمعطيات.
يلوم رئيس الوزراء المحنك الدكتور بشر الخصاونة، السوداوية التي يظهرها بعض الناس، ويلوم عضو البرلمان البارز الدكتور خير أبو صعليك بعد عدة نقاشات العدمية التي تعيق التطوير.
لكن لا الحكومة ولا البرلمان يبذلان الجهد الكافي والمقنع باتجاه الحد من ظاهرة التسريب ومن جهة موظفين رسميين غضبوا لسبب ما أو يمارسون البث السام من الخارج بعدما أخفقت الحكومة في ترفيع مناصبهم.
لا أحد في السلطة الرسمية يريد الإقرار بهذه الوقائع التي تنتج السوداوية عنها.
ولذلك يبدو الانشغال بمقولة ضبط محتوى التواصل الاجتماعي تغريداً خارج السياق الحقيقي تتناقله الحكومات وترثه عن بعضها دون الانشغال الموازي لا بفلسفة الإعلام الرسمي ولا بتطوير مهارات العاملين فيه، ولا حتى بوفرة الرواية المضادة في شرح الحقائق للرأي العام وبوقت ملائم فنياً في بلد تقول حكومته إنها تلاعب أكثر من 80 ألف حساب وهمي مشاغب ومدسوس يستهدف البلاد والعباد ويحاول إثارة السلبية. مهم على نحو أو آخر وضع برامج للتعاطي مع فوضى الـ»سوشال ميديا» الأردنية. لكن الأهم هو تفكيك الارتباطات وحصراً في مؤسسات الإعلام بين المفاهيم الأمنية المعتمدة دوماً والمفاهيم المهنية والسياسية أو الاحترافية.

تخفيض… لا تقييد
والأهم -برأي خبراء- انتقاد ليس تخفيض سقف حرية التعبير تحت عنوان الضبط والإمساك بمشكلة ما، ولكن رفع السقف واحترام معايير الرأي الآخر وإظهار تقدير للحريات العامة والتخفيف من الاعتقالات التعسفية بمبرر وبدونه، بالتوازي مع توفير الحد الأدنى من المساحة للاعتبار المهني في اختيار الرموز وقادة الوظائف.
والأسهل اليوم هو تقديم روايات رسمية مقنعة وصلبة في الإجابة على التساؤلات العالقة، بما فيها تلك التي يتسلل لعمق المجتمع عبرها المحترفون لنميمة البث والتعليق الإلكتروني في الخارج والداخل.
سهل جداً العمل على استرخاء الذات وإقناعها بأن الحل الأفضل فرض القيود باسم السلطة أو التشريعات، والأصعب هو إصلاح الأمور في الملف الإعلامي، لا بل تختار الحكومات المتعاقبة المعالجات الأسهل، والغريب أنها تفعل ذلك وتتوقع دوماً نتائج مثمرة لجهدها، الأمر الذي لا يحصل في نهايات بداياتها خاطئة أصلاً.
فيصل الشبول، وسلفه صخر دودين يحرصان على البحث عن حلول للحد من أضرار فوضى التواصل، وقد تكون جهودهما مشكورة وتستوجب الامتنان.
لكن عقل الدولة عليه أن يبدأ التفكير، برأي السياسي مروان الفاعوري، في هذه الإشكالية وهو خارج الصندوق المعلب.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

عـاجـل :