-

اخبار محلية

تاريخ النشر - 27-07-2022 09:18 AM     عدد المشاهدات 304    | عدد التعليقات 0

هل (ضخمت) المنصات الرقمية أحداث العنف المجتمعي؟!

الهاشمية نيوز - “تريند أساسه صورة أو مقاطع فيديو يحصد ملايين المشاهدات، يتخلله بحث عن بث مباشر لموقع جريمة أو تبعات حدث جرمي”، أمور باتت من ضمن التفاصيل اليومية التي يعيشها المواطن لجرائم تحدث في المجتمعات. ولكن المستغرب في كل ذلك هو تضخيم تلك الأحداث ونقلها أحيانا بشكل مبالغ به للعالم، الأمر الذي يشوه الجانب الإيجابي للمجتمع.
وبحسب بيانات رقمية نشرها هذا العام موقع “INTERNET WORLD STATS”، فإن ما نسبته 63.7 % من سكان الأردن هم من رواد موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، وإن عدد مستخدمي الإنترنت وصل إلى 8.7 مليون مستخدم وبنسبة انتشار 98.3 % مع نهاية العام الماضي، وهذا يعني أن هناك نسبة كبيرة من “ناقلي الأخبار” منشوراتهم بحاجة إلى إعادة ضبط لتجنب الوصول إلى حالة التخبط غير المسؤول، الذي جعل من أحداث الأردن “ترندات على مستويي العالم والإقليم”.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، تزامن وقوع جريمتي قتل مماثلتين في الأردن ومصر بتفاصيل قريبة في الأحداث، إلى حدوث ضجة إعلامية كبيرة، قد يكون ما زادها سوءا هو “إعلام السوشال ميديا”، الذي لا يتوانى عن نقل كل ما هو جاذب للمتابعين من مشاهد قد تكون غير مألوفة أو تلامس عاطفة المواطن، وبالتالي زيادة عدد “المشاهدات”.
الخبير الأمني الدكتور بشير الدعجة، يؤكد الانفتاح الإعلامي لمواقع التواصل الاجتماعي وتوظيفها من قبل المواطن الصحفي، الذي يتعمد أن يقوم بنشر الحدث دون “فلترة أخلاقية ومنطقية وأحياناً دون مراعاة الضوابط الاجتماعية”، بحثاً عن المشاهدات والإعجابات والشهرة الشخصية التي باتت هوس رواد تلك المواقع.
ويشير الدعجة إلى أن هذا “الانفلات”من شأنه كذلك أن يؤثر على طبيعة المخرجات والمواد الإعلامية التي تبث عبر المواقع، وبالتالي وجود مؤشرات سلبية على المجتمع، لذلك من الأهمية أن تشدد الجهات الأمنية على تفعيل قوانين الجرائم، بل وأن يتم تعديلها وتغليظ العقوبة بحق كل من يبث تلك الصورة السلبية والمبالغ فيها، والتي قد توسم الدولة أو بعض المناطق بأنها “جرمية وغير آمنة”، وتشوه الصورة الجميلة عن الوطن.
“النشر بهذه الطريقة غير المهنية ولا الأخلاقية من قبل المواطن ينقل لباقي دول المحيط وكأننا دولة جرمية، ويبني صورة ذهنية سلبية عن المجتمع”، كما يقول الدعجة، على الرغم من أن آخر تقرير تم نشره من قبل مديرية الأمن العام دحض هذه الصورة، وذلك من خلال تراجع أعداد الجرائم خلال النصف الأول من هذا العام مقارنة بالأعوام 2019، 2020، 2021، وبين أن الجريمة بأشكالها كافة في الأردن في انخفاض، عدا عن السرعة في كشف ملابسات القضايا الجرمية الأخرى.
ويطالب الدعجة، الحكومة، بضرورة إعادة النظر في التعامل مع كل شخص يبث وقائع الجرائم بتفاصيلها كافة التي تضر في مسار القضية، وتسبب “بلبلة” في المجتمع، والتي يقوم عادة المواطن بنشرها والبحث عن حيثيات غير مهمة، من دون وجود أي سلطة له للتدخل في تلك التفاصيل، بل وإن بعضهم ينشر الجريمة ويعلق على تفاصيلها ومنهم من يشكك بقدرة الجهات الأمنية على حل لغز الجرائم، وهذا ما شاهدنا مؤخراً في بعض قضايا الرأي العام.
بيد أن اختصاصي الصحة والمعالج النفسي الدكتور أحمد عيد الشخانبة، لا يعتقد أن وسائل التواصل الاجتماعي أسهمت في تضخيم صورة العنف في المجتمع، وكل ما في الأمر أن الأخبار وغيرها أصبح الوصول إليها ومعرفتها أسرع وأكثر انتشاراً بسبب مواقع التواصل، وزيادة عدد مستخدميها، فبالتالي هي ليست سببا لتضخيم الصورة العنيفة، وإنما فقط موصلة لتلك الأخبار بشكل أسرع، وفق رأيه.
