-

مقالات مختارة

تاريخ النشر - 13-07-2022 09:55 AM     عدد المشاهدات 203    | عدد التعليقات 0

يحتاجون إلى بطولة الأمهات

الهاشمية نيوز -
رمزي الغزوي

ما كنّا لنشعر أن طفلة صديقي الصيني المرحة ذات الحضور البهي، و»اللهلوبة» في اللغتين الانجليزية والعربية إلى جانب لغتها الأم، تخبئ ألماً مركبا في جوانية روحها، وأنها باحت به بكل أريحية وبساطة في زيارتهم لنا قبل أربع سنوات.
قالت ابنتي إن رفيقتها تحسُّ أنها كائن معطوب، لا معنى لوجوده. فهي بلا عمٍّ أو عمة، ولا خال أو خالة، والأفدح أنها لن تكون مشروع عمة أو خالة لكائن ما في يوم ما. هي ستنشأ وحيدة كئيبة على حدّ قولها.
تذكرنا الحادثة بتعاطف كبير قبل أيام بعد أن قرأت لي زوجتي خبرا نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» عن مساعي الصين الحثيثة لتشجع الأمهات على إنجاب ثلاثة أطفال، مع طرح بعض الحوافز المالية والمهنية لكل أسرة تستجيب للنداء؛ بحجة وقف الأزمة الديموغرافية الحادة المتمثلة في شيخوخة المجمتع، وضعف الإقبال على الزواج، وزيادة عدد الذكور على عدد الإناث، بعد عقود عدة على التطبيق الصارم لسياسة أو قرار «الطفل الواحد للأسرة».
الحكومة التي كانت تعاقب وتغرّم، بل وتجبر الأمهات على الإجهاض صارت تطرح اليوم وبابتذال شديد شعارات تدعو الأزواج لإنجاب الأطفال من أجل البلاد، مما أثار انتقادات حادة وساخرة على وسائل التواصل الاجتماعي راى بعضها أن هذه السياسة متطفلة، ومنفصلة عن واقعها، وتفتقر إلى حسّ المراعاة والخصوصية والمنطق.
انتهجت الصين ذلك القرار الخطير عام 1978 مخالفة به حق الآباء والأمهات الشرعي في أن يقرروا بحرية ومسؤولية عدد أطفالهم، ومدى المباعدة بينهم. وهي لم تكتف بالتراجع عنه لحساب السماح بطفل ثانٍ عام 2015 كخطوة أولى، بل هي اليوم تنادي وبقوة واستغاثة بطفل ثالث لكل أسرة، رغم أنها كانت قبل ذلك تتباهى بأن القرار وقف في وجه الطوفان البشري الصيني، وكبح جماح أكثر من 400 مليون ولادة لم تر النور، غير آخذة بالحسبان أن ذلك التدخل سيصبح سببا في عدم التوازن بين الجنسين، فبعض الإحصائيات تشير إلى أن أكثر من ثلاثين مليون رجل لا يمكنهم العثور على زوجات صينيات، لأن الأسر في معمعية الانصياع للقرار كانت تفضل أن يكون طفلها الوحيد ذكرا، لأسباب لا تختلف كثيرا عن الأسباب التي تعرفها وتؤمن بها المجتمعات الشرقية.
لم يأت القرار بعد موت الزعيم المؤسس للجمهورية «ماو تسي تونغ» فحسب، بل جاء مغايرا لقرار له بعشرة أضعاف، فهو قد أخذ وطبق عن الاتحاد السوفيتي فكرة جائزة «البطلة الأم» المالية والمعنوية، التي كانت تمنح لكل من تنجب عشرة أطفال أو أكثر.
الصين التي تعد اليوم أكبر دولة من حيث عدد السكان في العالم ستبدأ حسب توقعات الأمم المتحدة، بعد ثمانية أعوام على الأكثر، بفقدان هذا الموقع، مع بقاء العدد في حدود 1.42 مليار نسمة.
لا أتوقع أبداً أن تستجيب غالبية الأسر الصينية لنداء الاستغاثة الحكومي، حتى ولو أوجدوا جائزة «الأم البطلة ذات الأطفال الثلاثة». الصين اعتادت على طفل الأسرة الواحد الوحيد، وتطبعت معه وتأقلمت عليه. والعادات دين الشعوب وديدنها.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :