-

مقالات مختارة

تاريخ النشر - 29-08-2022 10:35 AM     عدد المشاهدات 216    | عدد التعليقات 0

مشاكل اليوم نتيجة حلول الأمس

الهاشمية نيوز -
عمر عليمات

تختصر مقولة الكاتب الأمريكي روبرت شولر «الإقدام على حل أي مشكلة يجب أن يُسبق بتوصيف جيد أو مقبول لها» واقع الكثير من المعضلات التي نعاني منها حالياً، بحيث أصبحت حلول الأمس جزءاً من مشكلة اليوم.

ورغم أن المشاكل التي تقف وراء مجيء.

اللافت أن الحكومات ترحل والمشكلة تبقى، هذا إذا لم تتعمق وتزداد تأثيراتها السلبية على المجتمع والدولة، وهذا ما يطرح السؤال الأهم وهو إذا كانت المشكلة معروفة فلماذا تعجز الحلول عن حلحلتها أو على أقل تقدير وقف تداعياتها وتطورها لتصبح معضلة عصية على الحل؟!.

مشاكلنا معروفة وشبه ثابتة وتتجلى في عدم القدرة على وقف تزايد نسب البطالة والفقر ومحاولة تقليلهما، وكل ما عدا ذلك من مشاكل ليس سوى نتائج طبيعية لهاتين المشكلتين، ورغم أنهما دائماً ما تتصدران بيان أي حكومة قادمة إلا أن الواقع يقول إنهما سبب رحيلها.

الاستعجال والبحث عن مكاسب سريعة «quick wins» أصبح مشكلة بحد ذاته، فالجميع يركض وراء حلول آنية دون الغوص في البحث عن مسببات وجذور المشاكل ووضع توصيف واقعي لها ولأسباب ظهورها، بحيث يتم معالجة الأعراض ويتم التغافل عن المرض المسبب لهذه الأعراض.

مشكلة الفقر والبطالة في الأردن مرتبطة بالتعليم ومخرجاته، ومشكلة التعليم مرتبطة بالثقافة السائدة في المجتمع، وثقافة المجتمع مرتبطة بالوعي العام، وكل ذلك مرتبط بقدرة الاقتصاد على خلق وظائف جديدة، لا إعادة تدوير لما هو موجود أصلاً، وهذه الدائرة المغلقة هي ذات الدائرة التي يدور فيها الجميع منذ سنوات طويلة دون أن نرى بصيص أمل لكسرها والخروج منها إلى واقع آخر، فالجميع انغمس في إيجاد «مسكنات للألم» من خلال زيادة أعداد المتلقين للدعم الاجتماعي وقوائم صندوق المعونة الوطنية والوظائف المؤقتة والكثير من التدخلات الطارئة التي تبدو أنها حل فيما هي في واقع الحال سبب في تعميق المشكلة أو ظهور مشكلة جديدة في قادم الأيام.

لنتفق أن الأزمة الاقتصادية التي ضربت الأردن في العام 1989 كانت جرس إنذار خطير وواضح أظهر الخلل الكبير في السياسات الاقتصادية والتنموية، فماذا فعلنا خلال العقود الثلاثة الماضية لإيجاد حلول جذرية للمشاكل التي أفرزتها تلك الأزمة؟ ولنتخيل مثلاً لو أن الحكومات المتعاقبة ركزت على إشكالية التعليم، وحفزت الشباب على التعليم الفني والتقني بدلاً من افتتاح جامعات جديدة بذات التخصصات التي يقال عنها اليوم أنها تخصصات مشبعة وراكدة، تخيلوا لو أن الحكومات وضعت أسس قاعدة صلبة للعمالة الفنية الماهرة، اليس هناك احتمال بأن نكون اليوم دولة مصنعة ومصدرة للكثير من السلع، أو على أقل تقدير تفضيل دول المنطقة لاستقطاب هذه العمالة؟، تخيلوا لو أننا تبنينا استراتيجية التركيز بدلاً من التشتيت، بحيث تم اختيار قطاع أو اثنين وتوحيد كافة الجهود لتطويرهما، اليس هناك احتمال أن يكون لدينا اليوم قطاع منافس على مستوى المنطقة، يكون لنا فيه ميزة على الآخرين في استقطاب الاستثمارات الأجنبية؟.

بالمحصلة فإن الكثير من مشاكلنا نتيجة طبيعية لعدم التوصيف الواقعي لها، والانغماس في معالجة الظواهر دون التركيز على الجذور، بالشكل الذي أصبحت فيه قمة المنطق القول بأن مشاكل اليوم نتيجة حلول الأمس، ورغم كل ذلك فما زال الوقت متاحاً للوقوف أمام مشاكلنا والتفكير جدياً في مسبباتها والعمل على معالجة مسبباتها بدلاً من الاستمرار في الدوران في ذات الدائرة.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

عـاجـل :