ويتفق الشخانبة مع الدعجة، بأن من الأسباب التي جعلت من وسائل التواصل مثيرة للأخبار والرأي العام في كل حدث جرمي، هو غياب الرقابة عيها بشكل نسبي، فإذا ما تم المقارنة بين وسائل التواصل الاجتماعي والصحف، سنجد أنه يتابعها مجتمع كبير ومتكامل ومن مخلتف الأعمار والفئات والخلفيات، كما أن سقف الحرية والرقابة في الصحف هو أكثر صرامة من “العالم الافتراضي”.
ومن الأساليب التي تؤثر على تضخيم الأحداث الجرمية وتسيء للمجتمع كذلك، تعمد بعض المواطنين المتواجدين في موقع الجريمة إلى استخدام تقنية “البث المباشر لنقل الحدث”، التي يرى فيها الدعجة أنها طريقة لا تتبع أي ضوابط أخلاقية، لأنه لا يمكن الفلترة فيما بعد، مشيراً إلى “أننا إذا ما نظرنا إلى هذه الظاهرة في الأردن، ومقارنتها بباقي دول الإقليم، سنجد أنها أكثر انتشاراً لدينا، وهذا يعكس طبيعة الالتزام بقوانين النشر، ما من من شأنه كذلك أن يحافظ على صورة الدولة في الخارج”.
كما يقترح الدعجة أن تستعين الدولة بالخبرات في هذا الشأن لمعالجة العشوائية في نشر تفاصيل الجرائم، وكيفية ضبطها، ويطرح مثالاً على ذلك، بأن كاميرات المراقبة الموزعة في غالبية المحال التجارية أو البيوت يجب ألا يطلع على محتواها عند حدوث جريمة سوى الجهات الأمنية للاستدلال على تفاصيل الجريمة، ولا يجب أن تكون متاحة للجميع ونشر محتواها على السوشال ميديا من دون رقيب، إذ إن ذلك من الممكن أن يؤثر على سير التحقيق، ويقدم معلومات لا يجب أن تنشر للعلن، حفاظاً على الخصوصية في مجتمعنا الذي يمتاز بالتقارب المجتمعي العرفي والعائلي.
أستاذ علم الاجتماع والجريمة حسين محادين، كان قد تحدث لـ”الغد” عن ظاهرة العنف وتأثيرها على المجتمع، ودور مواقع التواصل الاجتماعي بذلك، مشيراً إلى أن الجرائم التي نشاهدها بين الحين والآخر، كان لمواقع التواصل أثر كبير في التعريف بها والخوض في تفاصيلها.
ويوصي محادين بأهمية المراقبة لاستخدام مواقع التواصل الاجتماعي، وأن يكون استخدامها “حضاريا” وحقيقيا بعيدا عن إبراز مظاهر العنف، إذ إن فضاء العالم الافتراضي مليء بتلك المشاهد التي تعكس ما يعاني منه العالم من توتر وعنف في الوقت ذاته.
وكان محادين قد أشار إلى أن الفرد الذي يتابع تلك القنوات بمختلف الأشكال لا بد له من أن يتشرب بعض الأفكار المطروحة، التي تكون عادة “تريند وخبرا منتشرا في دول عدة”، وقد ينعكس ذلك على أساليب الحوار المتبادل بين رواد تلك المواقع. وهنا كذلك قد يكون العامة “المواطنون” وغير المطلعين على الأحداث هم من يطلقون الأحكام ويبحثون على المداخل ليتصدروا المشهد حتى وإن كان هناك بعد عن الواقع والحقيقة، وهو ما تحدث عنه الدعجة، من أن العالم الافتراضي متاح ومن الأهمية بمكان وجود “ضبط وإعادة دراسة القوانين الخاصة بذلك”.
ويرى الشخانبة أن وسائل التواصل بشكل عام تزيد من انتشار الأخبار بشكل غير مباشر، وهذا لا يقتصر فقط على الجرائم والعنف، وإنما على جميع مناحي الحياة، كما في قصص “تعاطي المخدرات، على سبيل المثال، وتعرف المتابعين على أنواعها وأشكالها وتأثيرها، وهذا في علم النفس يسبب حدوث ظاهرة نفسية تسمى “أثر التعود””. ويوضح الشخانبة أن هذه الظاهرة تعني أن الحديث عن شيء ما أو ظاهرة ما لفترة طويلة أو لمرات عدة، يصبح على الرغم من “رفضه مجتمعياً”، أقل غرابة وأقل استهجانا، وبالتالي يزداد عدد مرتكبيه، فنجد أن الطفل والشاب قد يجد مبرراً للخطأ الذي يرتكبه، بقوله “كل الناس تعمل هيك”، وهذا ما ينطبق تماماً على العنف والجريمة.
ويحذر الشخانبة من أن انتشار العنف والجريمة في المجتمع له آثار سلبية بغض النظر عن أسباب هذا العنف، وأهمها فقدان الشعور بالأمن، وانكماش التفاعل الاجتماعي، وزيادة الانعزال بين الناس، وبين الأسر نفسها، وانتشار القلق والهلع، والأمراض السيكوماتية، وهي أمراض جسدية أسبابها نفسية.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :